وصفه بعملية انقاذ الوطن وقال ان مرسي محاط بعشيرته ويقلد لويس التاسع عشر..

قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل ان ما حصل في مصر ليس انقلابا عسكريا لان الجيش ببساطة لم يستول على السلطة في البلاد . واعتبر هيكل في لقاي مع المذيعة لميس الحديدي بقناة "سي بي سي" قرار عزل الرئيس محمد مرسي الصادر عن القوات المسلحة المصرية عملية إنقاذ لوطن، موضحا إن العقيدة الجديدة التي استقرت في وجدان القوات المسلحة المصرية هي أن الجيش هو الحامي للتجربة الديمقراطية، وأنه المظلة التي تجمع تحتها الحركة السياسة في البلاد . وأشار إلى أن الشرعية ليست هرماً جامداً، وإنما حالة يمكن أن تتغير .. واصفا حشود المصريين التي تدفقت إلى الميادين في 30 يونيو/حزيران الماضي والأيام التالية عليها، بأنها تخطت كل حساب، وكسرت كل القيود التي فرضت على مصر على مدار أكثر من أربعين عاما . ولفت هيكل الى ان شرعية الشارع دائما أقوى من شرعية الصندوق، مؤكداً أن خروج المصريين الهادر وضع جميع الأطراف أمام حقائق جديدة أبرزها أنه قد صار على الساحة قوة جديدة لا يستطيع أحد أن يقاومها أو يقمعها أو يصدها . قال "إن حركة الناس والجحافل التي زحفت على ميدان التحرير والقصر الرئاسي على مدار خمسة أيام حققت لمصر ليس فحسب استرداد ما سرق منها، وإنما في الوقت ذاته “كسر قيد” فرض عليها لعقود، بطموح شباب خرج يملؤه طموح زائد تخطى كل حساب، عندما مد يده ليستعيد وطنه وروح بلده، في لحظة تحرك فيها التاريخ ووقفت أمامها السياسة عاجزة، بينما “تسونامي” بشري يتحرك ليتخطى إعلان الإرادة إلى مرحلة كسر القيد . واكد ان تحرك الجيش جاء نتيجة طبيعية لفشل كل المبادرات التي تقدمت بها القوات المسلحة، بعد رفض مؤسسة الرئاسة ومن خلفها جماعة الإخوان . وتحدث هيكل عن العلاقة الممتدة بين جماعة الإخوان والولايات المتحدة، وكيف كانت الأخيرة ترى أن الإخوان في تلك اللحظة التي مرت بها مصر عقب ثورة 25 يناير هم “أحسن من يخدم أهدافهم ومصالحهم، استناداً إلى اعتقاد بأن التيار الديني هو المحرك الرئيسي للشعب المصري، فضلا عن مقاومة تيار الإسلام السياسي لفكرة الوطنية والقومية” . هيكل كيف أخبره زعيم تركي مسؤول شارك في مفاوضات رفع الحظر الأمريكي على جماعة الإخوان، أن الإدارة الأمريكية حينذاك تلقت تأكيدات من الجماعة بأنهم سوف يكونون أكثر مباركية من مبارك نفسه . وقال هيكل: إن مرسي ظل طوال عام من فترة حكمه يأخذ في اعتباره الموقف الأمريكي، مشيراً إلى الخروج الكبير للمصريين في تظاهرات 30 يونيو، سوف يلعب دوراً كبيراً في تغيير الكثير من المواقف للإدارة الأمريكية التي كان أكثر ما لفت نظرها هو ذلك الخروج الكبير لأهل الريف في مصر، باعتبارهم القاعدة التصويتية الأكبر للإخوان . ونوه هيكل الى ان الإخوان ظلوا على تصورهم بأن الحشود التي تدفقت إلى الشوارع والميادين ليسوا إلا فلولا أو مدفوعين من الخارج، وكان تقدير مرسي لهذه التظاهرات نابعا من ذلك، مضيفا انه كان ينظر إليها باعتبارها موجات تشبه موجات سابقة، وأنها سوف تنقضي خلال يومين. واشار الى أن صور الحشود الهادرة التي التقطتها كاميرات الطائرات العسكرية أذهلت قيادات في الجيش نفسه، حتى إن أحد القادة وصف المشهد بأنه “تسونامي” . واكد ان الفريق عبد الفتاح السيسي رجل