ما سيناريوهات ما بعد باخموت؟

بعد 10 أشهر من القتال، أعلنت مجموعة «فاغنر» الروسية السيطرة على باخموت، محققة نجاحاً تكتيكياً على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدتها روسيا، لكن موسكو لا تزال بعيدة كل البعد عن السيطرة الكاملة على دونباس، وفق تقرير نشرته أمس (الأربعاء)، صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

فما سيناريوهات ما بعد السيطرة الروسية على باخموت؟

كراماتورسك وسلوفيانسك في الأفق

يظل المكسب الإقليمي الروسي من الاستيلاء على باخموت رمزياً في الوقت الحالي، رغم أن الكرملين سيستغل هذا الانتصار من أجل الدعاية في الداخل الروسي وفق التقرير. لكن النجاح الروسي في باخموت كان شاقاً لدرجة أنه قد لا يكون له التأثير المطلوب، إلا إذا كانت السيطرة على باخموت تمثل الاستيلاء على تقاطع طرق مهم في المنطقة يكون بمثابة نقطة انطلاق لغزو كامل لإقليمي دونيتسك ولوهانسك.

اعتبر التقرير أن هدف السيطرة الكاملة على دونباس لا يزال بعيداً. فروسيا احتاجت لما يقرب من 10 أشهر للسيطرة على مدينة صغيرة مثل باخموت، فكيف بالأحرى إذا أراد الروس السيطرة على مدينة سلوفيانسك أو مدينة كراماتورسك العاصمة الفعلية للدونباس الأوكراني؟ وهما مدينتان كبيرتان كان عدد سكانهما على التوالي 106 آلاف و150 ألف نسمة قبل الحرب (مقابل 70 ألفاً في باخموت).

ولفت التقرير إلى أن مسافة الثلاثين كيلومتراً التي تفصل باخموت عن سلوفيانسك وكراماتورسك، مليئة بالكمائن. فقد عزز الأوكرانيون دفاعاتهم بشكل كبير في هذه المنطقة، التي تنتشر فيها الأراضي الرطبة التي يصعب عبورها بشكل خاص. تتقاطع الخنادق الطويلة في المنطقة وتشكل خطوط دفاع عدة، ربما تكون مغطاة بشكل كامل بالمدفعية الأوكرانية. بالإضافة إلى ذلك، يبدو من غير المرجح أن الجيش الروسي سوف يدفع في هذا الاتجاه على الفور، نظراً لعدد القوات التي فقدها في باخموت.

جيشان منهكان

ترك أكثر من 220 يوماً من القتال في «مفرمة باخموت» بصماته بالفعل على كلا الجانبين. فكانت معركة باخموت إلى حد بعيد أكثر المعارك دموية في الحرب في أوكرانيا. في بداية مايو (أيار)، قدر البيت الأبيض مقتل 20 ألف مقاتل روسي في الأشهر الخمسة الماضية في منطقة باخموت، نصفهم ينتمون إلى «فاغنر». وحسب الباحث الاستراتيجي جوزيف هينروتين: «ربما خسرت روسيا ما بين 30 إلى 40 ألف رجل في هجمات لم يتم دعمها في الغالب بشكل جيد». وتقدر الخسائر الأوكرانية بـ15 ألفاً أو 20 ألف رجل.

من ناحية أخرى، يبدو أن كييف قد استفادت من عامل الوقت في طول أمد معركة باخموت. فوفق التقرير، «كلا الجانبين كانت له مصلحة في إطالة أمد المعركة. فالروس كانوا يهدفون لاستنزاف الدعم الغربي لأوكرانيا، وهو ما لم يحدث في النهاية. والأوكرانيون كانوا يكسبون الوقت للاستعداد لهجومهم المضاد في المستقبل وينتظرون شحنات الأسلحة الغربية التي تتدفق أكثر فأكثر مع مرور الوقت، ولكن أيضاً «لاستنفاد الموارد الروسية على الفور وتقليل الضغط في أماكن أخرى على الجبهة.

ويرى التقرير أنه يمكن تجميد جبهة باخموت ما يحقق استقراراً مؤقتاً في الجبهة الأمامية في تلك المنطقة (نتيجة للإنهاك الذي تعرض له الجيشان).

تطويق أوكراني لباخموت؟

بعد وقت قصير من إعلان سقوط باخموت، أشار الجنرال أولكسندر سيرسكي، قائد القوات البرية الأوكرانية، إلى أن جيشه يتقدم على أطراف باخموت، ويمكن أن يحاصر المدينة. بالنسبة للجنرال أوليفييه كامبف، فإن الأمر لا يتعلق حتى بمناورة تطويق بالمعنى الدقيق للكلمة، بل بالأحرى رغبة في «الضغط على أجنحة الجيش الروسي لفتح طرق الخروج، من أجل إخراج الوحدات الأوكرانية الأخيرة (المتبقية في أطراف باخموت)».

ويمكن لكييف أن تختار بعد هذه التحركات، الهجوم المكثف، أو على الأرجح «التوقف فجأة» في هجومها، ممارسة بالتالي ضغطاً سيجبر موسكو على استخدام المزيد من القوات في الدفاع في باخموت، تحسباً للهجوم الأوكراني المضاد الواسع النطاق في المستقبل. وبذلك تتيح هذه المناورة إبقاء جزء من الجيش الروسي في باخموت، والذي لن يكون بالتالي متاحاً في أي مكان آخر عند بدء الهجوم الأوكراني المضاد الفعلي.