تحليل مفصل: أين ذهبت الـ100 مليار دولار "المفقودة" من مساعدات أمريكا لأوكرانيا؟
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث إلى وسائل الإعلام في بلدة بوتشا شمال غربي العاصمة الأوكرانية كييف في 4 أبريل (نيسان) 2022 (أ.ف.ب)
أثارت تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول تلقي بلاده 75 مليار دولار فقط من أصل 175 مليار دولار خصصتها الولايات المتحدة لدعم كييف منذ 2022، موجة تساؤلات عن مصير الفارق (100 مليار دولار). لكن البيانات الرسمية وتقارير مراكز أبحاث دولية تُظهر أن هذه الأموال لم تختفِ، بل اُستُخدمت في أنشطة مرتبطة بالحرب بشكل غير مباشر.
تفكيك الأرقام: ماذا تشمل الـ175 مليار دولار؟
وفقاً لتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، توزعت حزم المساعدات الأمريكية على 7 فئات رئيسية، ليست جميعها تحويلات نقدية مباشرة لأوكرانيا:
تعويض المخزون العسكري الأمريكي: (44 مليار دولار)
أسلحة من مخزون الجيش الأمريكي أُرسلت لأوكرانيا، مثل "هايمارس" والذخائر.
يتم إنفاق جزء من الأموال داخل الولايات المتحدة لتصنيع بدائل لهذه الأسلحة.
تعزيز الصناعة الدفاعية الأمريكية: (29 مليار دولار)
تطوير خطوط إنتاج صواريخ وذخائر لضمان استمرار التزويد العسكري.
نشر القوات الأمريكية في أوروبا: (21 مليار دولار)
تكاليف إرسال 20 ألف جندي أمريكي إضافي إلى دول حلف الناتو لردع روسيا.
المساعدات الإنسانية والاقتصادية: (26 مليار دولار)
دعم اللاجئين الأوكرانيين في بولندا وألمانيا.
تحويلات عبر البنك الدولي لتمويل رواتب الموظفين الحكوميين في أوكرانيا.
استخبارات ودعم فني: (14 مليار دولار)
تمويل أنشطة وكالات مثل "CIA" و"NSA" لمراقبة التحركات الروسية.
تدريب الجنود الأوكرانيين: (5 مليار دولار)
برامج تدريبية في دول أوروبية وأمريكية.
عقوبات على روسيا وأنشطة أخرى: (36 مليار دولار)
تعقب الأصول الروسية المجمدة، ومراقبة التهريب النووي.
لماذا قال زيلينسكي إن أوكرانيا لم تحصل سوى على 75 مليار دولار؟
احتسب زيلينسكي فقط الأسلحة والمعدات العسكرية المباشرة التي وصلت إلى أوكرانيا، والتي تقدرها التقارير بـ73.4 مليار دولار. أما باقي المبالغ، فتُعتبر "مساعدات غير مباشرة"، مثل:
تعزيز الجيش الأمريكي نفسه (مهم لأمن الناتو).
دعم اقتصادات دول الجوار الأوكراني لاستيعاب اللاجئين.
تغطية تكاليف استخباراتية وسياسية لا تُدرج ضمن "الدعم المباشر".
نظريات المؤامرة والفساد: هل اختُلس جزء من الأموال؟
رغم انتشار اتهامات بالفساد (خاصة من معارضي المساعدات في الكونغرس الأمريكي)، تؤكد مصادر أمريكية وأوكرانية أن:
لا توجد تحويلات نقدية مباشرة إلى الحكومة الأوكرانية، بل مساعدات عينية وتدريبات.
آليات مراقبة صارمة من البنتاغون والبنك الدولي تتبع كل دولار.
معظم الأموال تُنفق داخل الولايات المتحدة نفسها (شراء أسلحة من شركات أمريكية، تدريب في قواعد أمريكية).
أدت التصريحات إلى تعزيز شكوك الجمهوريين في الكونغرس، الذين يهددون بحجب مساعدات جديدة، وإرباك الرأي العام، حيث يعتقد 48% من الأمريكيين أن بلادهم أنفقت "أكثر من اللازم" على أوكرانيا (استطلاع غالوب 2024)، وكذلك إجبار البيت الأبيض على زيادة الشفافية بنشر تقارير مفصلة عن تدفق المساعدات.
لماذا يصرخ زيلينسكي؟
يحاول الرئيس الأوكراني توضيح أن الدعم العسكري المباشر أقل من الأرقام المُعلنة، ما يعكس ضغوطاً لزيادة إرسال الأسلحة. كما أن التصريح استهداف لـ"شعبوية" بعض السياسيين الأمريكيين الذين يروجون لفكرة أن "أوكرانيا تسرق أموال دافعي الضرائب".