جنوب إفريقيا تُصعّد موقفها ضد إسرائيل رغم ضغوط ترامب.. وانقسامات داخلية تُهدد استقرار الائتلاف الحاكم

رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا يؤدي التحية الوطنية في قاعة مدينة كيب تاون، قبل خطابه عن حالة الأمة في كيب تاون. 6 فبراير 2025 - Reuters

أكد وزير الخارجية الجنوب إفريقي رونالد لامولا أن بلاده لن تتراجع عن الدعوى القضائية التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية باتهام إسرائيل بـ"ارتكاب إبادة جماعية" في غزة، رغم العقوبات الأميركية التي فُرضت مؤخراً رداً على هذا الموقف. جاء ذلك في تصريحات لـ"فاينانشيال تايمز" الأربعاء، حيث وصف القضية بأنها "مهمة للعالم وسيادة القانون"، مُعتبراً أن "التمسك بالمبادئ قد يكون له ثمن، لكن الثبات واجب".

عقوبات أميركية واتهامات متبادلة

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي أمراً تنفيذياً بوقف المساعدات الخارجية لجنوب إفريقيا، متهماً إياها بـ"تبني مواقف عدائية" ضد حليفتي واشنطن (إسرائيل)، وإصدار قانون يسمح بمصادرة أراضٍ يملكها "الأفريكان" (ذوو البشرة البيضاء)، ما أثار مخاوف من عرقلة برامج التعويضات بعد حقبة الفصل العنصري. كما اتهمت الإدارة الأميركية بريتوريا بالتعاون مع إيران في مجالات تجارية وعسكرية، وهو ما نفاه لامولا قائلاً: "علاقتنا مع طهران جيدة لكنها لا تشمل نوويّاً أو تعاوناً استثنائياً".

وأشار البيت الأبيض إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن سياسة أوسع لمواجهة "التحديات التي تهدد المصالح الأميركية"، بينما حذّرت تقارير من تبعات اقتصادية أشد في حال إلغاء اتفاقية "أجوا" التجارية، التي تسمح لدخول منتجات جنوب إفريقية إلى الأسواق الأميركية دون رسوم. وصدرت البلاد بضائع بقيمة 3.6 مليار دولار عبر هذه الاتفاقية عام 2023.
انقسامات داخل الائتلاف الحاكم

كشفت "فاينانشيال تايمز" عن انقسامات داخل الحكومة الائتلافية التي تشكلت عام 2023 بعد خسارة حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" أغلبيته. فبينما دعا جون ستينهايسن، زعيم "التحالف الديمقراطي" المؤيد لقطاع الأعمال، إلى إصلاح العلاقة مع واشنطن "لإنقاذ النمو والوظائف"، هاجم سونجيزو زيبي من حزب "رايز مزانسي" الضغوط الأميركية ووصفها بـ"الحملة ضد التعددية الدولية".

من جهته، ألقى ستينهايسن باللوم على حزب المؤتمر لتقرّبه من روسيا وإيران، مُحذراً من تأثير التوتر مع أميركا على الزراعة والاستثمارات. لكنه أقرّ باستحالة سحب الدعوى من المحكمة الدولية، فيما رأى زيبي أن "ترمب يبحث عن ذريعة لتصفية حسابات سياسية".

رفض أفريكاني لعروض ترامب ومخاوف اقتصادية

رفضت جماعات "الأفريكان" بشكل شبه كامل عرض ترمب بإعادة توطين أحفاد المستوطنين الهولنديين كلاجئين في أميركا، حيث قالت منظمة "أفريفوروم" إن أقل من 1% من أعضائها أبدوا اهتماماً بالهجرة.

في المقابل، يُحذّر محللون من أن فقدان امتيازات "أجوا" قد يُضاعف أزمات جنوب إفريقيا الاقتصادية، خاصة مع تراجع النمو وارتفاع البطالة إلى 32%. وأكد لامولا أن بلاده تسعى إلى "حوار عاجل" مع واشنطن، لكنه استبعد تقديم تنازلات: "القضية الفلسطينية ليست مساومة، والعدالة لا تُسقط بالضغوط".