يأسنا من الأطباء فحجينا إلى دُمت: الحكة التي ولدت في زنزانة السجن !
عبدالوهاب قطران
منذ عام كامل وأنا أتردد على عيادات الأطباء لعلاج حساسية جلدية لم أعرفها طوال حياتي إلا بعد خروجي من سجن جهاز المخابرات بصنعاء، حيث مكثت ستة أشهر تحت ظروف لا إنسانية، بين جدران باردة، ورطوبة خانقة، وضغوط نفسية لم تُحتمل. كان ذلك السجن هو مولد هذا المرض الذي لم اعرفه يومًا من قبل.
كل طبيب يقابلني يطلب فحوصات دم، وباختبارات لا تنتهي، ومن ثم يكتب لي رشته وصفة من الإبر والدهانات والحبوب. أتناولها، وأهدأ قليلاً، شهرين أو ثلاثة، ثم تعود الحساسية تلتهم جلدي من جديد بلا رحمة. الارتفاع الكبير في إنزيم الـ IgE، الذي بلغ ٥٦٧ في دمي، دليل على معركة داخلية تشنها مناعتي ضد جسدي، ولا أحد يعلم السبب الحقيقي.
مع كل هذا اليأس، نصحني بعض الأصدقاء بالحج إلى مدينة دمت، والاغتسال بحمام الحساسية الكبريتي على خط جبن، حيث المياه التي تحمل وعدًا بالشفاء.
قبل ثلاثة أيام، حججت إلى دمت، غسلت جسدي يومين متتاليين في ذلك الماء الكبريتي العجيب، وتفائلت خيرا بأنني سأجد الراحة التي حرمتها مني زنازين السجن.
لكن الألم عاد كما كان، الحكة الجلدية لا ترحم، والمرض يصرخ في كل خلايا جسمي ، وكأن جسدي يردد لي: "الحكة الحكة، والمرض المرض، وعق والدية، عق والدية..."
هذه المعاناة ليست فقط معاناة جسد، بل هي جرح عميق في الروح، أثره السجن الذي سلبني الأمان، وولد في داخلي هذا الوباء المجهول. أترك رسالتي هنا، لا فقط لعلها تجد صدى في قلوب الناس، بل لتكون صرخة تطالب بنظام صحي يستجيب لألمنا، وبحرية لكل إنسان لا تُنكّل به الظروف، حتى لا يولد المرض من رحم القهر.