تأملات رمضانية في القرآن | (26) القرآن وخارطة طريقة تربية قادة التغيير

القرآن وخارطة طريقة تربية قادة التغيير

2. الإيمان

كما أوضحنا في تأملاتنا في الليلة الماضية أن الإسلام وما يحتويه من أفكار وتصورات وآليات، هو نقطة الانطلاق إلى المستقبل الأفضل. فالإسلام يمكن الإنسان من معرفة ماضيه وحاضره. ومن ثم فإن المستقبل الحقيقي لابد وأن يكون ضمن الإطلاق من الحاضر الحقيقي.

الإيمان يرتب بالمستقبل. الإسلام تسليم بالحقائق الموجودة، أما الإيمان فهو تغيير هذه الحقائق إلى حقائق أفضل في المستقبل أو إيجاد حقائق جديدة ما كان بالإمكان تحقيقها في الماضي والحاضر، أو كان من الممكن لكن تم عدم السعي إلى ذلك.

فمن يحمل أي قضية حتى يكون منتصراً، فإنه لابد وأن يكون مؤمناً بها، أي لديه ثقة فيها وفي نفسه وفي الظروف التي ستساعد على الانتصار لها. فمن لايوجد لديه ذلك فلن يصدق نفسه ولن يصدقه الآخرون الذين تخدمهم القضية التي يجب عليهم المشاركة في الانتصار لأنفسهم.

الايمان تصديق:[الم(1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَرَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ(2)الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4)أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(5)].

ان الفلاح الحقيقي اي النجاح الحقيقي لايمكن ان يقاس خلال فترة زمنية قصيرة وانما يجب ان يقاس خلال فترات طويلة قد تكون العمر كله او قل خلال فترات طويلة من العمر من اجل ان يتم تقيم ما الذي تحقق. ولكن هذا التقييم لايكون ممكنا ومفهومها الا اذا كان للإنسان او لأي امة تصور كلي يشمل فترات طويلة من الزمن. يقول الله تعالى في سورة "المؤمنون":[قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8)وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(9)أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ(10)الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11)]. إذاً، المؤمنون هنا هم الذين يهدفون الى ان يكونوا ناجحين وفائزين وان كان ذلك بعد زمن معين. فأثر الصلاة خلال لحظة قصيرة قد لايدرك وبالتالي لايمكن ان يلمس المصلي حالة الخشوع اي معرفة عظمة الله. ان الصلاة هي قراءة خاصة للقران. والخشوع فيها يكون بتأثير القران. فالقران يؤثر في القلوب القاسية ويكون تأثيره في الصلاة عليها اكبر.

ان ذلك لايمكن ان يحدث الا في وقت طويل مع الحرص على الحفاظ على اثار الصلاة من خلال تجنب الافراط في اللغو قبل الصلاة واثناءها وقبل قراءة القران واثناء ذلك. فالقران يعالج أموراً حياتية جادة للناس ولمجموعهم. ومن ثم فان ممارسة اللغو اثناء قراءته او سماعه يجعل العقل غير مستعد لفهم القران.

