مساعد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان: اليمن لايقبل الغزاة

يقوم دونالد ترامب بأول رحلة خارجية له، وبعد أن اتهم المملكة العربية السعودية بتفجير مركز التجارة العالمي، وصل إلى الرياض يحمل هدايا: 110 مليارات دولار في مبيعات الأسلحة، وتعزيز المساعدات لحرب الرياض الوحشية في اليمن، وزيادة الدعم السياسي للنظام الملكي.
 
يدير أبناء العائلة السعودية الحاكمة ما هو في الأساس دولة شمولية قمعية، لا يحترمون الحرية السياسية أو الدينية. ويصدر نظامهم قيمه الوحشية ويدعم التعاليم الإسلامية المتعصبة في جميع أنحاء العالم ويتدخل عسكريا ضد جيرانه.
 
ومع ذلك، كانت السعودية منذ فترة طويلة موطنا لأكبر احتياطيات النفط في العالم، مما يعطيها استعدادا للإنفاق والاستثمار. لذلك احتضنت واشنطن بحماس هذا النظام. وعلى الرغم من انتقاد السعوديين سابقا للاعتماد على أمريكا للدفاع عنهم، إلا أن الرئيس ترامب تعامل مع الحكم الملكي. وأعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن "الرئيس ترامب وأعضاء حكومته اتفقا على أن الشراكة الأمريكية - السعودية يجب أن تؤخذ إلى آفاق جديدة".
 
نعم، يتعين على البلدين التعاون عندما تتوافق مصالحهما. ولكن هذا لا يبرر جعل الرياض جناحا تدافع عنه أمريكا. خصوصا عندما يكون الأمر بناء على طلب المملكة العربية السعودية في المساعدة في قتل المدنيين الأبرياء في اليمن المجاور، الذين لم يفعلوا شيئا ضد أمريكا ولم يهددوها. وقد دعمت واشنطن حتى الآن حرب الرياض بحوالي 20 مليار دولار من الأسلحة وحوالي 2000 عملية للتزود بالوقود الجوي، فضلا عن تحديد الأهداف.
 
مخاطر التدخل في اليمن
 
إن تدخل الولايات المتحدة في اليمن يجعل الأمريكيين أقل أمنا. ولاحظ توماس جونيو من جامعة أوتاوا أن الصراع: "هو في جوهره حرب أهلية، مدفوع بالمنافسة المحلية على السلطة، وليس حربا إقليمية أو طائفية أو بالوكالة". لكن حرب الرياض العدوانية حولت الصراع المحلي إلى حرب إقليمية وطائفية، ما جعل جزءا من اليمنيين يلجأون لإيران، فيما الآخرون شجعوا على إحياء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي يسيطر الآن على ثلث البلاد. عدوان الرياض أيضا مرعب أخلاقيا، قتل الأبرياء دون سبب جيوسياسي جيد.
 
دوغ باندو
دوغ باندو
فوق ذلك، تدرس إدارة ترامب دعم خطة التحالف للاستيلاء على ميناء الحديدة اليمني. إن الاستيلاء على الميناء وتأمينه سيكون أصعب مما يُتخيل، وقد أبرز الصراع حتى الآن عدم فعالية القوات السعودية. وعلاوة على ذلك، يحذر المحللون الإنسانيون من أن العملية يمكن أن تؤدي إلى كارثة إنسانية لأن معظم المساعدات الإنسانية اليمنية تمر عبر الحديدة. وحذر جيريمي كونينديك، الذي كان يعمل سابقا في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، من أن "هذه العملية سوف تزج بلدا كان على شفا المجاعة على مدى العامين الماضيين إلى ما هو أسوأ من ذلك بكثير".
 
إن توسيع مشاركة واشنطن أيضا سيزيد من حصة أمريكا في الصراع دون أن يحسن كثيرا من احتمال التوصل إلى نتيجة إيجابية. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لصحيفة "واشنطن بوست" إن وضع حد للقيود الحالية يمكن أن ينظر إليه على أنه "ضوء أخضر للتدخل المباشر في حرب كبيرة". ولا يمكننا الحكم على ما ستكون عليه النتائج. وبطبيعة الحال، ابتهجت مشيخات الخليج من رغبة واشنطن في ضمان استمرار استبدادهم وعدوانهم، ورحبوا بترامب - الذي اتهم أميرا سعوديا بالسعي إلى السيطرة على السياسيين الأميركيين بأموال الأب - ترحيبا باهرا.
 
