واشنطن بوست: على ادارة ترامب التفكير في ثمن دعمها للسعودية بالحرب على اليمن

*افتتاحية صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية

قالت السعودية إن الحوثيين أطلقوا صاروخا إيرانيا على العاصمة الرياض، وتقول إن هذا يمكن اعتباره "عملا من أعمال الحرب"، إلا أن الإجراء الوحيد الذي اتخذه حتى الآن الحاكم الفعلي محمد بن سلمان، فرض حصار جوي وبحري وبري على أشد البلدان فقرا في العالم وهو البلد الذي يواجه وباء كوليرا، ويعيش سكانه حالة من الجوع ويعاني من أسوأ كارثة وأزمة إنسانية في العالم.

إن الاهتمام بالمشكلات المتعددة في العالم، وتلاعب الرئيس دونالد ترامب بالإعلام العالمي، وتسليطه الضوء على ما يقوله ويفعله، أخفى خطورة الكارثة الإنسانية في اليمن، البلد الفقير الذي يبلغ تعداد سكانه 28 مليون نسمة، والذي دمرته الحرب المتواصلة والتي تقودها السعودية للعام الثالث على التوالي.

ووفقا للأمم المتحدة، فإن اليمن يعاني اليوم من انتشار وباء الكوليرا بشكل سريع، حيث سجلت حوالي 895 ألف حالة إصابة وما يقرب من 2200 وفاة منذ أبريل، وفي الوقت نفسه، يواجه اليمن أكبر نقص في الغذاء على مستوى العالم، ويحتاج 7 ملايين شخص لمساعدات طارئة.

اقرأ أيضاً: افتتاحية "نيويورك تايمز": السعودية تجوع اليمنيين لإجبارهم على الاستسلام

وقد تعرض الأطفال في اليمن بطريقة غير متناسبة لآثار الحرب، فنسبة 27% من ضحايا الكوليرا هم تحت سن الخامسة، ويقدر المسؤولون عدد حالات الكوليرا حتى نهاية هذا العام بحوالي 600 ألف حالة. وفي الوقت ذاته، فإن الجوع ترك الأطفال تحت سن الخامسة واهنين ويعانون من التقزم، فيما يعاني 2.2 مليون من فقر تغذية حاد أو معتدل.

وبالإضافة إلى بيعها ترسانة ضخمة من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، قدمت حكومتنا دعما لوجستيا واستخباراتيا، بالإضافة إلى تزويد طائرات التحالف الحربية بالوقود الجوي أثناء عمليات القصف. وبدون دعم جيشنا، لن يتمكن التحالف بقيادة السعودية بعمليات قصف لمدة سنتين ونصف.

"تزعم السعودية أن الحصار يهدف إلى منع ما تدعي أنه تهريب أجزاء من الصواريخ إلى اليمن من إيران، لكنها لم تقدم أي أدلة على وصول صواريخ، ويقول الخبراء الدوليون إن اليمن استورد صواريخ "سكود" من كوريا الشمالية قبل الحرب".

في السنوات الأخيرة، نفذ جيشنا غارات لا حصر لها على تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن، ولكن تنظيمي القاعدة وداعش استفادا من الحملة التي تقودها السعودية للاستيلاء على الأراضي وتوسيع أنشطتهما في شبه الجزيرة العربية. هناك تحرك على قدم وساق في مجلس النواب ومجلس الشيوخ لإنهاء تورط الولايات المتحدة في هذه الحرب المأساوية. لقد حان الوقت لتمرير التشريع لإنهائها.

وتتحمل السعودية مسؤولية ضخمة لهذه المعاناة، فهي تقوم منذ أكثر من عامين ونصف بحرب شرسة يتعذر الدفاع عنها ولا يمكن الانتصار فيها. واستهدفت الغارات الجوية بشكل متكرر، المستشفيات والأسواق والمدارس، والأسوأ من هذا كله أن السعودية وحلفاءها فرضوا، باسم منع إيران من شحن السلاح للحوثيين، حصارا بريا وجويا وبحريا، وأغلقوا مطار صنعاء، بحيث منعوا وصول المساعدات الإنسانية، وأبطأوا من وصول الأغذية إلى ميناء الحديدة.

بعد إطلاق الصاروخ أعلنت السعودية حصارا أكثر شدة وأكثر خنقا، ومع أن بيانات الحكومة –الموالية للتحالف- قالت إنها ستأخذ بعين الاعتبار وصول المساعدات الإنسانية وعمال الإغاثة المدنية، إلا أن مسؤولي الأمم المتحدة قالوا إن الطيران ممنوع، وحذر برنامج الغذاء العالمي من أن عشرات الآلاف من الأطفال سيواجهون مجاعة حتى لو استمر الحصار لمدة أسبوعين.

وتزعم السعودية أن الحصار يهدف إلى منع ما تدعي أنه تهريب أجزاء من الصواريخ إلى اليمن من إيران، لكنها لم تقدم أي أدلة على وصول صواريخ، ويقول الخبراء الدوليون إن اليمن استورد صواريخ "سكود" من كوريا الشمالية قبل الحرب.

وعلى أية حال، فإن الحصار لن يؤدي لردع لا إيران ولا الحوثيين، لكنه سيقود إلى مجاعة واسعة بين الأطفال الأبرياء. ويجب على إدارة ترامب، التي دعمت بجلاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مغامراته المتهورة، التفكير في الثمن.