كيف يمكن تنفيذ تهديدات ترامب الجمركية.؟
قبل أسابيع قليلة من بدء ولايته الجديدة، هدد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بفرض تعريفات جمركية على منتجات كندية ومكسيكية وصينية، ليعيد إلى الواجهة هذا السلاح الذي استخدمه خلال ولايته الأولى من أجل تحقيق أهداف سياسته الخارجية.
ووعد الرئيس المنتخب، مؤخرا، بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على جميع الواردات من المكسيك وكندا، و10 في المئة على الواردات من الصين بمجرد تنصيبه في العشرين من يناير.
وكشف ترامب في إعلانه على حسابه في "تروث" أنه سيوقع "جميع الوثائق اللازمة" لفرض تلك الرسوم "على الحدود المفتوحة بشكل غير معقول" وفق تعبيره.
ويهدف ترامب إلى الضغط على المكسيك وكندا لحملهما على "حل مشكلة" المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة.
وينص الدستور الأميركي على أن السلطة التشريعية هي التي لديها سلطات "فرض وجمع الضرائب والرسوم الجمركية وتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية"، لكن الرئيس بات خلال العقود الأخيرة يتمتع بسلطات مستقلة بفضل الصلاحيات التي منحتها له القوانين، مع رفض المحاكم صراحة التدخل بموجب هذه الصلاحيات، وفق مجلة إيكونوميست.
والقانون الأبرز هو قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية، الذي صدر عام 1977وتم تحديثه في عام 2001 لفرض تعريفات جمركية أو عقوبات مالية.
وينص القانون، وفق موقع مجلس النواب، على قدرة الرئيس إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع "أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئيًا خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة".
ويمكن لترامب إعلان حالة الطوارئ بموجب هذا القانون للتعامل مع أزمة الفنتانيل، وتدفق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
وخلال ولايته السابقة، أعلن ترامب نيته استخدامه لفرض رسوم جمركية على المكسيك حتى يتم "تخفيف أزمة الهجرة غير الشرعية من خلال الإجراءات الفعّالة"، ثم أعلن لاحقا أنه لن يمضي قدما في تهديده بعد التوصل إلى اتفاق مع المكسيك.
وقال ترامب أيضا إن القانون أعطاه السلطة "لإصدار أوامر" للشركات الأميركية بمغادرة الصين، وفي أواخر ولايته في أغسطس 2020 استشهد بالقانون مرة أخرى في محاولة لحظر منصة التواصل الاجتماعي المملوكة للصين "تيك توك".
ويمكن للكونغرس إلغاء استخدام القانون من خلال تمرير إعلان مشترك بالرفض، لكن وفق ستيفن كو، محامي التجارة "سكيون هذا عبئا ثقيلا، بالنسبة لكونغرس جمهوري" في بداية ولاية ترامب. وربما يختار الجمهوريون تمرير بعض التعريفات الجمركية التي يريد ترامب فرضها لإفساح المجال المالي للتخفيضات الضريبية التي وعدوا بها.
وقد يستعين ترامب بالمادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، وقد استخدمها بالفعل لفرض تعريفات جمركية على 370 مليار دولار من الواردات الصينية، و7.5 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي.، وفق خدمة أبحاث الكونغرس. وتمنح هذه المادة مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة سلطة فرض إجراءات جمركية للتعامل مع الممارسات التجارية التي تضر بالولايات المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة تستخدم هذه المادة، قبل ولاية ترامب الأولى، من أجل التعامل مع النزاعات في منظمة التجارة العالمية، بينما تسعى إدارة ترامب لاستخدامها من أجل سد الفجوة التجارية بين الولايات المتحدة ودول العالم.
ويمكن لترامب استدعاء المادة 232، من قانون التجارة لعام 1962 الذي أصدر أثناء الحرب البادرة لمواجهة "تهديد غير عادي واستثنائي" للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة، لكن خبراء التجارة يقولون إن هذا سيتطلب تحقيقا قد يستمر شهورا.
وكان ترامب استشهد بهذه المادة عام 2018 لفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على واردات الصلب العالمية، و10في المئة على الألومنيوم.
وهناك المادة 122، من قانون التجارة لعام 1974 التي يمكن أن تمنح ترامب القدرة على فرض تعريفات جمركية عالمية إضافية لمدة 150 يوما لتقييد الواردات في حالة حدوث خلل في ميزان المدفوعات، أو لمنع انخفاض كبير في قيمة الدولار، لكن القانون يحدد نطاق التعريفة الجمركية بـ150 يوما فقط، ما لم يتم تمديدها من قبل الكونغرس.
وهناك المادة 338، من قانون التعريفة الجمركية لعام 1930، التي تستهدف مكافحة التمييز التجاري. وتعطي تلك المادة لترامب القدرة على فرض رسوم جمركية تصل إلى 50 في المئة على البضائع من أي دولة تمارس التمييز ضد المنتجات الأميركية بطريقة تضعها في "وضع غير مؤات" مقارنة بالواردات من دول أخرى.
وبالنسبة إلى قدرة القضاء على إلغاء إجراءات ترامب، تقول مجلة إيكونوميست إنها "ظلت تحترم الرؤساء عندما يستدعون مسائل الأمن القومي" أثناء اتخاذ هذه القرارات.
والتحدي الذي قد يواجه إجراءات ترامب أن تؤدي التعريفات إلى ارتفاع أسعار المنتجات للمستهلكين داخل الولايات المتحدة.
وتشير رويترز إلى أن 32 في المئة من الفاكهة الطازجة تأتي من كندا والمكسيك.
وقال لانس جونجماير، رئيس جمعية المنتجات الطازجة، إن ترامب تعهد خلال حملته بالحد من التضخم في أسعار البقالة، ولو نفذ تهديده بفرض تعريفات جمركية جديدة "سوف تشهد ارتفاعا فوريا في أسعار متاجر البقالة، وسوف تغير المطاعم قوائمها بتقليل كمية المنتجات التي تدخل في الأطباق، أو رفع الأسعار"" وفق موقع الإذاعة الأميركية العامة.
وكانت مسؤولة كندية ألمحت أيضا إلى احتمال تأثر المستهلكين الأميركيين بقرارات ترامب. وقالت نائبة رئيس الوزراء الكندي، كريستيا فريلاند، في بيان إن "علاقتنا متوازنة ومتبادلة المنفعة، خاصة بالنسبة للعمال الأميركيين"، وأكدت أن أوتاوا ستواصل "مناقشة هذه القضايا مع الإدارة الأميركية الجديدة".
وفي السياق ذاته، حذرت الصين، الثلاثاء، من أن "لا أحد سينتصر في حرب تجارية". وقال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، إن بكين "تعتقد أنّ التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة مفيد للطرفين بطبيعته".