اليمن لا يقبل الغزاة
 
اليمن هي أرض قديمة في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية. لم يرحب الشعب اليمني أبدا بالحكم الخارجي، وأجبروا كل من غزاها على دفع الثمن. ظهرت دولتان عندما حدث الاستقلال خلال الستينيات. وقد عانى اليمنيون من صراع داخلي، وقاتلوا بعضهم بعضا، وعانوا من التدخل الأجنبي، بما في ذلك التدخل من السعودية. واتحد اليمنيون في نهاية المطاف عام 1990، لكن البلد الذي لمَّ شمل بعضه قضى معظم تاريخه الحديث في الصراع والحرب. وفي وقت ما، شجبت الرياض بصوت عال التدخل الإيراني، ودعمت الانفصاليين الجنوبيين.
 
وحتى وقت قريب كان القلق الأمني الرئيسي لأمريكا هو صعود القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وللقضاء على هذه القوة، اعتمدت الولايات المتحدة على حكم علي عبدالله صالح الذي سلم السلطة مطلع عام 2012. وبعد فشل الحوار الوطني في التوصل إلى حل سياسي، اتحد صالح مع الحوثيين، المعروفين أيضا باسم أنصار الله، وهي حركة سياسية شبه شيعية كانت تقاتله عندما كان في السلطة.
وفي سبتمبر 2014، أطاحوا بعبد ربه منصور هادي، الذي اعتبروه مطواعا للمملكة العربية السعودية المجاورة. لعبة الكراسي الموسيقية في صنعاء كانت ذات أهمية قليلة لواشنطن، لكن المملكة العربية السعودية أرادت قيادة مطواعة في اليمن. في مارس 2015، تدخلت الرياض، بدعم من تسع دول عربية، باسم مواجهة إيران. وقال يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة: "لا يجوز السماح لإيران بإنشاء حزب يشبه حزب الله في اليمن من خلال الحوثيين".
 
ولكن المتخصصين في المنطقة يرفضون بشكل موحد هذه الادعاءات التي تخدم مصالحهم الذاتية. كانت الهوية الدينية بين إيران والحوثيين دائما محدودة. وهذه الأخيرة هي جماعة زيدية ليبرالية، ذات صلة بالشيعة، والتي يفضل بعض المراقبين معاملتها كميليشيات قبلية. في بعض المناطق يبدو الزيديون أقرب إلى السنة من الشيعة.
 
العلاقة بين إيران والحوثيين كانت دائما فضفاضة في أحسن الأحوال. وأشار آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "الحوثيون لم تنشئهم إيران ولا تسيطر عليهم". وقال توماس جونيو من جامعة أوتاوا: "إن الحرب في اليمن مدفوعة بالمظالم المحلية والمنافسة على السلطة بين الجهات الفاعلة اليمنية". وانتقد يزيد الصايغ من معهد كارنيغي للشرق الأوسط الدعاية حول "التوسع الإيراني في اليمن".
 
في حين قبل الحوثيون بالمساعدات الإيرانية، تشير الأمم المتحدة إلى أن طهران بدأت في نقل الأسلحة إلى الحوثيين في عام 2009، عندما كانت تقاتل حينها الرئيس صالح. ومنذ ذلك الحين جاءت معظم أسلحتهم من مخزونات اليمن الوفيرة والوحدات العسكرية التي بقيت موالية لصالح.
 
ويقول غابرييل فون براك في معهد لندن للدراسات الشرقية والأفريقية: "لا أعتقد أن الإيرانيين لديهم نفوذ في صنع القرار". وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما برناديت ميهان قبل عامين: "لا يزال تقييمنا أن إيران لا تمارس القيادة والسيطرة على الحوثيين في اليمن".
 
وعلى النقيض من الادعاء المشين لبرلماني إيراني، فإن طهران لا تسيطر على صنعاء (ولا في الواقع بغداد وبيروت ودمشق). وبدلا من ذلك، لاحظ توماس جونيو من جامعة أوتاوا أن "طهران قد أدركت أن استثمارا طفيفا في اليمن يمكن أن يسفر عنه عوائد محدودة، ما جعل السعودية تنفق الكثير دون جني فوائد حقيقية".
 
هذا لا يعني أن الحوثيين متسامحون ليبراليون مثل الولايات المتحدة ولكن لاهوتهم أكثر اعتدالا من التعاليم الوهابية التي يمولها المالكون السعوديون في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أمريكا. والأقليات الدينية أفضل بكثير في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون عنها في الأراضي التي يسيطر عليها التحالف السعودي وهادي. ولا ينبغي أن يفاجئ ذلك أحدا، نظرا لرفض السعودية السماح لأعضاء أي أقلية دينية بممارسة عقيدتهم.
 
