"حزب الوطن والهوية والديموقراطية".. عن المؤتمر الشعبي العام في ذكرى تأسيسه

خالد اليمني

لطالما فكرت بالكتابة عن حزب المؤتمر الشعبي العام، حزب الحياة والمجتمع والناس أجمعين، حزب أبي وأمي وأغلب المواطنين، حزب القيادة والبساطة والمرونة والشعبوية، حزب اليمنيين بمختلف ألوانهم وتوجهاتهم، حزب اليمين والوسط واليسار، حزب الوطن والهوية والرؤى الواقعية، لطالما فكرت فعلًا بالكتابة الموضوعية والمنصفة والصادقة عنه وعن تاريخه ومراحله المتعاقبة، الكتابة بشكل مختلف وبطريقة تنتمي للناس وحياتهم، كتابة الاعتراف والأحقية والواقعية، عن الحزب الذي ينتظره الشعب للنجاة من ويل الاحتكار الديني للمشاريع الخارجية، عن الشعب والناس والمواطنين، بينما يعترفون بأنفسهم وتوجهاتهم وقناعاتهم، فقط لكونهم يمنيين، وبسطاء ومواطنين لا ينتمون لأي حزب، الكيان الذي صار مجتمعًا متكاملًا، والمنظومة المعبرة عن انتماء الناس بلا ضرورات تنظيمية ومسميات سرية، الحزب المنبثق عن الحياة ومجرياتها، عن السياسة الواضحة والخدمية بكل ضرورياتها، حزب الإنسان المتعلم والجاهل والغني والفقير، حزب المنفتحين والمساكين والناس بشتى نواياهم وأزماتهم، حزب الرغيف والماء والكهرباء والصحة والتعليم، حزب الحياة العامة، والخدمات الحياتية.

 

إنها الحقيقة، عن حاجة الشعب والوطن لكيان حزبي سياسي بعيد كليًا عن جدلية الدين والمذاهب والأحقية والاقتتال، حاجة ملحّة جدًا ومهيّأة تمامًا ولديها قابلية جامعة في الوسط الشعبوي والنخبوي والجغرافي اليمني، على مستوى الداخل والخارج، كيان يميل للبراغماتية في التعاطي والتناولات السياسية الديمقراطية، وبغاية خدماتية تنموية بحتة، مع مراعاة ضرورة التعايش العام والمسلمات المجتمعية والدينية لكل الفئات والتيارات.. المؤتمر الشعبي العام أهم هذه الأحزاب بل وأوحدها، ويعول عليه الكثير والكثير، ولكن القادم أيضًا بحاجة لمزيج حزبي عام من شتى التوجهات والأشكال والأنواع، بهدف الاندماج في كيان واحد، كيان منقذ، وفكرة عامة ليتمحور الواقع الحزبي بغرض إنتاج شكل جديد في المستقبل سيكون مربط الحظ الأوفر والإقبال الشعبي الأوسع..

 

المؤتمر الشعبي العام، يمثل الحاضنة الشعبية الحقيقية على مستوى الوطن، والطريق إلى السلطة لا يأتي إلا عبره، هذه أهم الدروس التاريخية، فشعبيًا، وبناءً على التجربة والخبرة والدراية، ما يزال المؤتمر الشعبي العام يمثل الفكرة الأهم في عقول الناس عن الحزب المادي المتمكن من تسيير السلطة.. فخلّوه من الأصوليات الدينية والحواجز الفكرية جعله بمثابة الدولة المرغوب بها في أحلام الناس وتوجهاتهم، كل هذا تجدونه من واقع المجتمع وتفاعلاته اليومية منذ سنوات، خصوصًا مع تجارب عميقة ومتقدمة جدًا.. فاليمنيون جميعًا، بكل أجزاء الوطن المترامي، في أزهى مراحل الوعي والمعرفة والدراية الناتجة عن التجربة والمعاناة والخبرة المتراكمة والمتلاحقة، لكنهم راضخون للعوز المادي والعجز المعيشي، حتى من عمق المؤدلجين والمنتمين للتنظيمات الدينية على أساس الحق وضرورة الحكم بناءً على الدين والتدين، هؤلاء على وجه الخصوص عرفوا ما تعنيه المبررات المهيّأة للفساد والاستغلال واكتساب السلطة واحتكارها للأشخاص والأسر والأقارب، لهذا صدّقوني، إذا ما أتيح لليمنيين عمومًا المشاركة والتشارك في صناعة المستقبل وفق قناعاتهم وإرادتهم سيفاجئون العالم بنوعية الاختيار والتوجه، وهذا ما نعوّل عليه للمستقبل القادم..

 

كل هذا التعقيد والتمزق أفادنا ويفيدنا من أجل القناعة التامة والعامة والجامعة والشعبية المطلقة بضرورة الدولة والحفاظ عليها واختيار الحزب الأجدر بها لإدارتها وحكمها.. لهذا دعوا الخوف والقهر والأوجاع تتزايد، دعوا الحياة تشتد أكثر وأكثر، دعوا اليأس يقبض على كل الوجوه والعقول والتوقعات، لا بد ولا بد أن تتغير الموازين وتتبدل المعطيات، لا بد أن تأتي معجزة الدعوات والأمنيات، ليصنع الشعب رؤيته وقناعته ووعيه العظيم، هذا ما سيحدث رغمًا عن الدنيا برمتها، الخير قادم، والدولة قادمة، وإن لم تكن لنا، فللأجيال من بعدنا، لمليار عام قادمة من خلفنا، لأرواحنا المحلّقة على أمل النجاة من هذا الضياع..

 

الوعي والتجارب الشعبية والجمعية بمعناها السياسي في رأيي تعني معرفة الشعوب بخطورة الانتماء الديني والطائفي والمذهبي في السياسة والسلطة، وهي أكبر عوامل التفخيخ والاحتقان والضياع، الانتماء الديني يعني حاجزًا مرتفعًا من الخوف والتردد بين السلطويين وشعبهم، السياسيون بدوافع دينية أو مناطقية أو عنصرية يظلون غير أكفاء لاعتلاء رأس السلطة، أولويتهم لم تصبح بعد الكفاءة والشعب والوطن..