حضرموت... حين تنطق الأرض بما عجزت عنه النخب اليمنية
مصطفى محمود
في لحظة بدا فيها اليمن وكأنه فقد القدرة على الحلم، خرجت حضرموت لتقول شيئًا مختلفًا. لم تكن مجرد مظاهرات، بل كانت استعادة للمعنى، إعلانًا بأن الإنسان اليمني لم يُهزم بعد، رغم الحرب، رغم الانقسام، رغم الفقر الذي ينهش الأرواح قبل الجيوب.
ما حدث هناك لم يكن حدثًا محليًا، بل كان فعلًا وجوديًا: شعب يرفض أن يُختزل في معاناة، ويطالب بأن يُرى ككائن حي، له كرامة وله صوت.
شخصيا أرى أن حضرموت كسرت الصمت، لا فقط السياسي بل الوجودي
فاليمن كله يعيش الأزمة ذاتها، لكن حضرموت قررت أن ترفض الخضوع والخنوع وأبت إلا أن تتكلم. لا بلغة السلاح، ولا بمنطق الفوضى، بل بلغة الإنسان اليمني: غضب واعٍ، منظم، سلمي. كأنها تقول إن التغيير لا يحتاج إلى أدوات القوة، بل إلى استعادة الذات من قبضة الخوف.
هذا النموذج ليس حكرًا على حضرموت. يمكن أن يُعاد في تعز، في الحديدة، في صنعاء، في عدن. لأن الألم واحد، والخذلان واحد، وما يميّز حضرموت أنها قالت "كفى" حين صمت الجميع.
الاحتجاجات السلمية ليست تكتيكًا، بل موقفًا أخلاقيًا،
ما ميّز حضرموت أنها لم ترفع شعارات فئوية، بل رفعت الإنسان. لا للعنف، لا للانقسام، نعم لوحدة اليمن، نعم لكرامة المواطن. هذه الشعارات لم تكن مجرد كلمات، بل كانت محاولة لإعادة تعريف السياسة: ليست صراعًا على السلطة، بل نضالًا من أجل المعنى.
السلمية هنا ليست ضعفًا، بل قوة أخلاقية. إنها رفض للانزلاق إلى عبثٍ جديد، وحرص على ألا تُسرق الأحلام مرة أخرى.
أنا أعتقد أن الرسالة وصلت... فهل من مجيب؟.... حضرموت لم تطلب شيئًا مستحيلًا. طلبت فقط أن يُنظر إلى اليمني كإنسان، لا كرقم في تقرير إغاثة، ولا كأداة في صراع إقليمي. طلبت دولة مدنية وطنًا موحدًا، وكرامة لا تُساوَم.
الرسالة خرجت من حضرموت، واضحة، نقيّة، شجاعة.
الآن، السؤال ليس ماذا قالت حضرموت، بل: هل يسمع اليمنيون صوت حضرموت؟ وهل يملكون الشجاعة ليقولوا "نحن أيضًا... كفى"؟
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك