بعد أيام من قرار حظر العملات الأجنبية.. أسواق اليمن بين الارتباك والرهان على استقرار الريال
بعد عدة أيام من دخول قرار الحكومة اليمنية القاضي بمنع التعاملات التجارية والمالية والخدمية بالعملات الأجنبية حيز التنفيذ، لا تزال ردود الفعل تتباين بين الترحيب الرسمي بالخطوة باعتبارها أداة لتعزيز مكانة الريال اليمني، وبين مخاوف في الأوساط التجارية من انعكاسها على النشاط الاقتصادي، خاصة في ظل اعتماد البلاد شبه الكامل على الاستيراد بالعملات الصعبة.
القرار مثّل تحوّلًا في سياسة الحكومة النقدية، إذ ألزم جميع القطاعات بالتعامل بالعملة الوطنية فقط. وخلال الأيام الماضية أصدرت مؤسسات حكومية عدة، منها البنك المركزي ووزارة المالية ووزارة النقل ووزارة التعليم العالي، تعميمات تنفيذية شددت فيها على ضرورة الالتزام بالقرار، فيما أعلنت شركة الخطوط الجوية اليمنية بدء بيع التذاكر بالريال اليمني، وألزمت الجامعات والمعاهد الخاصة بتحصيل الرسوم الدراسية بالعملة المحلية.
لكن في المقابل، أثارت الخطوة جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية. فالتجار الذين يرتبط نشاطهم بالاستيراد الخارجي يرون صعوبة في حصر التعامل بالريال اليمني داخليًا، بينما يضطرون إلى توفير الدولار والعملات الأجنبية لتسديد التزاماتهم الخارجية. وهو ما خلق حالة من الارتباك في السوق، حيث سجلت بعض القطاعات تباطؤًا في حركة البيع والشراء، في انتظار وضوح آليات التطبيق.
مصادر في القطاع المصرفي أكدت أن نجاح القرار يتطلب من البنك المركزي توفير غطاء نقدي مستقر وتعزيز الرقابة على سوق الصرف لمنع عودة التعاملات غير الرسمية بالعملات الأجنبية. فيما يرى اقتصاديون أن الخطوة على أهميتها، قد تبقى مجرد قرار إداري إذا لم تقترن بحزمة إصلاحات موازية تشمل ضبط السوق المصرفية وتنظيم التحويلات المالية وتعزيز الشفافية في تعاملات القطاعين العام والخاص.
وفي حين تراهن الحكومة على أن القرار سيعيد الثقة بالعملة المحلية ويحد من المضاربة التي كانت أحد أبرز أسباب تدهور سعر الريال، فإن الشارع اليمني لا يزال بانتظار نتائج ملموسة. فالمواطن البسيط لا يعنيه سوى استقرار الأسعار وقدرته على تلبية احتياجاته اليومية بعيدًا عن فوضى الأسواق وتقلبات العملة.
بهذا، يبقى قرار حظر التعامل بالعملات الأجنبية اختبارًا صعبًا لمدى قدرة الحكومة والبنك المركزي على فرض سلطتهما النقدية، وتحويل الخطوة من مجرد إجراء إداري إلى سياسة اقتصادية مؤثرة على الواقع المعيشي.