مسرحية قطرية على هامش مفاوضات الكويت اليمنية!!
فجأة، وبدون مقدمات، أعلن عن دخول قطر على خط مفاوضات الكويت اليمنية، وتمكنها من الضغط على عبدربه منصور هادي، وإقناعه بإعادة وفد حكومته إلى المفاوضات بعد ستة أيام من تعليق مشاركته فيها ومطالبته ضمانات مكتوبة من الطرف الآخر (الحوثيين والمؤتمر الشعبي) بالالتزام بمرجعيات التفاوض المتفق عليها مسبقاً.
لكن الطريقة التي أعلن من خلالها عودة وفد حكومة هادي إلى المفاوضات، يمكن اعتبارها حركة سياسية مبتذلة، ومسرحية رديئة الإخراج، وكان الهدف الرئيس منها محاولة إيجاد دور ما لقطر في المفاوضات يلبي رغبة قيادتها في الظهور كلاعب رئيس في واحدة من القضايا الرئيسة في المنطقة، وبصورة لاتقل أهمية عن الدور الذي تلعبه الكويت المستضيفة وسلطنة عمان وحتى السعودية المعتدية.
كان لافتاً الضجة الإعلامية الكبيرة للدور القطري المفاجئ خاصة في الإعلامين القطري والسعودي بدرجة تالية، رغم أن الأمر لم يتعد مجرد لقاء هامشي لأمير قطر مع هادي وبحضور بان كي مون، مع ملاحظة عدم الكشف عن أية تفاصيل بشأن الدور القطري ونوعية الضغوط والمغريات المقدمة لهادي ووفده، علاوة على أنه كان بالإمكان أن يقوم بان كي مون بمهمة الضغط على هادي خلال لقائهما في الدوحة، أو أن يقوم بتلك المهمة أمير الكويت، الذي تمكن قبل ذلك من إعادة الطرفين إلى طاولة الحوار.
كما أنه، في حقيقة الأمر، لم يطرأ شيء جديد على المفاوضات، بحيث يتم استخدامه من قبل وفد حكومة هادي كمبرر لعدول وفد الرياض عن تعليق مشاركته في المفاوضات، فهناك فرق شاسع بين الحصول على التزام خطي من الطرف الآخر في المفاوضات بالمرجعيات المؤكد عليها مسبقاً، وبين التزام الوسيط الأممي، الذي يؤكد باستمرار عليها وعلى أن طرفي المفاوضات موافقان على المرجعيات، وأن الخلاف في ترتيب مواعيد تنفيذها.
لكن.. ونظراً لأن احتضان الدوحة وتمويلها للإخوان وعداوتها الشديدة للرئيس السابق، يجعل من الصعب دخول قطر ضمن دائرة الوسطاء الرئيسيين في المفاوضات، لذا تم اختيار لعبها دور الوسيط المنقذ الذي دخل بصورة مفاجئة وغير متوقعة لإنقاذ المفاوضات في أصعب أوقاتها، رغم محدودية ووقتية ذلك الدور.
لذا.. ولإضفاء أهمية كبرى للدور الذي لعبته قطر في المفاوضات، تم إخراج الدور القطري عبر تدخل أميرها بشكل مباشر وليس عبر وزير خارجيتها، كما يفترض في مثل هذه الحالات، وتم ممارسة الضغط على هادي مباشرة وليس على المخلافي، وبحضور وتنسيق مع أرفع مسئول أممي (بان كي مون ) وليس مع ولد الشيخ أحمد..
ولإبراز أهمية الدور القطري وتدخلها في اللحظات الحرجة، حرص عبدالملك المخلافي على التأكيد أن عودتهم إلى المفاوضات هي فرصة أخيرة للمفاوضات، وهو ما ذهب إليه ولد الشيخ، أيضاً، بتكرار حديثه عن أن مفاوضات الكويت فرصة تاريخية لن تتكرر.
من الواضح أن قرار وفد حكومة هادي تعليق مشاركته، اختير بعناية وبالتنسيق مع ولد الشيخ والنظام القطري، حيث تم قبل أيام من موعد انطلاق أعمال منتدى الدوحة السادس عشر، والذي يوفر فرصة مناسبة للنظام القطري يستطيع من خلالها لعب دور مهم – يحسب لها- في المفاوضات.. ولاشك أن ذلك لن يكون دون مقابل مادي مجزٍ لهادي ووفد حكومته ولولد الشيخ في صورة تكشف جانباً من الصورة الحقيقية لما يحدث من استرزاق ومتاجرة بالدماء وبالمشاعر وبحاضر ومستقبل اليمن.
* عبدالعزيز ظافر معياد، كاتب وباحث من اليمن
اقرأ أيضاً للكاتب: