الجارديان: قوات جولاني متورطة في قتل المسعفين الفلسطينيين

نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن مصدر استخباري، إن قوات من لواء جولاني التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي بقيادة الجنرال يهودا فاخ متورطة في قتل مسعفين فلسطينيين.

وكان الهلال الأحمر الفلسطيني انتشل أوائل الشهر الجاري جثث 15 مسعفًا، بينهم 8 من طواقمه و6 من الدفاع المدني وموظف يتبع وكالة أممية، استُشهِدوا في إطلاق نار لجيش الاحتلال الإسرائيلي على سيارات إسعاف في تل السلطان في رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة، قبل أسبوع.

وأقرَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي أن جنودًا من لواء جولاني، أحد ألوية المشاة الخمسة التابعة له، أطلقوا النار على قافلتين من سيارات الإسعاف في رفح في 23 مارس، بعدما وصفهم سابقًا بأنهم "إرهابيون".

وادعي جيش الاحتلال أن قواته أطلقت النار على سيارات إسعاف في قطاع غزة بعدما اعتبرها "مشبوهة"، وأن المركبات كانت "تتحرك بشكل مريب" دون تشغيل الأضواء أو إشارات الطوارئ.

كانت الوحدة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي المتورطة في قتل 15 مسعفًا وعامل إنقاذ فلسطينيين في قطاع غزة الشهر الماضي تحت قيادة لواء يقوده جنرال إسرائيلي سيئ السمعة اتهمه بعض جنوده في السابق بـ"ازدراء الحياة البشرية".

وأنكر جيش الاحتلال شهادة اثنين ممن شاركوا في استخراج الجثث من مقبرة جماعية حفرها جنوده، ونتائج تشريح الجثث التي نُشرت مؤخرًا، والتي أظهرت أن العديد من القتلى مصابون بطلقات نارية من مسافة قريبة في الرأس والصدر، وأنهم عُثر عليهم مقيدين بأيديهم أو أرجلهم.

فيما أفاد مصدر استخباراتي عسكري رفيع المستوى، مطلع على الانتشار الأخير لجيش الاحتلال في جنوب غزة، لصحيفة "ذا جارديان" بأن عناصر ميدانيين من الوحدة 504، وهي وحدة استخبارات عسكرية معروفة بقسوتها وسلوكها المتهور ، بما في ذلك التعذيب، كانوا حاضرين أثناء الهجوم، ورفض جيش الاحتلال التعليق على تورط الوحدة 504.

خلال الهجوم على رفح الفلسطينية، كانت قوات جولاني تحت قيادة اللواء الاحتياطي المدرع الرابع عشر، وهي جزء من فرقة يقودها العميد يهودا فاخ الذي يقول ضباط سابقون إنه عيّن "منطقة قتل" غير رسمية في مكان آخر من القطاع، ما أدى إلى عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين، كما زعم الجنود أن "افتقار فاخ للانضباط العملياتي" عرّض حياة الجنود للخطر.

وقال فاخ أيضًا للجنود "لا يوجد أبرياء في غزة"، وفقًا لتحقيق أجرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية.
سياسة إطلاق النار المفتوح

في مقطع فيديو لجنود جولاني أثناء تلقيهم إيجازًا قبل إعادة انتشارهم في غزة في وقت سابق من هذا الشهر، بثَّته القناة 14 الإسرائيلية، بدا قائد كتيبة مؤيدًا لسياسة إطلاق النار المفتوح، قائلاً للجنود: "أي شخص تواجهونه هناك هو عدو، إذا حددتم أي شخص، فستقضون عليه".

واتُهم جنود جولاني في السابق بارتكاب جرائم حرب في الصراع، بما في ذلك قتل المدنيين، ومعاملة الجثث بشكل مهين، والتدمير غير المبرر للبنية التحتية المدنية، والتحريض على الإبادة الجماعية.

أصبحت أغنية كتبها أحد أفراد الكتيبة 51 التابعة للواء في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أشعل فتيل الحرب، نشيدًا غير رسمي للعديد من الجنود، وتتضمن كلماتها: "على ما فعلتموه بأمة إسرائيل، جولاني قادم بالبنزين... ستحترق غزة".

ويتضمن الفيديو الموسيقي المصاحب لقطات من عمليات لواء جولاني في غزة، حيث يمكن رؤية علم اللواء الأصفر والأخضر بوضوح.