التورط الأمريكي
 
لماذا يجب أن تتورط أمريكا في اليمن؟ وزعم وزير الخارجية السابق جون كيري أن شحن الأسلحة الإيرانية إلى اليمن "ليس مجرد تهديد للمملكة العربية السعودية، بل يشكل تهديدا للمنطقة، وللولايات المتحدة". لكن الحوثيين وحلفاءهم ضربوا ما وراء حدود اليمن فقط ردا على العدوان السعودي الذي تدعمه أمريكا. واشتكى وزير الدفاع جيم ماتيس من "إطلاق الصواريخ الإيرانية من قبل الحوثيين وحلفائهم إلى السعودية"، لكن ماتيس وجون كيري ربما نسيا أن الحوثيين وحلفاءهم لم يبدأوا بهذه الهجمات إلا بعد أن هاجمت الرياض بلدهم وقتلت اليمنيين. وهاهم السعوديون يجنون ثمار ما زرعوه بنقل المعارك إلى داخل أراضيهم.
 
ومع ذلك، جعلت إدارة أوباما أمريكا مقاتلا نشطا في الحرب في اليمن. والسبب، على ما يبدو، هو طمأنة الرياض، التي كانت غاضبة من أن واشنطن لم تقدم عطاءاتها في سوريا (الإطاحة ببشار الأسد) وإيران (المواجهة بدلا من التفاوض مع طهران حول الاتفاق النووي).
 
وقد تعثر السعوديون في الصراع ولم يبذلوا جهدا يذكر لتجنب وقوع خسائر بين المدنيين. وقبل فترة وجيزة من انتهاء ولايتها، أوقفت إدارة أوباما بعض شحنات الأسلحة إلى الرياض بسبب مخاوف من سقوط مدنيين يمنيين. لكن إدارة ترامب عكست مسارها، واعتمدت موقفا فرديا تجاه أفراد العائلة المالكة. وهذه سياسة فظيعة لعدة أسباب:
 
أولا، تكافئ واشنطن دكتاتورية شمولية لقمعها جيرانها. تريد الرياض أن يكون جيرانها دمى تلعب بهم كيفما تشاء. ولكن ليس من مسؤولية أمريكا أن تساعد السعودية في ذلك.
 
ثانيا، أدى الصراع إلى تحويل الانتباه السعودي عن محاربة أكثر القوى زعزعة للاستقرار وخطورة في الشرق الأوسط، الدولة الإسلامية "داعش". ويحق للرياض أن تختار أولوياتها الخاصة، ولكن يجب على واشنطن ألا تتحمل ما يجنيه السعوديون من نتائج عكسية. وبعد هجوم صاروخي من الحوثيين على سفينة حربية أمريكية، أعرب مسؤولو ترامب عن قلقهم بشأن حرية الملاحة، وخاصة في مجرى باب المندب المائي. لكن اليمنيين هاجموا على ما يبدو سفينة أمريكية لأن واشنطن تساعد السعوديين على قتل اليمنيين. قبل أن يستهدفوا الأمريكيين أبدا.
 
ثالثا، وصف منسق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليمن بـ"أكبر أزمة إنسانية في العالم". لقد تدخل الحوثيون في إيصال المساعدات الإنسانية، لكن السعوديين وشركاءهم في التحالف تسببوا بالمزيد من الموت والدمار. وقد لقي أكثر من 10 آلاف مدني مصرعهم وأصيب 40 ألفا آخرون. تسببت الغارات الجوية السعودية، التي وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها "عشوائية أو غير متناسبة"، في ما لا يقل عن ثلثي أضرار البنية التحتية وثلاثة أرباع الوفيات.
 
ويحتاج ما يقرب من 19 مليون شخص، أي أكثر من 800 في المائة من السكان، إلى مساعدات إنسانية. وهناك أكثر من عشرة ملايين بحاجة ماسة إلى المساعدة. ويفتقر نحو 13 مليون شخص إلى المياه النظيفة. ويعيش نحو 60 ٪ من سكان اليمن، أو 17 مليون نسمة، في أوضاع "أزمة" أو "طوارئ". وحذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن البلاد على شفا "المجاعة الشاملة" حيث يعاني سبعة ملايين شخص "من انعدام الأمن الغذائي الشديد". ويوجد حاليا حوالي 4 ملايين شخص يعانون من سوء التغذية الحاد و3.2 مليون شخص نزحوا داخل البلاد. وقد انهارت الخدمات الصحية مع ازدياد الحاجة إلى الرعاية.
 
