دبلوماسي هندي: حرب أوشكت أن تبدأ بين روسيا وأمريكا.. الخيار أمام الغرب هو إما الأسد أو الفوضى

سعار الحرب أوشكت أن تبدأ بين روسيا وأمريكا في سوريا وربما المنطقة برمتها، لكن وفي ظل الوضع الحالي، فإن الخيار أمام الغرب هو إما الأسد أو الفوضى..

نشرت صحيفة "آسيا تايمز" الصينية (5 أكتوبر/تشرين الأول 2016)، مقالاً كتبه الدبلوماسي الهندي والسفير السابق لدى أوزبكستان وتركيا، بهادراكومار، أشار فيه أن تصاعد التوتر الأميركي الروسي بدا جلياً، وذلك بعدما شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها غارة على الجيش السوري في دير الزور وقتلت أكثر من ستين جندياً سورياً.

ويقول الدبلوماسي، بهادراكومار، إن إدارة أوباما أعلنت، هذا الأسبوع، تعليق المحادثات الثنائية مع روسيا بشأن الأزمة السورية، متسائلاً: هل هذه إشارة إلى أن سعار الحرب على وشك أن تبدأ؟ لافتاً: إنها قد تبدو الفكرة سخيفة ولكن علامات التوتر أصبحت واضحة.

وأشار الدبلوماسي الهندي، أن طيران التجسس الأميركي أصبح يحلق، بشكل مستمر، فوق القواعد الروسية في طرطوس وحميميم. فيما نشرت روسيا نظام SA-23 Gladiator المضاد للصواريخ والطيران في سوريا، منبهاً أنها المرة الأولى التي تقوم فيها روسيا بنشر هذا النظام خارج أراضيها. فيما يرى محللون غربيون أنها كخطوة استباقية لمواجهة أي هجوم بصواريخ كروز الأمريكية.

ولفت بهادراكومار، أن موسكو تشتبه بأن الولايات المتحدة ربما ستستخدم بعض الجماعات المتمردة من أجل ضمان عودة جنود روس "بأكياس جثث". منوهاً أن هذا التهديد كان قد أطلقه المتحدث باسم الخارجية الأميركية، صراحة، الأسبوع الماضي. مشيراً إلى أن موسكو تشتبه بأن أميركا لعبت دوراً بالهجوم الصاروخي الأخير الذي استهدف السفارة الروسية في دمشق.

الدبلوماسي الهندي، أوضح أن نقطة التحول هذه، جاءت عندما شنت الولايات المتحدة غارة على الجيش السوري في دير الزور وقتلت أكثر من ستين جندياً سورياً، معتبراً أن الرواية الأميركية بأن ما حصل كان عن طريق الخطأ فقدت مصداقيتها، إذ أن جماعات تابعة للقاعدة شنت هجوماً برياً بعد ساعة من الغارة الجوية، ما يوحي بالتنسيق بين واشنطن وهذه الجماعات.

في الواقع، التوترات متأججة، ويمكن أن يكون هناك عدة عشرات من عملاء المخابرات الغربيين محاصرين مع الجماعات المتمردة في شرق حلب.

وبحسب ما يرى الدبلوماسي الهندي، فإن الروس باتوا مقتنعين بأن الولايات المتحدة لم تكن تنوي فصل ما يسمى "الجماعات المعتدلة عن المتطرفين" رغم الوعود المتكررة، وذلك لأن واشنطن ترى في الجماعات المتطرفة فائدة حيث يصادف أنها القوة المقاتلة الوحيدة القادرة على تنفيذ أجندة تغيير النظام في سوريا.

الدبلوماسي بهادراكومار
الدبلوماسي بهادراكومار

واعتبر بهادراكومار، أن ذلك يعني أن روسيا أصبحت تتفق مع الموقف الإيراني، فقامت بتصعيد الحملة ضد الإرهابيين في حلب، معتبراً أن الانتصار العسكري أصبح "في مرمى البصر". هذا ما لم يكن هناك تدخل من الولايات المتحدة في الأيام المقبلة لقلب الميزان العسكري لصالح الجماعات المتطرفة المحاصرة في المناطق الشرقية من حلب.

ولفت الدبلوماسي الهندي، أن الهدف الرئيس من الهجوم المتعدد الجوانب من قبل قوات الجيش السوري، من الجنوب الشرقي لحلب مع القصف الجوي الروسي، هو لتعزيز الهجوم الرئيس إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.

وأشار أن الروس يسيطرون، أيضاً، على طريق كاستيلو المؤدية إلى الشمال باتجاه الحدود التركية، التي كانت تعد آخر الطرق المتبقية لمرور المتطرفين إلى شرق حلب.

وأوضح، أنه مع عدم وجود احتمال للحصول على تعزيزات في مواجهة الهجمات الجوية والبرية المستعرة من الشمال والجنوب، يضع المتمردين في معركة يائسة ومزيد من الاستنزاف.

وأشار أن سيطرة الجيش السوري على حلب يعني بأنه تبقى من الحرب السورية هو عملية عسكرية لطرد جبهة النصرة من أدلب. لافتاً إلى أن إتمام ذلك سيعني أن القوات السورية ستسيطر على جميع المناطق السكنية في سوريا على طول ساحل المتوسط، ما يعني ذلك تعزيز مكانة الأسد كرئيس للبلاد.

واعتبر الدبلوماسي الهندي أن "شبح النصر الكامل" للأسد هو الذي يطارد واشنطن ويفسر كذلك التصريحات الأميركية المسعورة ضد موسكو، حيث رأى أن هذه التصريحات تعكس مدى الإحباط الأميركي.

نظرياً، يمكن لأوباما إصدار التعليمات بشن هجمات صاروخية على القوات الحكومية السورية المنتصرة، ولكن ذلك بمثابة صب الزيت على النار.

ويوم السبت، حذرت وزارة الدفاع الروسية، أن أي تدخل عسكري أمريكي لإزالة الأسد من شأنه أن يؤدي إلى "تحولات تكتونية رهيبة" في جميع أنحاء المنطقة.

ورغم أن تلك التهديدات الغامضة معلقة في الهواء. ولكن يوم الأحد، مستشار في الشؤون الخارجية للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي أكبر ولايتي، كان صريحاً إلى حد ما في تحذير واشنطن من أن أي تدخل أمريكي مباشر سيكون "عملاً انتحارياً".

وأورد الدبلوماسي الهندي 3 عوامل يجب أن يأخذها أوباما بعين الاعتبار في إطار خيار التصعيد في سوريا:

الأول: أن علاقات أميركا مع تركيا والسعودية هي في حالة غموض. حيث هناك توتر في العلاقات الأميركية التركية ليس فقط بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة، بل بسبب العلاقات الوطيدة بين واشنطن والأكراد والشكوك التركية حيال النوايا الأميركية في سوريا.
وبشأن السعودية، تحدث الدبلوماسي عن النكسة التي تلقتها في إطار العلاقة مع واشنطن بعد تبني قانون "جاستا" الذي يجيز مقاضاة السعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من سبتمر الإرهابية.

الثاني: هو أنه من غير المرجح أن يغامر الرئيس التركي بالدخول في مواجهة أخرى مع روسيا، بينما يمكنه تأمين المصالح التركية في سوريا من خلال التنسيق مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين على طاولة المفاوضات.

الثالث: هو أنه من المستبعد أن يقود أوباما بلاده إلى حرب دون وجود هدف واضح يمكن تحقيقه مع اقتراب نهاية رئاسته.

يختتم الدبلوماسي مقالته، أنه وفي ظل الوضع الحالي، فإن الخيار أمام الغرب هو إما الأسد أو الفوضى. مشيراً، أن ما يزعج الأميركيين هو أن الانتصار الروسي في سوريا سيشكل نهاية الهيمنة الغربية على الشرق الأوسط، وأن المؤرخين سيعتبرون ذلك أهم ما حصل في إرث أوباما على صعيد السياسة الخارجية.

* الدبلوماسي الهندي السابق بهادراكومار، عمل في وزارة الخارجية الهندية لأكثر من 29 عاماً، وسفير الهند لدى أوزبكستان (1995-1998)، وتركيا (1998-2001)