بوليتيكو: تريليون دولار يريدها ترامب لبناء الثالوث النووي.. ماذا سيفعل الكونغرس؟

قال تقرير نشرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، إن التقرير الحكومي الذي توقع تكلفة رفع مستوى الترسانة النووية الأمريكية، قد أثار القلق من أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ستقلل من شأن التكلفة التي ستكون بحاجة إليها لاستبدال ترسانتها الحالية من الأسلحة، وأطلق التقرير دعوات وجهت مؤخرًا إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب؛ لإعادة تقييم خطة التحديث التي اقترحها سابقًا الرئيس باراك أوباما.

 

وكان مكتب الميزانية غير الحزبي في الكونغرس قدر أن تكلفة إدخال مزيج من الغواصات النووية، وقاذفات القنابل والصواريخ التي هي قيد الإنشاء الآن ستصل إلى حوالي 1.2 تريليون دولار بين عامي 2017 و2046، وهي تكلفة تفوق بعض التقديرات التي عرضت سابقًا.

 

فيما قد أثارت التوقعات والتقديرات على الفور جدالًا حادًا حول ما إذا كانت هذه الخطة عملية، وقد وضعت الكونجرس في مأزقٍ جديدٍ، حيث يحاول المشرعون الحصول على الأموال لدعم أولويات الرئيس ترامب العسكرية، مثل تأسيس قوة بحرية أكبر.

 

«يبدو أن الكونغرس ليس لديه أي أجوبة حول كيفية تحملنا تكلفة هذا الجهد، أو كيف سيكون شكل المفاضلة مع جهود الأمن القومي الأخرى إذا امتلكنا ترسانة بها أكثر من 4 آلاف من الأسلحة النووية، ووسعنا قدرتنا على إنتاج ما هو أكثر من ذلك»، هكذا نقل التقرير ما ذكره النائب الديمقراطي في لجنة الخدمات المسلحة بالكونجرس، آدم سميث، في بيان أثنى فيه على التقرير الحكومي، ووصفه بأنه «دقيق وموثوق به».

 

غير أن التقرير ذكر أن المؤيدين أصروا على أن إنفاق ما يبلغ 6% من ميزانية البنتاجون لتحسين وترقية مستوى الترسانة النووية على مدى العقود الثلاثة القادمة هو سعر عادل لما يسمى «حجر الزاوية في الأمن القومي الأمريكي».

 

الثالوث النووي

وقال كلود تشافين، المتحدث باسم الأعضاء الجمهوريين في لجنة الخدمات المسلحة في بيان له: «إن التكلفة في متناول الجميع، والمهمة ضرورية. أولئك الذين قد يجادلون في ذلك، يتجاهلون التكلفة الهائلة لمواجهة العالم الذي يزداد فيه انعدام الأمن …».

 

ودافع كبار المسؤولين النوويين في البلاد عن تكلفة جهود التحديث. وقال الجنرال بول سيلفا، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، أمام لجنة الخدمات المسلحة بالكونغرس في مارس (آذار) الماضي: «إننا الآن في مرحلة يتعين علينا فيها إعادة رسملة كل ساق من الثالوث النووي». ويشير مصطلح الثالوث النووي إلى طرق إطلاق الأسلحة النووية من الخزينة النووية الاستراتيجية، والتي تتألف من ثلاثة مكونات: قاذفة قنابل استراتيجية، صاروخ باليستي عابر للقارات، صواريخ بالستية تطلق من الغواصات.

 

يتزامن نشر التقرير الحكومي الجديد مع تعهد ترامب بجعل الردع النووي للبلاد «أقوى بكثير من أي وقت مضى»، بينما تعيد إدارته تقييم هيكل الأسلحة النووية في البلاد. ومن المتوقع أن يكتمل ما يسمى بمراجعة الوضع النووي بحلول يناير (كانون الثاني)، ويمكن أن يقترح برامج جديدة.

 

ونقل التقرير ما ذكره متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض من أن المراجعة النووية لإدارة ترامب مستمرة، وأن وزير الدفاع جيمس ماتيس سيقدم توصياته إلى الرئيس بنهاية العام الحالي.

 

لكن تقديرات مكتب الميزانية بالكونجرس تظهر أن الخطة الحالية تفرض تحديات كبيرة على توقعات الموازنة الفيدرالية المتأزمة. وكان تحليل سابق خلص إلى أن خطة التحديث النووي ستكلف أكثر من 400 مليون دولار بين عامي 2017 و2026.

 

وقال ستيفن شوارتز، مستشار السياسة النووية: «إذا تم إقرار مشروع التحديث، فإن هذه ستكون أكبر زيادة في الإنفاق الأمريكي على الأسلحة النووية منذ إدارة ريغان في أوائل الثمانينات. من المرجح أن الكونغرس والقوات الجوية والبحرية في الحقيقة سوف يشعرون بالقلق من مشروع القانون الذي يلوح في الأفق. لا يمكن تحمل تكلفة كهذه».

 

وتعزز تقديرات الميزانية الجديدة مخاوف أولئك الذين لطالما أصروا على أن الخطة غير قابلة للتطبيق.

 

إدارة ترامب

أشار التقرير إلى أن تقديرات التكاليف الحكومية الجديدة تتماشى مع تقديرات التكاليف الحكومية، التي سبق أن نشرها مركز جيمس مارتن لدراسات عدم انتشار الأسلحة النووية في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري بكاليفورنيا، والذي قدر أن تحديث الثالوث النووي قد يكلف أكثر من تريليون دولار أمريكي على مدار 30 عامًا. وقد انتقد هذا التقييم -على نطاق واسع- مناصرو الإنفاق على الأسلحة النووية، باعتباره تقريرًا مبالغًا فيه.

 

ولكن التقرير ذكر أن التكاليف يمكن أن تكون أعلى حتى من التقديرات الحالية لمكتب الميزانية بالكونجرس، وفقًا لعدد من خبراء السياسة النووية.

 

وأشار توم كولينا، مدير السياسة في صندوق بلوشاريس غير الربحي، الذي يدعو إلى وجود عدد أقل من الأسلحة النووية، إلى أن التقرير الجديد لا يأخذ في الاعتبار عامل التضخم. وقال إن التكلفة الحقيقية قد تكون أكثر، مثلًا 1.5 تريليون دولار. وقال في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية: «إن تكلفة إعادة إعمار الترسانة النووية يتزايد بشكل كبير ولا يمكن تحمله».

 

وبالإضافة إلى ذلك، يكاد يكون من المؤكد أن تكاليف الترسانة النووية ستتغير عندما يتم الانتهاء من برامج الأسلحة والإنفاق على المرافق ونظم الاتصالات الجديدة. ويمكن أن تنمو بشكل كبير إذا أسفرت المراجعة النووية لإدارة ترامب عن خطة ترقية أكثر قوة. ويستخدم تقرير مكتب الميزانية بالكونغرس بالفعل في محاولة لفرض مناقشة جديدة بشأن الاحتياجات النووية.

 

ووصف السناتور إد ماركي، عضو لجنة العلاقات الخارجية، خطة الترقية بأنها «ليست سوى مجرد ميزانية». وحث في بيان «على خفض برامج أنظمة الأسلحة النووية غير الضرورية، والمزعزعة للاستقرار».

 

وقال شوارتز: «لم تجر أبدًا مناقشة جادة في الكونغرس حول التكلفة الشاملة لبرنامج الأسلحة النووية. لدينا فرصة ذهبية. ليس لديّ قدر كبير من التفاؤل بأن هناك ما يكفي من المسئولين المهتمين بهذا الأمر في إدارة ترامب».