الرابع من ديسمبر.. الرحيل الكبير

في مثل هذا اليوم الرابع من ديسمبر وقبل سبعة أعوام استقبل اليمنيون في صبيحة يوم الاثنين 4 ديسمبر من العام 2017م خبر فاجعة استشهاد الزعيم البطل علي عبدالله صالح، فكان لهذا الخبر أثر عميق في نفوس وقلوب الشعب اليمني، الذي خسر قائداً شجاعاً جسوراً يأبى الزمن أن يأتي بمثله، حيث كان عزاؤهم الوحيد هو أن الشهيد صالح خلف من بعده رجالاً وإرثاً لن يمحوه الزمن وسيظل قائماً ما بقت السموات والأرض.

لا شك بأن رحيل مثل هؤلاء القادة الكبار له وقع كبير على القلب، وخسارة عظيمة بالنسبة للأمة العربية والإسلامية، لأن سد الفجوة التي يخلفها فقدان هؤلاء القادة يبدو أمراً صعباً، خاصة وأن الشهيد صالح تميز عن غيرهِ بالكثير من الصفات الوراثية الحميدة التي جعلته الأكثر تأثيراً وحيوية في حياته وبعد مماته، ولذا فإن سد الفجوة في مثل هكذا ظرف قد يتطلب وقتاً كثيراً لملء الفراغ الذي تركه الرئيس صالح بعد تسليمه للسلطة سلمياً وعبر طرق ديمقراطية وأيضاً بعد رحيله عن دنيانا التي تحولت لسجن كبير يقطنه ملايين اليمنيين، وبرغم فقدان اليمن للقيمة الوجودية وللسيادة الوطنية بعد رحيل الرئيس صالح، إلا أن رحيله بتلك الطريقة الفريدة والاستثنائية يحمل في طياته بشائر النصر والحرية والكرامة والاستقلال، فكم من الانتصارات بُذلت لأجلها الدماء حتى تحققت أهدافها، وكم من جهود ومساعٍ رويت بدماء الشهداء والقادة حتى تكللت بالنجاح، ولو نظرنا للقيمة الثورية التي خلقها الشهيد صالح في نفوس ملايين اليمنيين لوجدنا أن رحيله جدد الأمل لدى الشعب اليمني في استعادة دولتهم، وقوى عزيمة أبنائهِ وأقاربهِ ورفقاء دربهم والأجيال التي تربت على أيديهم بضرورة مواصلة ما بدأه القائد علي عبدالله صالح.

لقد تحمل وكابد الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح الكثير من الآلام والأوجاع، بدءاً من محاولة اغتياله في جمعة رجب في مسجد النهدين وانتهاءً يوم استشهاده في الرابع من ديسمبر المجيد، وبهذا الرحيل خسر اليمنيون قائداً ملهماً وسياسياً استثنائياً في تاريخ اليمن والمنطقة، بل إنه أصبح مثالاً ساطعاً للأجيال القادمة في الرجولة والشجاعة والتحدي، تاركاً لمن أتى من بعدهِ دروساً في الصبر والثبات والتضحية والفداء، ليكون كل ذلك نبراساً للمرابطين في الجبهات وللمغلوبين على أبواب العاصمة المقدسة صنعاء.

فقد كان الفارس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح -رحمة الله- اليد الأمينة على اليمن واليمنيين، فكان حاملاً لهذه الراية حتى آخر لحظات حياته، وسيشهد التاريخ أن هذا القائد أدى رسالته على أكمل وجه، وسيشهد التاريخ أيضاً منجزاته، وسيشهد له العالم أجمع وشعبهُ أن هذا القائد المقدام كان رجل الوحدة الأول ومن حقق الأهداف التي يصبو إليها، وقاد الوطن بحكمة واقتدار ودراية ونأى به من المخاطر وقادهُ إلى بر الأمان، وكان فارساً جواداً في كل شيء، وقد أدى ما عليه من أمانة في حياتهِ وترجم ذلك في استشهاده وهو يدافع عن الثورة والوحدة والجمهورية.

هكذا ترجل الفارس عن صهوة جوادهِ يوم الرابع من ديسمبر من العام 2017م، بعد أن أمضى عقوداً من الزمن في خدمة وطنهِ وشعبه، وأدى الأمانة وكان رجل المرحلة بلا منازع، وسيبقى التاريخ يتذكر هذا الفارس المعطاء لأجيال عديدة ليأخذوا عنه الدروس والعبر في كيفية أن يكون الإنسان قائداً حكيماً وكيف أن يكون القائد إنساناً مخلصاً.