صحيفة برافدا: لندن أصبحت الآن ترى أن السعودية تدعم المتطرفين البريطانيين

تطرق المحلل السياسي دميتري نيرسيسوف، في مقال نشره موقع "برافدا.رو"، إلى التقرير البحثي البريطاني، الذي يشير إلى دعم الرياض الجماعات الدينية المتطرفة في بريطانيا.
 
 كتب نيرسيسوف:
 
وأنت تقرأ التقرير، الذي صدر عن مؤسسة "هنري جاكسون" البريطانية، لا يسعك إلا أن تتذكر مقولة: "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا". فالتقرير يدعو اليوم الحكومة البريطانية إلى إجراء تحقيق بشأن دور السعودية ودول الخليج في ترويج إيديولوجيات التطرف. في حين أن روسيا منذ سنوات عديدة حذرت البريطانيين ودول الغرب كافة من أن نمو عدد الصناديق المختلفة، والحلقات والمنظمات الأكثر تطرفا وتعصبا للتعاليم الإسلاموية، يجري تمويله من بلدان الخليج. وأن الأموال لا تأتي من المؤسسات الخاصة والدينية فقط، بل ومن أموال الصناديق التي تشرف عليها حكومات دول مثل السعودية، قطر والإمارات.
 
بيد أن هذه التحذيرات الروسية لم تجد آنذاك آذانا صاغية. وكان الأمر مفهوما، لأن نشاط التطرف، الذي ترسخ في لندن وغيرها من عواصم ومدن البلدان الأوروبية، كان موجها نحو دعم الانفصاليين والإرهابيين في روسيا.
 
آنذاك، تعامل البريطانيين معهم بالحسنى، لأنهم كانوا يقاتلون ضد موسكو، ولم يسيئوا إلى البلدان التي كانوا يعيشون فيها، ولم يدعوا إلى الجهاد ضد الديمقراطيات الغربية. وآنذاك لم يهتم أحد بدعوات العداوة والبغض، والتحريض على القتل والتفجير، لأنها كانت آنذاك موجهة ضد الروس، ولم تمس البريطانيين.
 
كما لم يرغب أحد في الغرب بالإصغاء إلى تحذيرات موسكو من أن دعوات التطرف ستتحول عاجلا أم آجلا ضد الغرب – ضد بريطانيا نفسها، التي آوت هؤلاء "المناضلين الإسلامويين من أجل الحرية".
 
ولكن تطور الأحداث أظهر عكس ما كان يعتقدون في لندن. وتبين أن موسكو كانت على حق، فبعد أن ووجه المتطرفون بمقاومة قوية في روسيا، وجد هؤلاء هدفا جديدا لهم في "الغرب الكريه وديمقراطيته، حرياته، نفاقه، فجوره وإلحاده". وموجة الهجمات الإرهابية التي اجتاحت بريطانيا لم تترك أدنى شك في ذلك. واضطر البريطانيون إلى التفكير: ما دام أنه لا يوجد أي مبرر لظهور هذا التطرف والإرهاب في بلادهم، بعد أن منحوا هؤلاء المتطرفين كل شيء! إذًا، هذا يعني أن هناك من يصدِّر إليهم هذه النعمة. 
 
ونظر البريطانيون حولهم وتوصلوا إلى استنتاج بأن الآثار تقود نحو الخليج، إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، حيث توجد منابع المال الذي يتدفق بسخاء منذ سنوات عديدة على أصحاب إيديولوجيات التطرف.
 
 غير أن هذا الوضع قد يشكل إحراجا كبيرا لحكومة تيريزا ماي، ولا سيما أن بريطانيا بعد الانتهاء من مراسم الطلاق مع أوروبا، تعلق آمالها على تكثيف التعاون الاقتصادي مع حكومات الخليج.
 
وتقرير العلماء البريطانيين قد يرخي بظلاله على علاقات الحكومة البريطانية مع حكومات الخليج، هذا على الرغم من تجربة الولايات المتحدة، التي وضعت السعودية تحت طائلة المسؤولية عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لكن ذلك لم يمنع واشنطن من توقيع عقود بالمليارات مع الرياض.
 
لذلك، من الممكن جدا أن يكون تقرير مؤسسة جاكسون مجرد نوع من الاحتيال لابتزاز حكومات الخليج والحصول منها على مزيد من الأموال. بما يعني أنتم في موضع الاتهام، فلا تداوروا، ووقعوا العقود التي نحن بحاجة إليها.
 
المصدر: RT