وسط معارك السودان.. سلب ونهب واتهامات متبادلة
تصاعدت حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بينما تشهد الخرطوم وعدة مدن سودانية، أعمال "سلب ونهب"، يتبادل كلا الطرفين المسؤولية عنها، فيما يكشف خبراء لموقع "الحرة" حقيقة ما يحدث في السودان.
"سلب ونهب وتخريب"الأربعاء، هزت انفجارات قوية العاصمة السودانية، في اليوم السادس والعشرين للاقتتال، وقال أحد سكان أم درمان شمال غرب الخرطوم لوكالة "فرانس برس"، "أيقظتنا الانفجارات ونيران المدفعية الثقيلة".
وتحدث شهود آخرون خلال الليل في مناطق متفرقة من العاصمة عن دوي انفجارين كبيرين في أنحاء المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة.
وتحدث سكان عن مواجهات على الأرض في عدة أحياء بالخرطوم بين طرفي الصراع وتبادل كثيف لإطلاق النيران شمالي أم درمان وشرقي بحري، وهما مدينتان يفصلهما نهر النيل عن الخرطوم، وفقا لـ"رويترز".
والثلاثاء، أفاد سكان في العاصمة السودانية الخرطوم بوقوع ضربات جوية مكثفة بوسط المدينة وسط تصاعد في "أعمال النهب".
وبسبب الاقتتال المستمر، تعطل العمل في المستشفيات، وبدأت إمدادات الوقود والغذاء تنفد، وأدى انهيار القانون والنظام إلى انتشار أعمال النهب.
وندد اتحاد المصارف السوداني بعمليات السطو والتخريب في بعض فروع البنوك، قائلا إن المصارف ستستأنف خدماتها "إذا سمحت الظروف بذلك".
وذكر شهود أن مظاهر الفوضى أصبحت مترسخة في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري المجاورتين لها، حسب "رويترز".
وميدانيا، يرصد الصحفي السوداني، محمد الياس، انتشار أعمال السلب والنهب في الخرطوم وعدد قليل من الولايات الأخرى.
ويقول لموقع "الحرة"، إن أعمال السلب والنهب والتخريب قد طالت البنوك والمحال التجارية والأسواق والدكاكين والمولات والمخازن وحاويات البضائع في المحطات الجمركية.
ويقوم بتلك العمليات عصابات منفلتة، نتيجة لغياب الشرطة عن حماية الممتلكات العامة للمواطنين، وفقا لشهادته.
ويكشف الصحفي السوداني عن "الغياب التام لقوات الشرطة في الخرطوم، ما تسبب في انتشار عصابات تقوم بتكسير المحلات والمنازل وتنهبها".
من يقف وراء ذلك؟في حديثه لموقع "الحرة"، يؤكد المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، يوسف عزت، أن عمليات سلب ونهب "موجودة ومستمرة" منذ اليوم الثاني للاقتتال.
ومنذ بداية الاقتتال تم استهداف منازل السفراء والبعثات الدبلوماسية، وتلقى الدعم السريع بلاغات بشأن ذلك، فنشر قوات بمنطقة الخرطوم لحراسة المنازل، وفقا لحديثه.
ولكن بعد أيام انتشرت السرقات بالمنازل من قبل "أشخاص يرتدون ملابس ويركبون سيارات الدعم السريع"، وتم القبض على عدد كبير من هؤلاء، حسب عزت.
ويقول "هناك عناصر يتم إلباسها زي الدعم السريع ويتم إطلاقها في بحري وأم درمان، بشكل منظم، لترهيب وترويع المواطنين".
ولذلك شكل الدعم السريع قوة لحماية المدنيين والممتلكات وتلقى الشكاوى ومواجهة الانفلات، حسب عزت.
ويتهم مستشار قائد الدعم السريع "الاستخبارات العسكرية، وجهاز الأمن، بنشر عصابات لنهب منازل المواطنين وسلب البنوك".
ويقول "نتعامل مع ذلك بشكل يومي، وأي حوادث وقعت في ذلك الشأن، لم تكن بتوجيه قيادة الدعم السريع، ولا بتنفيذ من القوات، ولا بتخطيط منا".
ويوضح أن لدى قوات الدعم السريع أكثر من 45 ألف مقاتل في ولاية الخرطوم، وأي جندي يرتكب "مخالفة" يتم القبض عليه ومحاسبته.
ويشير إلى أن "الخرطوم مدينة كبيرة"، وهناك منازل خالية، بعد نزوح السكان، ولا يمكن للدعم السريع وضع "مركبة" أمام كل منزل، وتأمين جميع المنشآت.
ويقول "نعمل قدر المستطاع على تأمين المنشآت وضبط الأمن وشل اللصوص، والقبض على من يقوم بعمليات نهب تحت اسم الدعم السريع".
على جانب آخر، يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء ركن أمين مجذوب، أن "قوات الدعم السريع تقوم بسلب ونهب وتخريب مستغلة التسيب الأمني بعد سيطرتها على بعض الارتكازات والشوارع"، في غياب قوات الشرطة.
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى انهزام قوات الدعم السريع وقله الإمدادات التي تصل إليها، ما دفعها للدخول إلى الأحياء السكنية، لتقوم بعمليات "سلب ونهب ممنهجة".
وتقوم قوات الدعم السريع بعمليات سلب ونهب بالتعاون مع عصابات ومجرمين تم إخلائهم من السجون، ما تسبب في "نوع من الفوضى"، وفقا لحديثه.
وتطال عمليات السلب والنهب المصانع ومواقع الخدمات والمنازل والبنوك، وتم احتلال مستشفيات ومنشآت خدمية، وتحويلها لـ"ثكنات عسكرية"، من قبل قوات الدعم السريع، حسب الخبير العسكري.
ويؤكد أن أعمال السلب والنهب "موجودة منذ بداية الاقتتال باعتبارها واحدة من التحولات المجتمعية"، لكنه يقول " تلك الأعمال تتم حاليا بتنفيذ من قوات الدعم السريع المسلحة، وهذا تطور غير مسبوق".
ويشير مجذوب إلى أن تلك الأعمال التخريبية" تضر المواطنين، وتتنافى مع قواعد الاشتباكات الخاصة بمعاملة الأعيان المدنية والمؤسسات الصحية، خلال الاشتباكات".
المواطن الضحيةومن جانبه، يشير الياس إلى "الوضع الإنساني المؤسف الذي يعيشه المدنيون، في ظل الاقتتال المستمر، والرصاص المتبادل والقصف المدفعي بين طرفي الاشتباكات".
ووفقا للصحفي السوداني فلا توجد حاليا عمليات لإجلاء للمواطنين الذين يتعرضون للقصف من كلا الطرفين المتقاتلين، في ظل انعدام خدمات المياه والكهرباء وإغلاق المستشفيات وغياب الأمن، وانتشار عصابات السلب والنهب"، ويقول "المواطن وحده هو الضحية".