يمنيون وسوريون يحثون العراقيين على نبذ داعش

على وقع هروب العائلات العراقية من الموصل ومناطق أخرى في محافظة نينوى بعدما سيطر مسلحون من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) على بلداتها، تحدث مواطنون سوريون ويمنيون ذاقوا طعم العيش تحت حكم القاعدة في بلدانهم حول تجاربهم.
وحثوا العراقيين على عدم السماح لداعش التي تتأثر بفكر تنظيم القاعدة بفرض سيطرتها على مناطقهم.

ففي منطقة الرقة في شمال وسط سوريا، تسيطر داعش المتأثرة بفكر القاعدة منذ كانون الثاني/يناير بشكل شبه كامل على أوجه الحياة المختلفة محاولة تطبيق تفسيراتها الخاطئة للشريعة، حسبما يقول الأستاذ محمد الحلاق المدرّس في مدينة الرقة.

ويضيف: "أنا آسف لحال أهالي محافظة نينوى التي احتلتها داعش مؤخرا، وأقول إن عليهم التحسب لما سيواجهونه في الفترة المقبلة من حكم داعش".

ويصف الحلاق الأوضاع في مدينته قائلا إن الفقر يسود مع تحكم داعش بكل المقدرات الاقتصادية، أما المساعدات الإنسانية فتتم مصادرتها وتوزيعها حسب جداول الجماعة مع البدء بعناصرها والمقربين منها.

وتلزم داعش النساء باللباس الإسلامي الأسود وتغطية الوجه، وتمنع خروجهن من المنزل دون محرم، مع فرض ظروف قاسية على الفتيات في المدارس وشطب الكثير من المناهج وإحلال مبادئ الشريعة حسب فتاوى داعش مكانها، بحسب الأستاذ المدرسي.

ويلفت إلى أن "مشهد تنفيذ أحكام الهيئة الشرعية [التابعة لداعش] في الساحات العامة مشهد يومي، فعقوبة التدخين هي كسر أصابع اليد، وعقوبة عدم الانصياع لأوامر الجماعة هي الجلد، والتعامل مع القوى العلمانية [المعارضة] يعد كفرا يستوجب الإعدام والصلب في الميدان لأيام حتى تفوح رائحة الجثة".

ويضيف: "كما تفرض الجماعة الضرائب والزكاة لتمويل بيت مال المسلمين الذي يذهب في النهاية إلى جيوب عناصرها وعائلاتهم".

ويقول الحلاق: إن هذا "جزء صغير مما نعاني منه في الرقة منذ تحويلها من قبل داعش إلى إمارة إسلامية"، مشبها الحياة تحت داعش الآن في الرقة بـ"أيام الجاهلية الأولى".

ووصلت تجاوزات داعش إلى حد تقييد عمل الفرق الطبية، حيث يوضح الممرض معتز عمران من بلدة حلفايا بريف محافظة حماة والذي عمل لفترة في منطقة ريف الرقة بسبب نقص في الممرضين: "إن ما رأيته من تصرفات من قبل عناصر داعش قد يعجز اللسان عن وصفه، فمنذ أن بدأ هذا التنظيم بالانتشار، أخذ يلاحق سيارات الإسعاف التي تنقل جرحى المعارك ويقوم بإطلاق النار عليها وتوقيف من بداخلها وإعدام جرحى التنظيمات المعادية له [من المقاتلين]".

ويضيف عمران، أن غالبية الجرحى الذين كانوا يأتون إلى المراكز الطبية كانوا يعانون من التهابات جلدية بسبب عمليات الجلد وقلع الأظفر وكسور في أصابع اليد.

كما شارك عمران من وقت لآخر في عمليات نقل جثث من تم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، والذين كانت داعش تمنع نقلهم لأيام حتى تكون الجثث عبرة للمواطنين الآخرين ووسيلة لإرهابهم والخضوع لحكم الجماعة، على حد تعبيره.

أبناء أبين يعيدون إعمار محافظتهم:

وفي محافظة أبين اليمنية التي سيطرت عليها جماعة أنصار الشريعة التابعة للقاعدة لمدة عام قبل أن يطردها منها الجيش اليمني بمساعدة اللجان الشعبية، لا يزال أهالي المحافظة يجهدون لإعادة إعمار ما خربه القاعدة.

