تأملات رمضانية في القرآن | (9) ثقافة القرآن واجتثاث ثقافة الكبر

ثقافة القرآن واجتثاث ثقافة الكبر

أ ـ تعريف الكبر ومصدره

إن أول نقطة لبداية الإصلاح الثقافي، من وجهة نظري، هي التعرف على القيم الثقافية الشيطانية واستبدالها بالقيم الثقافية القرآنية.. ولعل أسوأ قيمة شيطانية هي الكبر. الكبر شيء ممقوت من قبل البشر عبر التاريخ، ومهما اختلفت ثقافتهم إلا أن الشيطان يزين بعضه على بعض الناس والأمم إما باستغىلال الجهل، أو الحمية القومية والعرقية، أو الانجاز الحضاري، أو الشعور بالنقص، أو الشعور بالظلم، أو غير ذلك من المداخل.

لكن أفظع الكبر هو الذي يأتي من خلال الدين ومن أجله. فهذا النوع يعد تكبراً على الله وعلى الناس وعلى الحياة، وبالتالي فإنه من أبشع وأعقد أنواع الكبر. ومن خصائص هذا الكبر أنه يظهر الزهد والتواضع ويبطن الكبر والترفع على الناس.

ثقافة الكبر مرض، بل جائحة سريعة الانتشار إذا لم يتم اتقاؤها وعلاجها من خلال القرآن. ذاك أن الكبر في أبسط معانيه هي تضخيم الذات بحيث تحب كل ما سواها، ولا شك أن ذات الإنسان مقارنة بمن حولها لا شيء، ولذلك يقول الله تعالى في سورة البقرة: [ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)].

فالكبيرة هنا هي النفس وهي التي تمتلئ بثاقة الكبير، فلا ترى حتى الله ـ نعوذ بالله من ذلك. فالصلاة والصبر هما سلام المؤمن ضد نفسه التي قد تجعله يرى ما يصدر عن غيره من خبث أو ما قد يتخيلوه في غيره منه، ولا يرى ما فيه من هذه الخبث والذي تكون العلاقة بين ما في غيره وما فيه من خبث كالعلاقة بين البعوض والجمل وما بين القشة والخشب.

عندما تمتلئ النفس بالكبر فلا ترى نفسها وتكون كالمريض الذي لا يشعر الا بالالم ولا يطمح الا بإزالة الالم ولا يكترث بما يسببه، وفي هذه الحالة قد يفضل المهدئات على العلاج وان كان يدرك ان ذلك ليس حلالاً، فبمجرد انتهاء الهدئة سيعود الالم بأشد مما كان.

في هذه الحالة فانه لا علاج من مرض التكبر الا من خلال الاستعاذة منه. ومما يلفت النظر، ان الله امر عباده ان يستعيذوا من الشيطان وان يستعيذوا من الكبر. يقول الله تعالى في سورة غافر: [فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ۚ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ (58)].

لعل هذا هو افضل تعريف للكبر. وان كان تعريف الكبر على هذا البساطة فان اعراضه وعواقبه كبيرة جدا تتطلب السعي الدائم لتجنبه والتخلص منه اذا حصل لاي انسان عدوى منه. ان ذلك هو موضوع التقوى، اي الحذر من ام المهالك، اي من الكبر، فما من شرك الا هو صادر عن كبر، وما من ظلم الا وهو صادر عن كبر، وما من هلاك الا وهو صادر عن كبر، وما من خسران في الدنيا والاخرة الا وهو صادر عن كبير، وقنا الله واياكم من هذا الشر المستطير ومن الثقافة المسوقة له.

لقد عمل القرآن جاهداً على اجتثاث ثقافة الكبر ابتداءً من اتباعه ثم من غيره. فقد احتوت ايات القران تفسيرا واضحا للكبر لا يقبل اي شك ثم حددت مصادره وعلاجه. في هذه الليلة سنحاول التأمل في القرآن فيما يخص مصدر الكبر. وفي الليالي القادمة سنحاول ـ إن شاء الله ـ التعرف على انواعه ثم طرق علاجه كما جاءت في القران: [وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)].