القران يهدي للتي هي اقوم ولاشك ان ذلك يكون في المستقبل. فالإنسان العادي يستطيع ان يقيم قيمة ما يحدث في الوقت القصير ولكنه يصعب عليه ان يقيم ما يمكن ان يحدث في الاجل الطويل سواء كان ذلك ايجابيا او سلبيا. ومن ثم فان الانسان يحتاج الى ان يتعرف على الاجل الطويل. فالزكاة اي النمو والتحسن لايمكن إداركه الا في الاجل الطويل لمن يحرص على ذلك في كل اللحظات، وحتى التدهور والسقوط لايمكن ان يلمس الا في الاجل الطويل. السمعة الطيبة تحتاج الى الحرص عليها في كل الاوقات والظروف مثل مراقبة نقاط ضعف الانسان باستمرار حتى لاتتحول الى عادة له وكذلك الحرص على تقوية نقاط قوته باستمرار حتى لاتتراجع مثل الحفاظ على العهود والوعود والامانات. ولن يحرص الانسان على ذلك الا اذا اعتقد انه اذا تصرف على هذا النحو فان مستقبله سيكون افضل من ماضيه وحاضره وان لم يحرص ذلك فسيكون مستقبله أسوأ من الحاضر والماضي، هذه الثقة هي الايمان. هؤلاء هم الوارثون، اي ان مستقبلهم دائما افضل وهذا هو الفلاح والفوز. وعكسهم الذين يحبون اللحظة ولايثقون لابأنفسهم ولابغيره بأي وعود في المستقبل. يقول الله في سورة ابراهيم:[الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(1)اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ(2)الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ(3)وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(4)وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ(5)].

لايمكن ان يكون الانسان صبورا الا اذا كان مؤمنا اي لديه ثقة فيما يعمل على تحقيقه. ان من يغلب عليه تأثير اللحظة فهو في ظلمات ولايدري انه كذلك لأنه لم يرَ المستقبل قط. وفي هذه الحالة فانه يسهل استغلاله بإعطائه فتاة من الدنيا من اجل حرمانه من الاجر الكبير في المستقبل. ولاشك ان ذلك لايمكن ان يحصل من اي انسان عاقل بشكل تلقائي ما لم يكن هناك من البشر من عمل على حجب هذه الحقيقة عن ضحاياهم.
فمن لايرى المستقبل ولايرى الا اللحظة فقيمته قيمة اللحظة ولاشك ان قيمة اللحظة مقابل فترة طويلة من الزمن لاشيء. فعمر الانسان ليس لحظة وانما مجموعة من اللحظات. فمن حوله كل الى لحظة فقد خسر خسرانا مبينا.

فالعديد من التصرفات والسلوكيات والافكار لاتأتي اكلها في وقت قصير ومن ثم فانه لايمكن ادارك فوائدها الكبيرة الا اذا تم مقارنتها بما يمكن الحصول عليه في لحظة من اللحظات بما يمكن الحصول عليها خلال لحظات كبيرة.

فمن لايوجد لديه تصديق بهذه الحقيقة فانه دائما يقارن اللحظة بالصفر ولاشك ان قيمة اللحظة مهما كان صغيرا سيكون، وبدون شك، اكبر من قيمة الصفر. ومن تكن هذه حاله فانه يكون دائما خاسرا. انه في هذه الحالة يخلط بين الحقائق والظنون بل انه يعتبر الظنون حقائق لان الظنون تنشأ وتترعرع في اللحظات. اما الحقائق فإنها تظهر وتترسخ في فترات طويلة. يتم تبديد هذه الظنون من خلال لفت من يعاني منها بجعله يقارن بين اللحظة و الزمن الطويل. قال الله تعالى في سورة البقرة:[قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(94)وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(95)وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ(96)قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(97)مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ(98)وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ(99)]. ان من لايدرك هذه الحقائق فانه يتجاهل الحقائق الكبرى في حياته ومن تكن هذه حاله فانه لابد ان يكون من الخاسرين.

يجب التفرقة بين الوعود الكاذبة والتي يستخدمها الاشرار لاستدراج البسطاء من الناس لأهداف انانية، وبين الهدى والبشرى التي يدعو اليها المصلحون من اجل نفع غيرهم قبل انفسهم. فالأولى تكون غير واقية وغير محددة ولامرتبطة بزمن او آليات لضبطها مما يسهل التراجع عنها في اي وقت والتخلص من اي مسئولية على اعطائهم وعودا وهم يعلمون انها ليست حقيقية وانهم سوف لايعملون على تحقيقها. لاشك ان ذلك ممارسة للظلم وبكل ما تعنيه الكلمة.

اما الهدى والبشرى التي تصدر من المصلحين فانها تلتزم بمعيار البر اي المسئولية، ومن هنا فان هذه الوعود لابد وان تدرس اولا ولابد من عمل كل ما في وسع من صدر منه لتحقيقها. انها التزام بين هؤلاء وبين الله اولا. وهي كذلك التزام بين المرء ونفسه وضميره. وهي الالتزام بين من صدرت عنه وبين المستفيدين منها. يقول الله في سورة البقرة:[لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ(177)]. [وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا(7)لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا(8)]
فالله يحاسب هؤلاء في الدنيا والاخرة. يقول الله في سورة المائدة:[وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ(116)مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(117)إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(119)لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(120)].

وهو يحاسبهم في الدنيا. يقول الله تعالى في سورة التوبة:[وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ(75)فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ(76)فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ(77)أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(79)اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(80)].

والله كذلك يكرم من اوفى بعهده معه: [الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ(1)أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ(2)إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(3)إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ(4)هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(5)إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ(6)إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ(7)أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ(8)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(9)دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(10)].
من السهل على الكذابين ان يبالغوا بالوعود ومن السهل عليهم لذلك ترويض الناس من خلال التهديد بمعاقبتهم او المبالغة في اكرامهم. وفي الغالب فان تهديداتهم يحرصون على تنفيذها اما وعودهم فلا يكترثون بها.

المصلحون ممنوعون من ذلك لان الله قد حذرهم من ذلك وهددهم بمعاقبتهم على ذلك في الدنيا والاخرة. ولكن الله قد منحهم وسائل اخرى تمكنهم من اثابة صدقهم ولو بعد حين. يقول الله تعالى في سورة الاسراء:[وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً(73)وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً(74)إِذَاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا(75) وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً(76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً(77)أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا(78)وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا(79)وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا(80)وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا(81)].

الله كذلك يثبتهم ويصدقهم في الاوقات الحاسمة. يقول الله تعالى في سورة الانبياء:[اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ(1)مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ(2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ(3)قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(4)بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ(5)مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ(6)وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(7)وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ(8)ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِين(9)لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ(10)وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ(11)فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ (12)لاتَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ(13)قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(14)فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ(15)].

يا شباب الاسلام لقد تم تحريف مفهوم الايمان والياته وعمله واثاره. ان الايمان لدى قاده الرأي هو تبرير غير المبرر. انه تبرير لماذا كان ابو بكر افضل من علي او العكس. ان هذا امر لايهمنا ولاينفعنا بل انه يضرنا. فبدلا من الاقتداء بهم فإننا نحتقرهم. ومن المستفيد من ذلك هم الذي يتربعون على مساجد وحوزات الدين والذين يأكلون الزكاة والصدقات والخمس. انهم هم المستفيدون.

مهما كان الماضي فلا فائدة من نبشه الا اذا كان بغرض الاعتبار. الاعتبار يقوم على الحقائق. فليس هناك غموض في الحقائق التي دارت في تلك الفترة. ان الغموض مصطنع حتى لاتغيروا آراءكم وترفضون المسلمات التي بواسطتها يتم تحريض بعض المسلمين على بعضهم البعض.

انهم لايريدون لكم ان تتحروا منهم. ومن ثم فإنهم يشغلونكم بقضايا لاوجود لها وبالتالي لاحلول لها. فقط من اجل ااستيعاب طاقتكم وفي امور مدمرة. لقد كان العهد الاول افضل منكم فما عليكم ان تكونوا اسوأ منهم فان انتم تطورتم وتحسنتم فان ذلك اساءة لهؤلاء وبالتالي فانه اساءة لله وللإسلام.

