"هادي".. يبحث عن طوق نجاة

حملت الزيارة الأخيرة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى جمهورية الصين الشعبية بُعداً اقتصادياً أكثر منه سياسياً واجتماعياًَ وتنموياً، كما صورته وسائل الإعلام الرسمية، ومثلت طوق النجاة الذي كان يبحث عنه خاصة مع تفاقم المسئوليات الملقاة على عاتقه في ظل الفشل الكبير لحكومة الوفاق الوطني في تسيير البلاد خلال المرحلة الانتقالية المقررة بعامين بحسب ما جاءت به المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وجاءت زيارة الرئيس الى الصين متزامنة مع مشكلات كبيرة بدأت بالظهور مجدداً في ظل استمرار الصراع بمؤتمر الحوار الوطني الذي دخل في شهره التاسع ولم يحدد حتى الان شكل مخرجاته التي مازالت محل خلاف المتحاورين الذين يعول عليهم للخروج باليمن من ازمته السياسية التي اجتاحته بسبب ما اطلق عليه "الربيع العربي" . فإلى جانب مشكلات تدهور خدمات البنية التحتية والاعتداءات المتكررة على أنابيب النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الرئيس للبلد، برزت مشكلة انعدام السيولة النقدية في البنك المركزي اليمني وعدم قدرة وزارتي الداخلية والدفاع في توفير مرتبات الامن والجيش اللذين يعول عليهما خلال تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني . ولعل اعلان الصين عن تقديم 100 مليون يوان كمنحة مجانية بمناسبة زيارة الرئيس و 50 مليون يوان هدية لوزارة الدفاع و 200 مليون يوان قرضا طويل الاجل بدون فوائد، اكد تلك الانباء واعتبر كطوق نجاة للرئيس هادي الذي وجد نفسه وحيدا في مواجهة دعاة التغيير من القوى التي كان لها نفوذ واخرى تسعى بشكل جدي لاقامة الدولة المدنية المنشودة . ويمكن لهذه المنحة الصينية ان ترفع عن الرئيس هادي الضغوطات القطرية التي قد ترافق المنحة المالية المقدرة بـ350 مليون دولار لانجاح مهام لجنة معالجة قضايا المبعدين عن وظائفهم في المحافظات الجنوبية . غير ان الرئيس هادي لايزال يواجه تحدي القضية الجنوبية التي بنجاح لجنتي معالجة قضايا الاراضي والمبعدين يكون قد تجاوز نصف الطريق في حل هذه القضية التي تعتبر القضية الاساسية لمؤتمر الحوار الوطني. وسبقت زيارة الرئيس هادي الى الصين زيارة وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد، الى المملكة العربية السعودية، والتي جاءت وفق دبلوماسيين، محاولة من الرجل ارسال وزير دفاعه، الى الشقيقة الكبرى وعرض الوضع، وطلب الدعم السعودي، للحكومة خاصة وأنها أفلست، لكن ذلك دون جدوى، فقد عاد الوزير كما ذهب. ليتبع ذلك اتصال هاتفي اجراه الرئيس هادي بأمير قطر، ولم ينسَ حثه على التزامات الحكومة، خاصة بعد عودة الجنوبيين الى اعمالهم، وما يتطلبه ذلك من توفير ميزانية، لا يقوى البلد على تحملها. ومن المتوقع أن يغادر هادي الى دولة الكويت، للمشاركة، في اعمال القمة العربية الأفريقية، ومن المرجح عقد مباحثات يمنية ــ كويتية، بغية بحث التعاون الثنائي بين البلدين، ومحاولة تلطيف الأجواء بينه وبين أكبر المانحين لليمن، المملكة العربية السعودية.