الجيل القادم في تخزين البيانات: حمضنا النووي

يمكن تخزين المعلومات التي تنتجها البشرية جمعاء في سنة واحدة في أربعة جرامات فقط من الحمض النووي، وقد تؤدي الاستثمارات الكبيرة من شركات مثل مايكروسوفت إلى جعل تخزين البيانات بالحمض النووي حقيقةً واقعة.

أحد "العبارات الطنانة" الأكثر تميزاً في العلم هي الحمض النووي (DNA)، إنه في كل مكان من البيولوجيا والخلايا إلى حواراتنا وتأملاتنا. إنه ما يملي كينونتنا، وبفضل أشياء مثل محرر الجينات كريسبر فإننا سنتمكن في نفس الوقت من إعادة إنشاء كينونتنا حرفياً، ومن المثير للاهتمام أنه حتى علماء الحاسوب ينجذبون للحمض النووي، نظراً لإمكانية استخدامه في تطبيق آخر وهو تخزين البيانات.

نعم، نحن نتحدث عن تخزين البيانات في الجزيء الحامل لتعليمات الحياة نفسه.

إن هذا الأمر ممكن لأن الحمض النووي مصنوعٌ من نيوكليوتيدات تحتوي على قواعد نيتروجينية متناوبة وهي: الأدينين (A) والجوانين (G) والثايمين (T) والسيتوزين (C)، وهذه القوعد البسيطة يمكنها أن ترمز للأصفار والواحدات المستخدمة حالياً لترميز البيانات رقمياً. حتى إنه يمكن لجرام واحد من الحمض النووي تخزين تريليون جيجابايت من البيانات، ولكن هذا ليس كل شيء، هذه المعلومات يمكن أن تستمر لآلاف السنين دون الحاجة لصيانة عالية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يقال عن أجهزة التخزين الموجودة اليوم.

لكن التحول ليس بهذه البساطة.

بينما يمكن معرفة تسلسل مليون نيوكليوتيد بأقل من سنت، إلا أن توليف الحمض النووي هو قصة مختلفة تماماً. وضع النيوكليوتيدات على مسافة بضعة نانومترات بدقة عالية هو إنجاز يكلف 150 دولاراً لكل ألف زوج من النيوكليوتيدات، وهي تكلفة يمكن أن تصل إلى مبالغ هائلة عند التعامل مع الملايين من النيوكليوتيدات.

الطريق إلى الأمام

لكن ذلك لم يمنع العلماء في الماضي، ففي عام 2012 فقط نجح العالم جورج تشيرش في تخزين 70 مليار نسخة من كتابه في الحمض النووي الاصطناعي، وتمكن العالم أولجيكا ميلينكوفتش من تخزين إدخالات ويكيبيديا كاملة على الحمض النووي بنجاح.

ومع ذلك يبدو أن المشروع الأكثر إثارة للاهتمام في الوقت الراهن هو ما تقوم به مايكروسوفت والشركات المماثلة.

اشترت مايكروسوفت بالفعل 10 ملايين منصة للحمض النووي من شركة تويستد بيوساينس (Twisted Bioscience)، وحذت حذوَها شركات أخرى مثل ميكرون.

تعتزم مايكروسوفت إرسال تسلسل مشفّر لإنتاجه، ومن ثمّ سيتم إرساله إلى مايكروسوفت مرة أخرى لاختبار تخزينه. اشتراك الشركات الكبيرة قد يسلط الضوء على بداية عهد جديد لتخزين البيانات البيولوجي، وكلما زاد عدد المستثمرين والمبدعين والاختراعات زادت فرصة أن تصبح التكلفة معقولة وكذلك إمكانية تطبيقها على أرض الواقع.

يؤكد الخبراء أن هذه الزيادة في الاستثمارات من شأنها أن تقودنا في النهاية إلى التطورات اللازمة لخفض التكاليف المرتفعة الحالية، ويشيرون إلى أنه من الممكن أن يصبح تخزين البيانات في الحمض النووي ممكناً في غضون عقد من الزمن.

المصدر: ساينتفك أميريكان