لقد كان كبر الملائكة على ادم جهلهم بما علمه الله ولم يكن كبراً على الله. ولذلك فقد علمهم الله حقيقة الامر فاقتنعوا الا الشيطان الذي كان يتوقع ان يكون هو خليفة الله في الارض. ولذلك لم يكن مستعدا لفهم حقيقة الله الاله الذي لا معقب لامره، والذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يتخذ وليا من الذل، والذي اكبر منه، وحقيقة ان ما فيه من قوة وما اعطي له من مكانة كانت في الاصل من الله فهو الذي خلق النار الذي يدعي انتماءه اليها، وهو الذي خلقه من النار وميزه على غيره ممن خلقوا من النار مثله. وكذلك فلم يستطع الشيطان بسبب كبره ان يتعرف على ان ما في ادم من ميزات ليست من التراب وانما من الله، فمن خلقوا مثله من التراب لم يستحقوا هذا التكريم. فحتى ادم انما كرم لالتزامه بما طلب الله منه وليس لذاته، فعندما لم يتلزم بما أمره الله واطاع الشيطان فقد فَقَدَ هذا التكريم ولم يعد اليه الا بعد ان اعترف بخطئه، وطلب من الله المغفرة والرحمة. لقد خالف ابليس امر الله وليس امر ادم. وفي نفس الوقت فان ادم لم يتواضع كما يقال ويرفض السجود بعد ان امر الله بذلك. فاذا كان تصرف على هذا النحو لكان مثله مثل ابليس وان كان تصرفهما متعاكسين:
[وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (18) وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (30) يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (34) يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)].

فعندما قرر الله ان يخرج ادم، وبالتالي ذريته الى هذه الحياة، فانه قد حذره من الشيطان الذي لم يحترم حق الله ولا حق ادم مقابل حقه المزعوم، وما ذلك إلا بسبب الكبر، فان هناك من البشر، اي من ابناء ادم لم يرغبوا ان يدركوا ذلك وارادوا ان يتقمصوا دور الشيطان لا دور ابيهم ادم الذي تاب واعترف بذنبه ويعد اليه.

لم يدرك بنو ادم المتكبرون انهم ليس في حاجة التكبر اذا هم افتخروا واعتزوا بما اكرمهم الله به من قدرات تعود عليهم وعلى غيرهم بالخير. فالله قد مكنهم من ذلك كان عليهم ان يشكروا لله ذلك وان يدركوا عداوة الشيطان لهم ولأبيهم فلا يطيعونه. وكذلك لم يدركوا حقيقة ما حل بالشيطان بسبب كبره، اذ انه ما كان له ان يتكبر على الله، فنزع عنه كل ما منحه من فضل وخصائص وقوة كان يفاخر فيها، فأصبح من الصاغرين. فطمعه بالحصول على ما ليس بحق له قد افقده ما كان فيه من عزة ومكانة.

فالله تعالى قد منح اولاد ادم معلومات عن الشيطان ربما ما كنت تتوافر لأبيهم ادم. فمن هذه المعلومات ان الشيطان الذي في الارض غير الشيطان الذي في السماء. فربما ان البعض لم يدرك ذلك وظل يصدق الشيطان في التفاخر بما كان لديه من قدرات. بل ان الله قد منح ذرية ادام وسائل جديدة تضعف الشيطان، منها: انه لا يستطيع ان يظهر لهم على حقيقته الكبيرة مقارنة بالبشر وان فرغت من محتواها واصبحت جوفاء. بل على العكس فان الشيطان اصبح يرى ما منح الله ذرية ادم من كرامات اذا هم عملوا على تحصيلها، فزاد غيض الشيطان وتساهل بعض البشر ففتنهم.

فقد انزل الله الى ذرية ادم رسلاً وكتبًا تفضح الشيطان وثقافته، ومع ذلك فقد استطاع الشيطان ان يغوي البعض حتى من المتدينين. فاصبح بعض رجال الدين يكذبون على الله ويأمرهم بالفحشاء، وعلى الرغم من ان كتب الله ورسله كانت تؤكد ان الله لا يأمروا بالفحشاء. لقد كانت ممارسات الفحشاء التي نهى الله عنها تضر البشر ولا تفيد الا المتنفذين. صحيح ان الله اوصى عباده المؤمنين ان يتجنوا بعض الافعال وان يحرصوا على القيام بافعال معينة، ولكنه تعالى وضح ذلك كله انه لمصلحة البشر سواء في الحاضر او في المستقبل، في الدنيا او في الاخرة.

إنه لا لم يحرم على الناس ما تفضل به عليهم من الزينة والطيبات من الرزق التي حرمها اولياء الشيطان الذي خدعوا من سلم نفسه لهم وبدون شروط. يقول الله تعالى في سورة الاعراف:[ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)] الى الاية (37).

فالله واولياؤه يحبون للناس، كل الناس، الخير.. ولذلك فمن اتبع ما جاؤوا به فان ذلك ينعكس عليهم اطمئناناً، اي غياب للخوف والحزن، ويشعرون بذلك ويدركونه، لكن من يتبع اولياء الشيطان فانهم يزعمون انهم حريصون على الاتباع ومصالحهم، ولكن في الحقيقة فانهم لا يحرصون على مصالحهم ويدرك الناس ذلك حيث ان مصالح الناس تتدهور ومصالح هؤلاء تتحسن، فيكذبون ان ما وعدوا به سيكون خيرا لهؤلاء في المستقبل و اذا كان الامر كذلك فكان عليهم ان يطبقوا ذلك على انفسهم لا على المساكين والمستضعفين.
يقول الله تعالى في سورة الاعراف: [سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)].

يقول الله تعالى في سورة ابرهيم: [ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)].

المتكبر يكثر من الوعود لغيره وعندما يحين موعدها يكون اول المتنصلين عنها اي لا توجد مسؤلية لديهم. ومع ذلك فان من اتخذوهم اولياء يستمرون في تصديقهم حكمة بالغة فما تغني النذر.

يقول الله في سورة الاسراء: [قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً (56) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57) وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58) وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا (59) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65)].

إن الله لا يخلف وعده لعباده. وكذلك فان اولياء الله يحاولون ان لا يعدوا بما لا يقدرون وبذلك لا يكونون متكبرين واذا لم يستطيعوا الوفاء بالوعد فانهم يعترفون بذلك ويطلبون المغفرة.

ولذلك فان من صدق المتألهين من غير الله واتخذوا من دون الله اولياء فانهم يخسرون، لانهم اتكلوا على كذابين وتركوا الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن الجبار المتكبر. الله لا يكره الكبر لانه متكبر في الحقيقة، ولكنه يكره المتكبر باطلاً. فمن يفتخر بما فيه فهو ليس كذاباً ولا متكبراً بهذا المعنى، ولكن من ينسب الى نفسه ما لا يقدر عليه فهو المتكبر الممقوت. يقول الله تعالى في سورة الكهف: [وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا (50) مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلا (58) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا (59)].

فالجدال بالباطل كبر لان الباطل لا حقيقة له، أما دحض الباطل بالمجادلة فهو ليس كبرا لانه حق. رسول الله واتباعهم يجادلون لدحض الباطل ويثبتون على ذلك ويصرون عليه ولا يسمى ذلك كبرا وانما هو عزة وشدة على الحق. فالموقف من حيث الثابت واحد لكن نتائجه مختلفة. الباطل يضل الناس ويهلكهم، والحق يهدي الناس وينجيهم، وشتان بين الامرين، وان تشابها في بعض الوجوه.
يقول الله في سورة طه: [وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى (120) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)].

لكن ادم عندما عرف الحق رجع اليه ولم يجادل، اما الشيطان فانه استمر في المجادلة حتى بعد ان عرف الحق. ومن ثم فان ادم استحق ثناء الله عليه، اما ابليس فقد استحق لعنة الله عليه وغضبه.
يقول الله في سورة يس: [وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (54) إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (57) سَلامٌ قَوْلا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58) وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)].

فمن كان من المتكبرين، فإنه لا حياة له طيبة لا في الدينا ولا في الآخرة، والمثال البارز على ذلك هو حياة الشيطان في الدينا والآخرة، فإنه مذموم من الله ومن الناس.

لا شك أن الكبر قد تعمق بين الناس في العالم العربي والإسلامي. ومن الملفت للنظر أن ما يعانيه هؤلاء هو الكبر الديني الذي هو أبشع وأقبح أنواع الكبر لأنه تكبر على الله والناس وعلى أنفسهم. نرجو الله أن يخرجنا من هذا الكبر، ولا يقدر على ذلك إلا الله.

اقـــــرأ أيضاُ للدكتور: