تقرير استخباراتي أمريكي ينبش صراع التحالف الخفي في اليمن
أصبحت اليمن تعتمد بشكل متزايد على الدعم المنقذ للحياة من المجتمع الدولي لأنها تعاني من أزمة إنسانية وثالوث مميت: تفشي الكوليرا، وتكشف المجاعة، وحرب مستعرة تغذيها وتمولها القوى الإقليمية المتنافسة. وقد وصفت منظمة الصحة العالمية الوضع بانه "أسوأ تفش لوباء الكوليرا في العالم" حيث اصيب اكثر من 330 الف شخص و1800 حالة وفاة منذ بدء تفشي الوباء في ابريل.
ومنذ بداية الحرب في مارس 2015، انهارت البنية التحتية للرعاية الصحية في البلاد تقريبا، وتدخلت اليونيسيف بتمويل طارئ لدفع مرتبات الإمدادات المتناقصة من العاملين في المجال الطبي في اليمن.
وفي 14 يوليو حذرت منظمة الصحة العالمية من تزايد خطر انتشار وباء الكوليرا في اليمن إلى المملكة العربية السعودية خلال الحج القادم، على الرغم من أن البيان أوضح أن المملكة العربية السعودية "على استعداد جيد" للتعامل مع أي تحديات تتعلق بالصحة ترتبط الحدث. لكن التحذير يعتبر بمثابة تذكير صارخ بأنه في عالم معولم، يمكن للحروب التي طال أمدها وتدمير نظم الرعاية الصحية المحلية أن تشكل في نهاية المطاف تهديدا للصحة العالمية.
ولا يؤدي وباء الكوليرا في اليمن إلا إلى تفاقم المجاعة التي تلوح في الأفق، والتي لم يتم حتى الآن منعها إلا من خلال تقديم مساعدات أجنبية ضخمة. ويوجد حاليا نحو 17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في البلد، حيث يعاني حوالي 7 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد، مما يعني أن وجودهم يعتمد اعتمادا كليا على المساعدات الخارجية. وعلى الرغم من الاحتياجات الانسانية الصعبة التي تواجه اليمن، لم يتم التعهد إلا بحوالي نصف طلب الامم المتحدة البالغة 2.1 مليار دولار أمريكي لعام 2017.
إن اسباب الازمة الانسانية في اليمن هي الحرب الجارية بين التحالف الذي يدعم هادي ضد تحالف الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح. ولا يظهر الصراع أي علامات على التهدئة في الأجل القصير، ولا تزال قوات الحوثي صالح تسيطر بقوة على العاصمة صنعاء واجزاء كبيرة من البلاد.
إن المصالح المتباينة في اليمن بين اعضاء التحالف المناهض للحوثيين وصالح تشير إلى أنها تفتقر إلى توحيد الهدف اللازم لتحقيق انتصار استراتيجي. وعلى وجه التحديد، يبدو أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتعارض بشكل متزايد مع إدارة هادي، التي تتخذ من مدينة عدن الساحلية الجنوبية مقرا لها.
وفي مايو، بلغت المخاوف المتزايدة بشأن نفوذ الإمارات المتزايد في جنوب اليمن ذروتها بعد أن اقال هادي عدة مسؤولين مدعومين من دولة الإمارات، بمن فيهم محافظ محافظة عدن.
ودفعت عمليات الاقالة هذه المسؤولين الذين هم من كبار اعضاء الحركة الذين يسعون لاقامة كيان جنوبي مستقل الى تشكيل مجلس حكم انفصالي في تحد مباشر لسلطة هادى. وقد حاول المجلس منذ إنشائه بناء زخم ودعم الحركة الانفصالية الجنوبية، وعقد سلسلة من المظاهرات الجماهيرية في مدينة عدن، فضلا عن لقاءات مع مسؤولين حكوميين أجانب.
وتبرز التقارير الأسس السياسية الهشة التي تعتمد عليها "حكومة" هادي سواء من حيث دعمها السياسي المحلي أو دعمها الإقليمي والدولي. وأصبح الثالوث المميت الذي يعاني منه اليمن الان عائقاً بشكل اساسي امام اي قوة واحدة تريد حكم البلاد. وبدون تسوية سياسية بين الأطراف المتحاربة ورعاتها، سيظل الاستقرار في اليمن بعيد المنال.
*مجموعة "صوفان" الاستخباراتية الامريكية