يرفض فكرة دخول الجيش في السياسة، وظل يلتزم حدود العلاقة بين القائد العام للقوات المسلحة والرئيس، لدرجة دفعت البعض إلى التشكك في أن يكون من الإخوان . وقال "ما أعرفه عن الفريق السيسي أنه رجل متدين مثل كل مصري، وأنه ملتزم جدا" . ولفت هيكل إلى ما وصفه بالتباين في العلاقة ما بين الفريق السيسى والرئيس مرسي، مشيراً إلى أن هذا التباين بدا بوضوح في أعقاب الإعلان الدستوري الأول، ورفض مؤسسة الرئاسة للحوار الذي دعت إليه القوات المسلحة بهدف إنهاء حالة الاستقطاب التي كانت دائرة في البلاد، قبل أن ترتفع حدة التوتر في العلاقة في أعقاب الخطاب الذي ألقاه الرئيس مرسي منتصف يونيو/حزيران الماضي وأعلن فيه قطع العلاقات مع سوريا. وقال "تحدث مرسي مع الفريق السيسي قبل إلقاء الخطاب بساعات وأخبره بقراره، وأبدى السيسي تحفظات عليه لكن مرسي أخبره بأنه قد اتخذ القرار . وانتقد هيكل الخطاب الأخير الذي ألقاه مرسي قبل يوم من عزله، مؤكدا انه كشف إلى حد كبير فضلا عن خطاباته السابقة فهمه للسياسة . واشار الى انه كرر في خطابه الاخير كلمه الشرعية أكثر من 28 مرة، وهو ما كان يعني أنه يفهم أن الشرعية هي السلطة، وقال هيكل إن مصيبة مصر أنها وقعت في يد ناس خرجت من المنافي إلى السلطة دون أن تتلقى التأهيل الكافي . وأوضح هيكل أن رؤية الرئيس مرسي للسلطة كانت أحد الأسباب التي أدت إلى ما انتهى إليه الموقف، مشيراً إلى أن مرسي لم يكن واضحا للمؤسسة العسكرية في يوم، وهو عكس ثقافة الجيش وعقيدته الاستراتيجية. وذكر إن مرسي فعل خلال شهر يونيو ما لا يخطر على بال، وهو ما جعل القوات المسلحة تشعر بالخطر وتصدر بيانها الأول الذي طالبت فيه بلحظة هدوء في البلد، داعية إلى توافق بين جميع القوى، فيما شعرت قبيل البيان الثاني وهو إنذار الثماني وأربعين ساعة أن الرئيس قد وضعها في موقف خطر جدا . وقال هيكل إن الفريق السيسي عرض على مرسي في البداية إجراء استفتاء للشارع لتأكيد شرعيته بتعزيز جديد، لكنه رفض هذا الاقتراح لأنه كان يعلم يقينا أنه لن ينجح، مشيراً إلى أنه بدا في خطابه الأخير الذي تحدث فيه عن الشرعية وكأنما يقلد لويس التاسع عشر عندما قال أنا الدولة، فقد قال مرسي “أنا الشرعية” . وقال هيكل إن مرسي شارك خلال الأسبوع الأخير في اجتماع لمكتب الإرشاد، وكان غاضبا جداً من بيان ال48 ساعة، مشيراً إلى أن قيادات في الجماعة طالبت في هذا الاجتماع ليس فحسب بإقالة الفريق السيسي وإنما بكل قيادات القوات المسلحة الموجودة، وهو ما وضع القوات المسلحة في وضع استنفار شديد . واضاف أن مرسي أبلغ الفريق السيسي في اللقاء الأخير الذي جمعهما أنه يفكر في تغيير الوزارة وإقالة النائب العام وتعطيل قانون السلطة القضائية الجديد لكن السيسي أخبره بأن الحالة في الشارع قد تجاوزت تلك المطالب . وقال هيكل إن ما يثير الإعجاب هو كيف تصرف الشباب المصري وكيف نجح في السيطرة على تلك الحشود الهادرة التي خرجت تطالب برحيل مرسي، مشيراً إلى أن حضور شيخ الأزهر وبطريرك الأقباط في بيان عزل جماعة الإخوان عن الحكم كان هو الأساس المطلوب لوحدة وطن كان حاضرا بشرعية من يمثله . وأشار هيكل إلى أن أردوغان اتصل بمحمد مرسي وقال له: أنت تحاول أن تقضم أكثر مما تستطيع أن تقضم، موضحا أن الإخوان أحاطوا بالرئيس، بكل الشخصيات التي يريدونها . وقال: إنه على سبيل المثال كان هناك اجتماع في الاتحادية، بعد استقالة عدد من الوزراء، وأشار البعض إلى أن خطاب مرسي “قبل الأخير” ينبغي أن يصحح، خصوصا فيما تحدث به عن أحد القضاة، واتهمه بالتزوير، عندئذ تدخل مرسي قائلا: إنه يعرف هذا القاضي ولديه أوراق تدينه . لفت هيكل إلى أن الإخوان المسلمين في أول أسابيع لهم بالسلطة، كان همهم منصبا على جمع الأوراق والمستندات من جهاز أمن الدولة والجهاز المركزي للمحاسبات، وغيرهما من جهات، ولم يستطيعوا الوصول إلى المخابرات، وكان غرضهم إسكات كل الأصوات المعارضة . وقال: إن أكثر ما هز الإخوان هو ما جرى في تركيا، وما يجري في سوريا، فهم في اعتبار أنفسهم والآخرين، جزء من حركة عامة، ومصر تمثل المركز الأقوى، وتركيا أكبر حامٍ لهم، وبين هاتين الدولتين يمكن حكم المنطقة . وحول مرسي قال هيكل "نحن أمام رجل محاصر بأهله وعشيرته، والجماعة غير راضية عن أدائه، كما أنه محاط برجالهم، وعجز مستشاروه عن خدمته وخدمة أهداف الجماعة، وهي أن تبقى في السلطة، برغم أن كل القرارات التي تتخذ خاطئة، وبذلك قوض هؤلاء سلطة الرئيس، فمكتب الإرشاد كان يتصور أنه يوجه الرئيس، وهو يرتكب أخطاء، فهم في مصر كانوا يشعرون بأنهم يدافعون عن بقاء الحركة والمشروع الإسلامي، في كل مكان خارج مصر، ولذلك هم في القاهرة سيحاربون معركة ليس الدفاع عن مرسي وشرعيته وجماعته ولكن معركة الفكرة الأساسية التي تحركهم . وأكد أننا أمام جماعة استولت على ثورة ليست من صنعهم، ورغم ذلك أي إقصاء لهم يعتبر خطأ، ولا بد أن نسعى بكل الوسائل السياسية، لنضع هذا التيار في موضعه الحقيقي، مشيراً إلى أنه ضد الملاحقة البوليسية لهم، ما لم تكن هناك قضية حياة أو موت . وأوضح أنهم لا يستطيعون الاعتراف بأنهم أخطأوا، وأن حجمهم ليس بحجم ما نالوه من ثورة 25 يناير، فإدارة محل تجاري ليست كإدارة دولة، هم يتصورن أنهم لم يوضعوا في مكانهم إلا بقوة السلطة، ويجب أن يسألوا أنفسهم: لماذا اصطدمنا مع كل الأحزاب والأنظمة في كل العصور التي مرت بها مصر؟ وحول متطلبات الوضع الراهن قال هيكل "نحن أمام ضرورات من نوع حقيقي، أولها ترتيب الانتقال من هذه اللحظة إلى ما بعدها، وعلى هذا نحن في حاجة إلى إعلان دستوري ووزارة أقوى، كما أننا في حاجة إلى أن تظل القوة الموجودة في الشارع كائنة في مكانها ولو بصورة مادية أو معنوية، فهذه اللحظة الدقيقة تحتاج إلى قواعد، ويجب أن تتنحى دولة العواجيز" . واقترح هيكل أن يتولى الوزارة اقتصادي شاب، فهذا الطوفان لا بد أن يوازيه شاب قادر، ومن داخل العمل السياسي، ولا بد من استدعاء الخبراء الكبار، من خارج مصر، مشيراً إلى أن الدكتور محمد العريان يمكن أن يكون مستشارا للرئيس . واضاف "نحن أمام سلطة شعب، وتشكيلة الوزراء ستعكس مدى صلتك بالعصر، إضافة إلى أنه يجب أن يكون هناك خطاب سياسي يحترم عقول الناس، وتعرف الأحزاب والقوى الوطنية أنها أمام مستقبل وطن، فسلامة هذا البلد قبل أي سلطة، فأصعب موقف يواجهه طرف أن تكون لديه حرية الاختيار، لكن البدائل محدودة، وخياراتك يجب أن تتسق مع الطموحات . وقال: إن مصر لا تحتمل أي فشل أو ارتجال، وينبغي أن يدرك الجميع خطورة اللحظة ومحدودية البدائل، ثم يتصرفون بحكمة، هذا بلد لا يستطيع أن يحتمل الفشل، وأثبت أن روحه غير قابلة للهزيمة أو الموت .