ويقول الناشط الحقوقي ابن أبين عادل المنصب: "إن المحافظة تنعم بالاستقرار و[استئناف] الخدمات الآن وبدأت الحياة تنتظم إجمالا سواء في المدارس أو في القطاع الصحي أو القطاعات التنموية، خصوصا إعادة الإعمار، وهذا لم يكن ليتحقق لولا تطهير المحافظة منهم [أنصار الشريعة] من قبل الجيش بدعم من اللجان الشعبية والمواطنين الذين ذاقوا مرارة حكمهم".

وكانت أنصار الشريعة قد سيطرت على زنجبار وجعار في أبين عام 2011 وأعلنتهما إمارات إسلامية، مما تسبب بنزوح وتشريد الآلاف من المواطنين إلى المحافظات المجاورة لاسيما عدن.

ويضيف المنصب "إن أبين عاشت أياما سوداوية أثناء حكم القاعدة بسبب الطريقة التي حكموا بها مدعين أن هناك أمنا بالقوة، حيث مارسوا تطبيق الحدود الشرعية بمزاجية تجاه السكان فقاموا بقطع يد بعض من البسطاء بتهمة السرقة".

ويشير المنصب إلى أن "الآلاف من المواطنين تركوا وراءهم حقوقهم وممتلكاتهم ومزارعهم للنجاة بأنفسهم من ساحة الحرب التي خلقت في المنطقة بسبب القاعدة، فضلا عن الخسائر في الأرواح بسبب الأحداث والقصف".

وانعدمت في المنطقة الخدمات جراء تدمير البنية التحتية من مشاريع كهرباء ومياه، كما تدهور الوضع الصحي والوضع التعليمي الذي توقف نهائيا، كما يضيف المنصب، مؤكدا أن "حرص المواطنين وتعاونهم مع اللجان الشعبية التي تكونت لدعم جهود الجيش هي نتيجة طبيعية لما قام به القاعدة".

من جهة أخرى، يؤكد ابن أبين علوي محسن وهو موظف حكومي، أن ما مروا به من تشرد وفقر كان "صعبا جدا".

ويضيف محسن، الذي نزح إلى عدن أثناء المواجهات مع القاعدة ولكنه الآن عاد إلى منطقته، "إن الطريق من عدن إلى زنجبار عاصمة محافظة أبين تأخذ نصف ساعة تقريبا، ولكن بسبب ظروف المواجهات المسلحة كنا نقطع طرقا أخرى لمدة أربع ساعات للوصول إلى مناطقنا لزيارة أو تفقد ممتلكاتنا".

ويؤكد أن أحدا لم يسلم من وقع الأضرار والتشققات في منزله أو تدمير مزرعته وممتلكاته، مضيفا "إن المعاناة كانت كبيرة والطلاب أضاعوا عاما دراسيا بسبب تعطل كل الخدمات، وكل هذا تسبب بآثار نفسية [سلبية] كبيرة خصوصا على الصغار".

على العراقيين التعاون لمحاربة القاعدة:

من جهته، يشدد وكيل محافظة أبين محمد ناصر الجمحا على ضرورة تعاون العراقيين في ما بعضهم ومع أجهزة الأمن لكي لا يتركوا الفرصة لعناصر القاعدة للسيطرة على مناطقهم.

ويقول: "إن القاعدة إذا سيطرت على منطقة، فلن يسودها إلا الخراب والدمار والتشرد واختفاء مظاهر الحياة"، متمنيا ألا تتكرر المأساة في أية محافظة في أي بلد آخر خصوصا العراق.

ويوضح الجمحا: أن الحملة العسكرية اليمنية الأولى في منتصف 2012 نجحت في تحرير زنجبار وجعار من عناصر القاعدة، فيما نجحت الحملة الأمنية الأخيرة خلال الشهر الماضي من تطهير المنطقة منهم.

"السبب في ذلك هو تعاون المواطنين واللجان الشعبية من أجل توفير الأمن لأنفسهم وأهاليهم بعد التشرد الذي كان مصيرهم في عام 2011"، كما يضيف الجمحا.

ويرى أن جهود إعادة الإعمار وإعادة الخدمات من تعليم وصحة ومرافق أخرى شجعت المواطنين على العودة والمساهمة في عملية إعادة الإعمار وفي الدفاع عن مناطقهم حتى لا تتكرر المأساة.