رابعا، إن إعادة هادي لن توفر الاستقرار السياسي. كان دعمه محدودا حتى قبل تدخل الرياض، ويأتي الدعم من الغرب أكثر بكثير من شعبه. كما أن دعمه وتأييده لهجوم أجنبي وحشي على شعبه لم يجعل له أي أصدقاء. وفي الواقع، حذرت الباحثة كاثرين زيمرمان في معهد "انتربرايز" الأمريكي للدراسات من أن "التحالف الخليط ضد التحالف الحوثي - صالح، سيتبدد بسرعة بمجرد طرح مسألة السلطة على الطاولة. ولا أي من عناصر القوة الرئيسية يدعم هادي للرئاسة، كما أن قلة منهم ستدعم عودة الدولة المركزية اليمنية كما كانت عليه من قبل". وهناك أيضا حركة انفصالية جنوبية منفصلة تعمل على إزالة هادي.
 
خامسا، إن دعم الوحشية السعودية في اليمن يهدد الأمريكيين من خلال خلق وتمكين خصوم آخرين. لقد تحولت واشنطن إلى عدو للشعب اليمني. وأعرب صانعو السياسة الأمريكيون عن صدمتهم عندما أطلقت القوات اليمنية صاروخا على سفينة بحرية أمريكية، ورغم أن أمريكا مشتركة بالحرب بحكم الأمر الواقع وأن السفن الحربية الأمريكية تعد هدفا مشروعا، لكن المفاجأة الوحيدة هي أن اليمنيين لم يتعجلوا في استهدافها.
 
سادسا، ساعدت الجهود الحربية السعودية في صعود تنظيم القاعدة وداعش والميليشيات السلفية. كما أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية آخذة في الارتفاع. وحذرت مجموعة الأزمات مؤخرا من أن المنظمة "أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى". وأشار التقرير الأخير الصادر عن وزارة الخارجية إلى أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية استغلتا الفراغ السياسي والأمني الذي خلفه الصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين "لقد استطاع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية توسيع وجوده بشكل كبير في المحافظات الجنوبية والشرقية في حين اكتسب تنظيم الدولة الإسلامية موطئ قدم في البلاد".
 
إن صعود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يهدد الولايات المتحدة، وشدد مسؤول البنتاغون السابق أندرو إكسوم، أن الحملة العسكرية في اليمن "تشتت جهود كل من الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين من القتال ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية". وحتى قبل ذلك، لم يظهر حلفاء أمريكا اهتماما بمقاتلة القاعدة.
 
ولاحظت الصحيفة لورا كاسينوف أن هادي، الذي يفتقر إلى الدعم الداخلي، "تعاون مع الإسلاميين" قبل الإطاحة به. وأفادت الباحثة كاثرين زيمرمان في معهد "انتربرايز" الأمريكي للدراسات أن نظامه يتعاون ضمنا مع القاعدة في شبه الجزيرة العربية في بعض المناطق. وعلاوة على ذلك، فإن "التحالف الذي تقوده السعودية يتسامح مع وجود القاعدة في شبه الجزيرة العربية في ساحة المعركة، طالما تحارب الجماعة ضد قوات الحوثي وصالح".
 
ترامب يدعم داعمي الإرهاب
 
وقد شعر البنتاغون أنه من الضروري التدخل بشكل أكثر مباشرة ضد القاعدة في جزيرة العرب، مع هجمات الطائرات بدون طيار والغارات الجوية وقوات العمليات الخاصة، لكن ذلك جاء بنتائج مكلفة ومثيرة للجدل. ومن المرجح أن يكون هناك مزيد من الضربات والعمليات البرية، حيث يخفف الرئيس من الرقابة على البيت الأبيض للجهود الحربية. وبقدر ما تكسب المنظمة الإرهابية الموارد والأتباع، فإنها قد تنجح في جهودها لضرب الوطن الأمريكي. إذا كان الأمر كذلك، فإن إدارتي أوباما وترامب يتقاسمان اللوم.
وكان دونالد ترامب ينتقد بشدة، في حملته الانتخابية، السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما. لماذا، إذن، الرئيس ترامب يصعد ويتورط في حرب لا داعي لها في الشرق الأوسط نيابة عن نظام استبدادي عزز الراديكالية الإسلامية؟ ولماذا يضحي بالمصالح والقيم الأمريكية الأساسية لصالح بلد قدم مزيدا من الإرهابيين الذين هاجموا الأمريكيين أكثر من أي دولة أخرى وقاموا بتمويل الإرهاب الدولي أكثر من أي دولة أخرى؟ ولماذا يعلق الولايات المتحدة في صراع آخر بعيد، لا صلة له، ولا يمكن الدفاع عنه في الشرق الأوسط بعد انتقاد التدخل الأمريكي في العراق وليبيا؟
 
الأميركيون لديهم سبب وجيه لإشراك السعودية، على الرغم من سلوكها المزري. ومع ذلك، فإن إدارة ترامب لا ينبغي أن تنجرف نحو الرياض. يجب على واشنطن عدم التضحية بالمصالح الأمريكية لصالح السعوديين. وينبغي للمسؤولين الأمريكيين عدم تحريض وتمكين السعوديين من قتل اليمنيين الذين لم يضرونا أبدا.
 
لسوء الحظ، يبدو أن الإدارة تركز اهتمامها على إيران. ومع ذلك، لاحظ مصطفى العاني، مدير مركز دبي الخليجي للبحوث: "إنه لأسطورة أن إيران قوية". طهران هي في أحسن الأحوال قوة إقليمية متواضعة، متخلفة جيدا عن المملكة العربية السعودية. واشتكى الرئيس ترامب في يناير من أن إيران "ستكون لها اليمن"، إلى جانب العراق وسوريا: "سيكون لديهم كل شيء". ولكن واشنطن هي من أعطت العراق لطهران من خلال غزوها الغاشم.
 
وعلاوة على ذلك، لا شيء في تاريخ صنعاء يوحي بأن أي فصيل يمني من شأنه أن يضحي باستقلال بلاده. تخيل رد فعل واشنطن إذا أثارت إيران حربا أهلية في المكسيك، في محاولة للإطاحة بحكومة تتماشى مع الولايات المتحدة.
 
في نهاية المطاف، من الضروري التوصل إلى تسوية سياسية، مما يضع مصالح الشعب اليمني قبل مصالح الحكام السعوديين أو الملاة الإيرانيين. وقالت الباحثة كاثرين زيمرمان في معهد "انتربرايز" الأمريكي للدراسات إنه حتى الآن استبعدت جهود الأمم المتحدة التفاوضية دورا للحوثيين وبالتالي "تتجاهل المظالم الأساسية والصراعات المحلية التي ولدت الحرب في المقام الأول". ولن يؤدي هذا الجهد إلى تحقيق السلام أو الاستقرار. يجب على جميع الأطراف الأجنبية أن تتراجع.
 
وأضافت زيمرمان: "ستتواصل الاستراتيجية الأمريكية السليمة مع الحوثيين جنبا إلى جنب مع الجهات الفاعلة الفرعية الأخرى في اليمن، وتسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة معهم، وتعمل على تسهيل التوصل إلى حل مفيد للصراع - بما في ذلك المظالم الشعبية الكامنة وراء ذلك".
 
فشل محرج
 
سياسة الرياض في طريق مسدود. وعرضت السعودية تحقيق السلام مع إيران، إذا سلمت طهران جميع مصالحها. أعلن النظام الملكي الاستبدادي في الرياض دعمه لحكومة اليمن المنتخبة، برئاسة رجل يحظى بدعم حكومي ضئيل. بعد عامين من فشل عسكري محرج، أعلن نائب ولي العهد أن "الوقت في صالحنا"!
 
وبدلا من تقديم العطاء الملكي، يجب على إدارة ترامب أن تتذكر أن الولايات المتحدة، وليس السعودية، هي القوة العظمى، وأن واجب واشنطن يجب أن يكون للشعب الأمريكي، وليس لصالح أفراد العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية.
 
في الواقع، أكد الرئيس ترامب مؤخرا انتقاده للرياض: "بصراحة، لم تعاملنا السعودية على نحو عادل، لأننا نفقد قدرا هائلا من المال للدفاع عن المملكة العربية السعودية".
 
لكن المشكلة مع العلاقات الثنائية تدور على نحو أعمق بكثير: أمريكا تفقد روحها الأخلاقية من خلال مساعدة الرياض في حرب وحشية وعدوانية ضد جار فقير. ليس هناك ما يبرر دعم القتل الوحشي للمدنيين الذين لم يهددوا أمريكا أبدا. التصعيد يضمن فقط فشل أكبر.
 
الحرب اليمنية كارثة. لاحظت بيري كاماك من مؤسسة كارنيغي، "من خلال تمكين المملكة العربية السعودية في اليمن، سمحت الولايات المتحدة بصعود القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وعززت النفوذ الإيراني في اليمن، وقوضت الأمن السعودي، وجعلت اليمن أقرب إلى حافة الانهيار، وزار المزيد من الموت والدمار، والنزوح على السكان اليمنيين". وعلى واشنطن أن تنهي هذا الصراع عاجلا..
 
*دوغ باندو: مساعد خاص للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان وكبير الباحثين في معهد كاتو الأمريكي للدراسات