سلاح التضليل.. فيديوهات "مفبركة" لهجمات ضد الانفصاليين في أوكرانيا

مع تزايد التوتر والتصعيد بشأن الأزمة الأوكرانية، تسعى روسيا إلى محاولة تضليل الرأي العام العالمي والمحلي عبر نشر مقاطع فيديو تتحدث عن تنفيذ أوكرانيا لأعمال تدمير وقتل داخل المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في إقليم دونباس، وفقا لما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وكان التلفزيون الروسي الرسمي قد نشر مؤخرا فيديو يظهر فيه حدوث اشتباكات ليلية وسط ومضات وانفجارات، قبل أن يظهر شخص مجهول يصرخ من الألم، والذي وصفه التقرير التلفزيوني بأنه "أحد المخربين الأوكرانيين" الذين تسللوا إلى مناطق الانفصاليين الموالين لموسكو بغية تفجير مصنع محلي لتصنيع الكلور في بلدة هورليفكا التي يسيطر عليها المتمردون في إقليم دونباس.

وبحسب التقرير، فقد قتل اثنين من المتسللين خلال اشتباك مع المتسللين وأنه جرى أخذ المقاطع المصورة من الكاميرا التي كانت موجودة على خوذة أحدهما.

ولكن وبحسب مؤسس موقع "بيلنغكات" الاستقصائي، إليوت هيغيز، فإن الفيديو الذي جرى بثه مزيف وقد جرى إعداده "بطريقة غبية وكسولة" لاتنم عن حرفية وإبداع"، إذ قال باحثين متخصصين إن الفيديو قديم وعمره أكثر من أعوام، ويتعلق بتدريبات لجنود من الجيش الفنلندي جرى في أبريل من العام 2010.

وأوضح الباحثان أن جرى إعداد الفيديو وتغيير الأصوات عقب إعادة بثه على الإنترنت قبل نحو أسبوعين.

وأكد هينغيز أن روسيا لديها سجل طويل في مثل هذه الأمور، موضحا أن أغلب الرأي العام الدولي قد أصبح لديه مناعة ضد أساليب التضليل التي يتبعها الكرملين، لافتا إلى "تلك المقاطع المصورة جرى إنشاؤها بطريقة مسرحية لأغراض الدعاية الحكومية وأنها قد تؤثر على الجيل الأكبر سنا من المواطنين الروس".

وخلال الأسبوع الماضي، قدمت روسيا العديد من القصص الكاذبة ، والذي وصفها وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بأنها "مصنع إنتاج مزيف"، وشملت تلك التقارير مزاعم بأن كييف تخطط لمهاجمة الجيوب الانفصالية، وأنها أقدمت يوم الاثنين على تهريب مركبات مدرعة ومخربين عبر الحدود.

"استراتيجية الغزو"

ويرى هيغينز أن بث تلك التقارير والفيديوهات يعد جزءا من استراتيجية موسكو لتبرير غزو أوكرانيا، إذ بدأ التلفزيون الروسي في الترويج بشكل واسع النطاق لمعلومات تشير إلى حدوث أزمة إنسانية كبيرة في شرق أوكرانيا. 

وزعمت تلك التقارير أن السكان المدنيين في مناطق الانفصاليين قد تعرضوا لقصف أوكراني عنيف، وهو أمر تقول كييف إنه غير صحيح.

وتراوحت المعلومات من تقارير تحدثت عن زيادة وتيرة القصف إلى استفزازات أكثر غرابة، مثل الحديث محاولة تفجير سيارة مفخخة يوم الجمعة خارج مبنى الإدارة الانفصالية في دونيتسك، إذ في نشر زعيم تلك المنطقة الموالي لموسكو ، دينيس بوشلين ، مقطع فيديو قال فيه إن الوضع أصبح خطيرًا للغاية ويجب نقل المدنيين إلى بر الأمان في روسيا.

وصدر أمر الإخلاء الخاص ببلدة فوشيلين 18 فبراير، ومع ذلك، اكتشف موقع "بيلنغكات" الاستقصائي من البيانات الوصفية للفيديو على قناة تيلغرام أن مقطع قديم لا صلة له بالحادثة المزعومة، وهنا يقول هيغينز: "هذا دليل على عدم الكفاءة" في التضليل.

وجزء كبير من الجهود الروسية لتبرير التدخل وفي شرق أوكرانيا هو الادعاء بأن الجهود الأوكرانية لاستعادة السيطرة على الأراضي في عام 2014 كانت بمثابة "إبادة جماعية".

ولقد استخدم بوتين ذلك المصطلح في عدة مناسبات، وقارن ما يحدث بمذبحة سريبرينيتشا بالبوسنة، وقال في الأسبوع الماضي: "ما يحدث اليوم في دونباس هو إبادة جماعية"، في حين وزع دبلوماسيون روس وثيقة في الأمم المتحدة تزعم أن أوكرانيا متورطة في "إبادة السكان المدنيين" في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا.

كما ورد موضوع "الإبادة الجماعية" مرارًا وتكرارًا خلال اجتماع مجلس الأمن الاستثنائي لبوتين يوم الاثنين في موسكو، مما أدى إلى طلب السلطات الانفصالية الحصول على مساعدة عسكرية واقتصادية من الكرملين، بالإضافة إلى الاعتراف القانوني باستقلالها والذي منحه لها بوتين مساء أمس الإثنين.

واعتبرت الصحيفة في ختام تقريرها أن فيديو "المتسللين الأوكرانيون" يمرر رسالة قديمة، فقد أشارت وسائل الإعلام الفنلندية إلى أن الاتحاد السوفيتي استخدم في نوفمبر 1939 ذريعة مماثلة لغزو بلاها والتي عرفت لاحقا باسم" حرب الشتاء".