تباينت الروايات بشأن إطلاق قوات إسرائيلية النار على سيارات إسعاف في منطقة تل السلطان الشهر الماضي، ودحض مقطع فيديو نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الرواية الإسرائيلية، إذ يُظهِر بوضوح سيارات الإسعاف وشاحنة الإطفاء التي كان على متنها عناصر الإسعاف والدفاع المدني الـ15، مشيرة إلى أن مصابيح الطوارئ في المركبات كانت مشغّلة لحظة استهدافها.

جُمعت العديد من الادعاءات ضد جنود لواء جولاني من صور ومقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي من قِبل الجنود أنفسهم، واستُشهد بها في ملفات قانونية قدمتها مؤسسة هند رجب، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى محاسبة العسكريين الإسرائيليين على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في غزة، ويقول مسؤولون إسرائيليون إن مؤسسي المنظمة، التي تتخذ من بلجيكا مقراً لها، لهما تاريخ من الآراء المتطرفة.

كما تم دعم وجود الوحدة 504 من خلال رواية الناجي الوحيد من المذبحة، وهو المتطوع في الهلال الأحمر منذر عابد، والصور الرسمية ومقاطع الفيديو للعمليات الأخيرة التي نفذها جيش الاحتلال في رفح.

وأجرت الوحدة آلاف الاستجوابات مع أسرى من غزة أثناء الحرب، وتختلف عن أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأخرى في أن جنودها هم قوات قتالية تعمل على مستوى الكتيبة، ويتحدثون اللغة العربية بطلاقة.

وبحسب عابد، وهو متطوع في خدمة الإسعاف يبلغ من العمر 27 عامًا، فإن القوات التي وصفها بأنها تشبه "القوات الخاصة .. المسلحة ببنادق وأشعة الليزر الخضراء ونظارات الرؤية الليلية" سحبته من سيارة الطوارئ بعد أن تم إطلاق النار عليها بشكل مستمر لمدة خمس دقائق، ما أسفر عن مقتل السائق والمسعف الذي كان يسافر معه.

وقد يتطابق الوصف الموحد مع قوات الكوماندوز التابعة لجولاني أو مع عناصر الوحدة 504 الميدانيين.

وقال "عابد" إنه تم تجريده بعد ذلك من ملابسه باستثناء القطع الداخلية، وكانت يداه مقيدتين خلف ظهره، وتعرض للتهديد والخنق والضرب خلال عدة ساعات من الاستجواب.
تناقض روايات جيش الاحتلال

في الأسبوع الماضي، تراجع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن روايته بشأن مقتل المسعفين بعد ظهور لقطات تناقض ادعاءاته بأن مركبات الهلال الأحمر لم تكن تحمل علامات طوارئ ولم تكن تستخدم المصابيح الأمامية أو الأضواء الوامضة عندما فتحت القوات النار.

وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن ما بين ستة وتسعة من المسعفين كانوا على صلة بحماس، دون تقديم أدلة، ولم يكن أيٌّ من الشهداء (8 من موظفي الهلال الأحمر، و6 من عناصر جهاز الدفاع المدني في غزة، وموظف واحد من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا") مسلحًا، ولا يزال أحد موظفي الهلال الأحمر في عداد المفقودين.

وأمر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الفريق إيال زامير، بإجراء تحقيق ثانٍ أكثر تعمقًا في الهجوم.

على مدار أكثر من 18 شهرًا من الحرب، قتل جيش الاحتلال مئات العاملين في المجال الطبي وموظفي وكالات الإغاثة ومنظمات الأمم المتحدة في غزة. وفي أبريل من العام الماضي، قُتل سبعة أعضاء من جمعية "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية في هجوم إسرائيلي متواصل على مركباتهم التي تحمل علامات واضحة.

لطالما اتهمت منظمات حقوق الإنسان جيش الاحتلال الإسرائيلي بثقافة الإفلات من العقاب، إذ نادرًا ما يُحاكم جنوده، ففي عام 2023، لم تُصدر أحكام بالإدانة إلا في أقل من 1٪ من الشكاوى المقدمة ضد ممارسات القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقًا لأحدث تقرير سنوي صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، دعت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى إجراء تحقيق دولي في الحادث، الذي كان الأكثر دموية بالنسبة لأعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ مقتل ستة عمال بالرصاص في عام 2017 في كمين لتنظيم داعش في أفغانستان.