"يوراسيا ريفيو" الدولية: الفشل السعودي في الحرب على اليمن: التذرع برئيس فاشل فقد شرعيته ودمر بلاده وقتل شعبه (ترجمة)
في 26 مارس 2015، أطلق التحالف العسكري بقيادة السعودية - والتي تتألف من عشر دول سنية، بما في ذلك جميع دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) باستثناء سلطنة عمان - "عملية عاصفة الحزم" في اليمن. وكانت أهداف التحالف ثلاثة محاور: دحر حركة الحوثيين السائدة في اليمن، استعادة حكومة الرئيس المخلوع منصور هادي، وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
وعلى الرغم من أن السعوديين أعلنوا منذ ذلك الحين بأن مهمتهم أنجزت، استؤنفت العمليات العسكرية تحت مسمى "اعادة الأمل".
من الصعب أن نتصور كيف يمكن لحملة عسكرية تقتصر على الضربات الجوية فقط، أن تحقق هذه الأهداف الثلاثة.
غارات التحالف - العدوانية في طبيعتها - لم تستطع أن توقف تقدم أنصار الله. بالرغم من أن احد الأهداف الأصلية هي منع الحوثيين من الاستيلاء على عدن، إلا أن ذلك لم يمنع أنصار الله "الحوثيين" من الاستيلاء على أجزاء كبيرة واجبار هادي على الفرار الى المنفى. بل وعلى العكس - حتى كتابة هذه السطور - الحوثيين والجيش اليمني في المرحلة الاخيرة من سيطرتهم لمنطقة التواهي، وهي المعقل الأخير لهادي في عدن.
وما يثير الدهشة، أن الضربات التي تقودها تلك الدول لا تركز ضرباتها على الجبهات الجنوبية المهمة، التي يقاتل الحوثيون من أجل السيطرة عليها منها أبين وشبوة، وعلى الرغم من قنابل التحالف التي ضربت المناطق الساخنة في عدن وتعز، فقد ضربت أيضا معاقل الحوثيين في محافظة صعدة شمال صنعاء، وفي المدن الساحلية الحديدة وحرض.
ولذا، فاذا كان هدف ضربات التحالف شل حركة الحوثيين، فقد فشلت بوضوح مهمتهم.
ففي حين يشن الحوثيون غارات بارزة داخل الأراضي السعودية، لا تزال القوى العاملة التابعة لهم تركز على المقاومة المحلية في محافظات جنوب اليمن، حيث المحافظات التي ستحدد نتيجة الحرب.
سقوط "شرعية" هادي
على الرغم من المبرر الرئيس لحملة السعودية وحليفاتها هي إعادة شرعية هادي، إلا أن الشرعية (المفترضة) أصبحت واهية، وسقطت من أنظار معظم اليمنيين.
وبعد أن انتقلت السلطة في 2011 الى الرئيس المنفي هادي، الذي كان نائباً للرئيس علي عبدالله صالح، بموجب المبادرة الخليجية، تم ترشيحه بموجب تلك المبادرة على أن يكون المرشح الوحيد.
لكن الرئيس المنفي لم يكن جادا وحاسما في حكمه، بل وتجاهل معظم الصراعات التي اندلعت في انحاء اليمن في فترة حكمه، منها الصراعات بين الحوثيين وقبائل آل الأحمر، والاشتباكات المتكررة التي تنطوي على حركة الانفصال في الجنوب، فضلاً عن الصراعات القبلية في حضرموت ومأرب والجوف وغيرها..
فمنذ أغسطس 2014، والاقتصاد اليمني اصبح مشلولا تماما، وانعدام الأمن على نطاق واسع أصبح يعرج الى حرب صريحة. حاليا، الرئيس المنفي في الرياض يدعو الائتلاف لمواصلة قصف أهداف الحوثيين واستعادته واستعادة الامن والاستقرار. فما تبقى من دعمه من أولئك الذين ينظرون إليه باعتباره الوكيل الأنجع لمقاومة الحوثيين، ينطبق الشيء نفسه على شرعية هادي.
تأثير التحالف على استقرار اليمن
للمفارقة، أعلن وزير الخارجية السعودي أن حملة القصف ستستمر حتى "يعود الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية لليمن." بوصفها بلدا مجاورا، المملكة العربية السعودية لديها مصلحة في استقرار اليمن، لكن بعد الحملة العسكرية الجارية، دمر التحالف ما تبقى من الاستقرار الذي كانت تتمتع به تلك الدولة الفقيرة.
أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن العنف في اليمن ادى الى سقوط مالا يقل عن 1278 شخصا.
وقبل الحرب كانت تستورد اليمن أكثر من 90% من احتياجاتها الغذائية. تخيل هذا الرقم في وقت الحصار المفروض من قبل ذلك التحالف المزعوم.
اضف الى ذلك، أن 12 مليونا من اليمنيين يعانون نقصاً حاداً في الامن الغذائي.
في خضم هذه الفتنة، التهديد المباشر لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يلوح أكبر من أي وقت مضى. في 16 أبريل 2015، استولى تنظيم القاعدة على مدينة المكلا عاصمة خامس أكبر محافظة يمنية، ومع ذلك تحاشى ذلك التحالف "المزعوم" ضرب ذلك التنظيم الارهابي الذي اشغل العالم بارهابه، بل على العكس تماماً، دعمتهم السعودية بالسلاح والصواريخ والاموال عن طريق الانزال الجوي.
وعلى الرغم من دور واشنطن في "عملية عاصفة الحزم" اللوجستية، لكنها مع ذلك تعتبر داعمة. ومع هذا الدعم، ظهر مسؤولون عسكريون أمريكيون يتحدثون عن الخلط بين أهداف حملة القصف التي تقودها المملكة العربية السعودية. وقال بعد يوم من بدء العملية الجنرال لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الامريكية، للصحفيين "لا أعرف حاليا الغايات والأهداف المحددة للحملة السعودية، واتمنى أن تكون هذه الاهداف قادرة على تقييم احتمالات النجاح".
وعلى الرغم من الجهل المعلن للأهداف التشغيلية، فإن الولايات المتحدة تعتبر شريكة في ذلك. وقد صرح مسؤولون أميركيون آخرون أن الهدف من حملة القصف هو إجبار الحوثيين على حل سياسي. ومع ذلك، فإن هذا يتناقض مع تصريحات هادي ومؤيديه في الرياض. ودعا هادي بنفسه قوات التحالف لمواصلة قصف بلاده الى حين هزم الحوثيين واعادة الامن والاستقرار الى اليمن الذي كان يتمتع به. وقد ذكر السعوديون على نحو مماثل أن شروط وقف إطلاق النار هو نزع الحوثيين السلاح واسترداده واعادة الشرعية لهادي.
الولايات المتحدة، إذا ارادت، فهي قادرة على وقف الهجوم من خلال الضغط على حلفائها العرب لتوافق على وقف إطلاق النار.
حتى يعود الاستقرار الى اليمن، يتطلب على المملكة العربية السعودية وحلفائها وقف القصف والحصار على أفقر دولة في العالم العربي.
أن هدف السعودية في اعادة الشرعية الى الرئيس الذي ترك بلاده ولم يستطع ان يحميها، غير عقلاني الى حد كبير.
فعن اي هدف يتحدث الرئيس المنفي في الرياض وقد دمر بلاده وقتل شعبه بيده ويد غيره.
*ترجمة عن Eurasia Review
مجلة أوروبية