تفجير جامع دار الرئاسة.. بصمات الإخوان وغياب الإدانة الرسمية
شهد اليمن في عام 2011 واحدة من أخطر الجرائم الإرهابية التي هزّت البلاد، حين تعرض مسجد دار الرئاسة في صنعاء لتفجير دموي استهدف رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح وكبار قيادات الدولة أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة.
تلك الجريمة التي أودت بحياة عدد من القيادات، وجرحت آخرين، لم تكن مجرد عمل إرهابي معزول، بل وفقًا لمصادر متعددة، كان لحزب الإصلاح (الإخوان المسلمين فرع اليمن) دور محوري فيها.
جاء التفجير في ذروة الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد عام 2011، وسعى منفذوه إلى إحداث فراغ دستوري يُغرق اليمن في فوضى عارمة، وهو ما حدث فعلياً في السنوات التي تلت الجريمة.
اللافت في الحادثة كان رد فعل حزب الإصلاح، حيث سارع أتباعه فور وقوع التفجير إلى إبداء فرحتهم عبر خطباء صلاة الجمعة في ساحات الاعتصام بجامعة صنعاء، وعبر وسائل الإعلام التابعة والموالية للحزب، وأيضاً تصريحات غير مسؤولة وحصيفة لقيادتها. علاوة على ذلك صم -حينها- الحزب أذنيه من إدانة الجريمة.
ورغم مرور سنوات طويلة على الحادثة، لم يصدر حزب الإصلاح أي إدانة رسمية للجريمة أو لمن نفذها. هذا الصمت المريب يعزز الشكوك حول تورط الجماعة بشكل مباشر، خاصة أن المستفيد الأكبر من هذا الهجوم كانت القوى التي سعت إلى استغلال الفوضى لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري في البلاد.
تفجير مسجد دار الرئاسة لا يمكن اعتباره سوى جريمة إرهابية مكتملة الأركان، إذ استهدفت رأس الدولة وقياداتها العليا في وقت حساس، ما يعكس تخطيطاً ممنهجاً لإحداث زلزال سياسي وأمني في البلاد.
وحسب محللين ومراقبين تحدثوا لوكالة "خبر"، هذه الجريمة فتحت الباب أمام انهيار المؤسسات، وأطلقت سلسلة من الأحداث التي ما زال اليمن يعاني من تبعاتها حتى اليوم، وكان حزب الإصلاح في صدارة جميعها، ويعمل جاهداً على إفشال أي مساعٍ حميدة لإعادة ترميم هيكل الحكومة، وتعزيز كل ما من شأنه إغراق البلاد في عتمة الصراعات، لادراكه أنه غير قادر على الحياة في النور.
ويرى المراقبون أن حزب الإصلاح، الذي مثّل الإخوان المسلمين في اليمن، يتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية عن الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البلاد. فمنذ عام 2011، انتهج الحزب سياسات قائمة على العنف والتآمر لتحقيق أهدافه، دون النظر إلى الكلفة الباهظة التي يدفعها الشعب اليمني.
اليوم، ومع تزايد الدعوات إلى محاسبة المتورطين في جريمة دار الرئاسة، يجد حزب الإصلاح نفسه في مواجهة تاريخية مع الحقائق. فالإصرار على عدم إدانة التفجير، والصمت حيال نتائجه الكارثية، يزيد من عزلته السياسية ويضعه تحت طائلة المساءلة المحلية والدولية.