لا شيء يرتجيه اليمن من جنيف فالحوثي لا يريد السلام ولا يسعى إليه

تحت عنوان "لا شيء يرتجيه اليمن من جنيف" تساءل الكاتب اليمني، حسن العديني، عن أي رجاء يعلقه اليمن على مباحثات جنيف في سبتمبر/أيلول المقبل؟

مستدركاً أنه بإجابة قاطعة، لا رجاء يعلق ولا أمل يلوح. سوف يجتمعون وينصرفون بعد أن يتداولوا كلاماً في الريح، مؤكداً أن هذا لا يصدر هذا عن طبيعة متشائمة وإنما لأننا جميعاً نعرف ولأننا جميعاً نرى أن الحوثي لا يريد السلام ولا يسعى إليه ولا يعرف طريقه.

وأضاف العديني، في مقالة له نشرتها جريدة الخليج، أنه "على الأرض لم تتبدل الأشياء كثيراً حتى تتبدد المخاوف وتزول الخيبة. الجديد أدعى إلى ألا نسرف في التفاؤل، فقد أعطي الحوثيون فسحة من الوقت كي يعدلوا في الموازين لمصلحتهم حتى حشدوا في مدينة الحديدة وحدها ثلاثة آلاف مقاتل ناهيك عن التحصينات والألغام والحشود في أطرافها وفي محيطها، ومن جانب الحوثي شط به الجنون وراح يرتكب المذابح في البر والقرصنة في البحر. في البر أراد أن يضع السكان بين الخنوع أو الموت وفي البحر بعث رسالة إلى العالم مفادها أنه قوة ثقيلة الوزن، ورسالة ثانية باسم إيران مع موعد العقوبات الأمريكية بأنه يستطيع أن يثير المشاكل قريباً من باب المندب لأن طهران لا يمكنها أن تغامر وتنفذ التهديد بإغلاق مضيق هرمز".

ويرى الكاتب أن "توقيت الطلقات الطائشة في البحر كان محسوباً باعتبارها تحذيراً غير مباشر من إيران يصعب أن يعاودها الحوثي بعد سريان العقوبات. والحوثي على أي حال يلعب لعبة مزدوجة ليس واضحاً إلى أي مدى هو قادر على الاستمرار في إجادتها، إذ هو موزع بين الولاء الصريح لإيران والغرام الخفي
بالولايات المتحدة".

طريقة الحوثي في إدارة الناس والموارد تجمع بين الإذلال والقتل

وبحسب العديني فإن "الدبلوماسية وحدها لن تجلب السلامة لليمن. وحتى لو أخلص المبعوث الأممي وأطلق العصافير المغردة من جنيف فإنه لن يبعث الربيع إلى صنعاء. وبالدرجة نفسها فإن مشاغبات الحوثي في البحر الأحمر لن تجبر المجتمع الدولي على أن ينزل أمام رغباته ويواصل ضغوطه على الحكومة اليمنية كي تقبل بالأمر الواقع. قبل ذلك وبعده لا يبدو مطلقاً أن الشعب اليمني قادر على الصبر لأن المسألة أبعد ما تكون عن الاختيار بين الموت والخنوع كما يتصور الحوثي. ولا يرجع هذا إلى أن الهوان أمر لا تقبله طبيعة الشعب العريق المتشبث بالكرامة والمحلق في الكبرياء، بل لأن طريقة الحوثي في إدارة الناس والموارد، تجمع دون إدراك للعواقب بين الإذلال والقتل. فليس بوسع اليمنيين أن يعيشوا طويلاً على المساعدات أو أن ينتظروا الموت، لكن الحوثي لا يعرف أن التاريخ لا يعيد نفسه وأن مياهاً كثيرة جرت في نهر الحياة منذ سقطت الإمامة في 26 سبتمبر/أيلول 1962 فضلاً عما تدفق في مجرى الحضارة الإنسانية. لعله يجهل أن الناس والأفكار والأشياء والعصور تغيرت".

وبرأي الكاتب فإنه "ربما تكون القيادات الظاهرة على المشهد معذورة لأن أغلبها لم تتلقَ تعليماً كافياً ولم تطل على العصر، غير أن قسماً واسعاً من المنتسبين للإمامة السياسية ضربوا في الأرض ودرسوا في الجامعات والمعاهد العليا بفضل ما أنجزته ثورة سبتمبر وهيأته وما وفرته نظيرتها في الجنوب ثورة 14 أكتوبر. في هذا القسم عناصر قليلة تتحفظ على ممارسات الجماعة وعناصر أقل أو أكثر تتظاهر بالتحفظ وحتى بالإدانة. وقد راعتني تعليقات لأشخاص من الطبقة المتعلمة حول بعض القضايا والحوادث تعكس انسحاقاً للعقل أو شروداً للتفكير. لاحظت مثلاً أن أشخاصاً من هذه الطبقة يحذرون جماعتهم من أي خطوة نحو التسوية السياسية وقد علت أصواتهم عندما عرض المبعوث الأممي خطته بشأن الحديدة يدعون إلى رفض أي مقترح ويدعون إلى القتال حتى النهاية. لاحظت أيضاً أنهم يحرضون بصراحة على التنكيل بالخصوم حتى تسكت الأصوات وتخرس الألسنة. وهكذا يتراءى واضحاً اتفاق أهل العلم وذوي الجهالة. ومن وحي هذا التفكير فقد أسسوا مشروعهم على السلاح والعنف وليس في خواطرهم أن يطلبوا الحكم بالتنافس إذ لا يحق لرعاع الناس أن ينازعوا أو يعارضوا".

وخلص الكاتب إلى القول: "من هنا فإن ممارسات الحوثيين وشقاقهم مع الشعب ورقة في يد الحكومة والقوى المساندة لها لفتح جبهة جديدة تخوض غمار الحرب فيها الجماهير من خلال انتفاضة عارمة. وواجب الحكومة في النهاية أن تمضي مع مساعي السلام إلى آخر المدى دون أن تغمض عينيها عن ساحات القتال وما يتعين عليها أن تفعله هناك ببناء جيش موحد وتوحيد الجبهة الداخلية والإعداد لانتفاضة تستعيد الدولة وتعيد الخلاص للشعب".