كلوا كما اكلوا والبسوا كما لبسوا واعملوا لكم حمامات مثل تلك التي كانت موجودة في ذلك الوقت وتطهروا بالحصى وبعر الجمال واشربوا بولها من اجل العلاج وربوا لحاكم كما ربوا وتقاتلوا كما تقاتلوا والعنوهم كما تلاعون. كل ذلك كذب وافتراء على الله وظلم لكم. ها هو القران يحدد لكم خارطة طريق لتجديد ايمانكم وتغيير تصوركم عن انفسكم وان المستقبل الذي يرضاه الله لكم وان لم يرضه لكم المتنفذون.

لقد اعطى الله المصلحين خارطة طريق واضحة كافية وشاملة وسهلة وفعالة في كل زمان ومكان. وما احوجكم الى تدبر هذه الايات من سورة الشورى وغيرها من الايات الاخرى في القران حتى تدركوا حجم التضليل الذي تتعرضون له من قبل من وثقتم بهم وصدقتموهم. يقول تعالى في سورة الشورى:[وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ(27)وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ(28)وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ(29)وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ(30)وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(31)وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ(32)إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ(33)أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ(34)وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ(35)فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(36)وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ(37)وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(38)وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ(39)وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(40)وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ(41)إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ(42)وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ(43)وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ(44)وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ(45)وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ(46)اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ(47)].

مارسوا هذه القيم التي تزيدكم ايمانا وتدربوا عليها ودربوا من يرغب في ذلك من الاخرين:[فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ(48) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ(49)أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ(50)].

فلا تيأسوا فستنتصر قضيتكم، انها قضية المستقبل. الماضي مات والحاضر السيئ سيموت حتما.. الحياة للآخرة.. للمستقبل. فما بنا من تخلف وانحطاط وتنازع وتخاصم وتباغض وتلاعن وغير ذلك من الظواهر السلبية التي نراها جميعا ليس قدرا من الله وانما بسبب تحريض المتكبرين على الله وعلينا. انهم يبررون ذلك بسبب الانتماءات ويحرضون على ذل من خلال ممارستهم لهذه السيئات ويكذبون على الله ان الله يعاقب من لايمارسها وان الله سيفاضل بيننا في الاخرة على اساسها.

القران يقول بصريح العبارة ان هذه الممارسات لم يأمر الله بها بل انه قد نهى عنها. وقد برأ الله رسوله واصحابه منها. انها من ممارسة فرعون ومن يتبعونه. يقول الله في سورة الزخرف: [وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ (47) وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (50) وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلْآخِرِينَ (56)].

ان حكام اليوم والمتنفذين من قرنائهم هم اشبه ما يكون بفرعون وهامان وقارون. انهم لن يسمحوا لأحد غيرهم ان يكون مثلهم او افضل منهم. إما هم وإما الطوفان. وقد جاء الطوفان لكنه لن يجرف سواهم.

فالتكبر والاستهزاء بالآخرين حتى غير المسلمين ليس من قيم الايمان والمؤمنين، انها فقط من العادات السيئة التي تركها فرعون بعده وبالتالي فان من يمارسها هو من قوم فرعون من اتباعه في الاخرة. هؤلاء هم الذين وصفهم الله في سورة الجاثية: [حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (9) مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (11) اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)].

اما المؤمنون فان الله قد وصفهم في نفس السورة. يقول الله تعالى: [لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)].

فاغفروا لهم ما لم يغفروه لكم.. دعوهم يعبروا عن رؤاهم إن كان لهم رؤى وإن لم يسمحوا لكم. اسمعوا منهم وان لم يسمعوا لكم.. اصبروا عليهم وإن لم يصبروا عليكم، ولاتستخدموا معهم العنف وإن استخدموه معكم. إنهم قد خسروا كل شيء، لذلك فإنهم يسعون لجركم للخسارة من خلال العنف فلاتنجروا إليه. كونوا واثقين أن السلام يتغلب على الحرب وأن الأمان يتغلب على الخوف، والسلام يتغلب على الفساد وإن كان بعد حين. فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.

اقـــــرأ أيضاُ للدكتور: