رغم اعترافه وتزكية تقرير الجزائية العليا.. قيادات حوثية تحشد القبائل لإفشال تنفيذ حكم إعدام بحق قاتل الدكتور "نعيم"

تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية الموالية لإيران ممارسة الضغوط، محاولة التدخل ومنع تحقيق العدالة بحق قاتل صدر بحقه حكم الإعدام نتيجة ارتكابه جريمة قتل أكاديمي في جامعة صنعاء، مع سبق الإصرار والترصد في الـ 4 من أغسطس/آب 2021، ودفعها بقبائل القاتل لتمييع القضية بحجة فقدان القاتل للعقل، في تعارض مع إقرارات الأخير الصريحة في تسجيل مرئي بارتكاب الجريمة وتقرير الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا. 
 
وقالت مصادر حقوقية، إن القيادي محمد الديلمي المعين من قبل المليشيات في منصب النائب العام أصدر توجيهاته بتأجيل تنفيذ القصاص لمدة عشرة أيام بحق القاتل فؤاد حسين صليح الذي أقدم على قتل الدكتور محمد علي نعيم الأستاذ بكلية الهندسة جامعة صنعاء، والذي كان من المزمع تنفيذ حكم الإعدام بحسب المحضر الموقع بين أسرة أولياء الدم ونيابة غرب الأمانة يوم الأحد الفائت 8 يناير الجاري.
 
وأوضحت المصادر أن أسرة الجاني فؤاد حسين صليح ومجاميع من أبناء قبيلة حاشد ومشرفي في المليشيا قامت خلال الثلاثة الأيام الماضية بنصب خيمة واستقدام العقاير (أبقار وأثوار بحسب العرف القبلي) والوصول إلى أمام منزل أسرة الدكتور محمد علي نعيم الكائن في حي الزراعة بصنعاء للضغط عليهم ومطالبتهم بالعفو العام لوجه الله عن مرتكب الجريمة.
 
واستغربت المصادر من قيام أسرة الجاني فؤاد حسين صليح بمقاضاة أسرة المجني عليه محمد نعيم والطعن في الأحكام والاستئناف طيلة 17 شهرا والاستعانة بقيادات حوثية نافذة للتدخل وعرقلة تحقيق العدالة وبعدها اللجوء للتدليس والكذب بادعاء ان الجاني مريض نفسي وعقلي (مجنون) رغم اعترافه واقراره بارتكاب الجريمة نتيجة خلافات شخصية عبر فيديو مرئي نشره مركز الاعلام الأمني التابع لداخلية الحوثيين عقب القبض عليه ثم التحرك قبليا ومطالبة ومناشدة أسرة المجني عليه للعفو عنه.
 
وفي وقت سابق، انتزعت أسرة المجني عليه الدكتور محمد نعيم بعد جهود كثيفة ومتابعة مستمرة تعميد حكم الاعدام من قبل مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الاعلى التابع للحوثيين في خطوة ختامية للاجراءات الادارية والمتمثل في تعميد رئاسة الجمهورية -الافتراضية- لحكم الاعدام والذي يعد آخر خطوة إدارية للسير في طريق التنفيذ.
 
وبحسب المصادر سبق وقام القيادي الحوثي احمد حامد المعين مدير مكتب القيادي مهدي المشاط باصدار مذكرة موجهة الى النائب العام تتضمن توجيهات المشاط بتشكيل لجنة طبية لفحص الجاني فؤاد حسين صليح من الناحية العقلية والنفسية ومدى تأثير ذلك على ارتكابه جريمة القتل ومسؤوليته الجنائية. في محاولة لاعفاء الجاني من المسؤولية عن ارتكابه الجريمة المشهودة عمدا وعدوانا مع سبق الاصرار والترصد.
 
وأكدت المصادر أن أسرة الجاني ونافذين وقياديين حوثيين يمارسون ضغوطا على أسرة المجني عليه الدكتور محمد نعيم للتنازل عن حكم الإعدام بحق الجاني وحل القضية ودياً، وهو الأمر الذي ترفضه الأسرة حتى الآن، وطالبت في الوقت ذاته كافة الحقوقيين والناشطين بالوقوف معهم في قضيتهم وتحقيق العدالة.
 
وأصدرت محكمة غرب الأمانة حكما بمعاقبة الجاني فؤاد حسين صليح بالاعدام قصاصا وتم تأييد الحكم من الشعبة الجزائية الاولى بمحكمة استئناف الأمانة واقراره من المحكمة العليا، قبل ان ترفع الاحكام الى مكتب المشاط (ف، ج، 410) بتاريخ 3 يوليو 2022 بطلب التصديق عليه.
 
ووفقا لرد مذكرة للنائب العام محمد الديلمي على مكتب المشاط، فان المطلع على الاحكام الصادرة في القضية يجد ان حالة المحكوم عليه النفسية والعقلية كانت محلا للنقاش من مختلف المحاكم ولم تستجب محكمة الموضوع لطلب محامي المحكوم عليه بعرضه على لجنة طبية لمعرفة قواه النفسية والعقلية لاقتناعها بسلامة قواه العقلية على النحو المبين تفصيلا في حيثيات قضاء الحكم، حيث ان هذا الجانب سبق للمحكمة مناقشته والفصل فيه، الأمر الذي لا يمكن للنيابة العامة إعماله لعدم وجود سند من القانون يخولها القيام بذلك لصيرورة الاحكام باتة.
 
وقطع يقين تقرير الدائرة الجزائية الهيئة (ب) بالمحكمة العليا، -الذي حصلنا على نسخة منه- شك الدعاوى القبيلة المزعومة بفقدان القاتل للعقل (مجنون)، حيث جاءت مؤكدة على أن الحالة النفسية والعقلية للمتهم على النقيض تماما مما ادعّى ذووه وابناء قبيلته.
 
وأضاف التقرير: "بل النقيض تماما هو حال المتهم، مستبصرا لسلوكياته، مدركا ماهيتها، ذو ثقافة عالية، يمارس حياته الطبيعية، وخطّط وبيّت واعد العدّة وترصد وتابع وثابر وناظر الضحية ساعات طويلة"، مشيرا إلى ان "نفي الدفاع الباعث للسرعة لا يؤثر ولا يستدعي النقاش بطن أو ظهر لانفاذ الجريمة بادراك واختيار وإرادة، الفعل والنتيجة"، مشددا على "عدم ثبوت أي أثر للحالة النفسية" وان "جميع عناصر الجريمة تدين الجاني بجريمة القتل العمد".
 
ولقي الدكتور محمد نعيم حتفه، مساء الأربعاء 5 أغسطس 2021، برصاص فؤاد حسين صليح عقب خروجه من منزل أحد أصدقائه في شارع تونس وسط صنعاء.
وقبل ساعات من اغتياله كتب الدكتور محمد نعيم على صفحته بموقع "فيسبوك": "تغيير سعر صرف الدولار في بنكي صنعاء وعدن من 250 ريالا مقابل الدولار الواحد إلى 600 في صنعاء و500 في عدن، سينعكس بالزيادة في اسعار متطلبات المعيشية".
 
مضيفاً: "لذا نطالب من حكومتي صنعاء وعدن زيادة الرواتب."
 
ويرفض ذوو وأسرة الدكتور محمد نعيم اقامة العزاء ودفن جثمانه الذي ما زال في ثلاجة احد المستشفيات بصنعاء حتى تنفيذ حكم القصاص بحق قاتله. 
واعلنت الأجهزة الأمنية الحوثية، القبض على المتهم بقتل الأكاديمي نعيم بعد أقل من ساعتين من الجريمة، وبثت عبر إعلامها فيديو لاعترافه بارتكابها نتيجة خلافات شخصية، وهي رواية قابلها كثيرون بالتشكيك وسط اتهامات بوقوف قيادات في مليشيا الحوثي وراء الجريمة، لا سيما والجاني اقر في التسجيل المرئي "انه غادر من موقع الجريمة على متن سيارته الشخصية الى منزله ولم يتوقع ان يداهم افراد الأمن المنزل واعتقاله"، في دلالة على مدى التنسيق المسبق بينه مع قيادات حوثية لولا ان الأخيرة تخلت عنه. 
 
ولكن وكالة سبأ بنسختها الحوثية، زعمت بعد ذلك بأيام أن المتهم فؤاد حسين صليح، تراجع عن اعترافاته باغتيال الأكاديمي في جامعة صنعاء محمد نعيم، التي بثها الإعلام الأمني التابع للحوثيين بعد ساعات من الجريمة، في أول جلسة عقدتها محكمة غرب أمانة العاصمة، الأحد 22 أغسطس/آب 2021.
 
وتعمدت مليشيا الحوثي الانقلابية اعاقة تحقيق العدالة والمماطلة في تنفيذ الاحكام القضائية وأحكام الإعدام بحق كثير من الجناة الموالين لها من خلال تهريب المساجين كما حدث في حالات عدة، أو من خلال الضغط على أسر الضحايا قبليا بالتنازل أو القبول بالدية.