رأي- ما الهدف من ترويج اعتذار كيري لهادي ؟!

روجت قنوات فضائية كالعربية ومواقع إعلام يمنية نشطاء خلال الساعات الماضية لخبر منقول عن وكالة الأنباء اليمنية سبأ التي تديرها حكومة هادي من الرياض، يتحدث عن اعتذار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لهادي عما حصل في مسقط، فما صحة ذلك وما الهدف منه؟

في خبر وكالة سبأ الخاص باستقبال هادي لنائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي تيم ليندر كينغ، جاء فيه بالحرف الواحد (...حاملاً لفخامة الرئيس عدة رسائل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تحمل الاعتذار عما حصل وفسر في وسائل الإعلام التي أخرجت الأمر عن سياقه).

لاحظوا معي عدة رسائل، ومش رسالة واحدة، يعني الموضوع جاد وخطير، الأولى الاعتذار عما حصل... يقصد اتفاق مسقط، والثانية لما فسر في وسائل الإعلام، والثالثة إخراج الخبر عن سياقه.

بالنسبة للأولى، فالاتفاق يرتكز على أمرين، هما: تفاهم ظهران الجنوب، والذي طالبت حكومة هادي نفسها أكثر من مرة بتطبيقه. والثاني خارطة الطريق المقدمة من ولد الشيخ، والتي أكد مندوب بريطانيا في مجلس الأمن في تصريحات للصحفيين أنه تم إدراج بند رابع فيها ينص على تعيين نائب رئيسي توافقي.

وفي فقرة تالية في الخبر تقول الوكالة على لسان مساعد وزير الخارجية الأمريكية، "إن خارطة الطريق هذه لا تعد اتفاقيه، بل مرشداً ودليلاً أولياً لبدء واستئناف المفاوضات".. يعني أن الخارطة ستكون هي أساس التفاوض. إذاً، ما الجديد في الأمر حتى نقول إن نائب السفير اعتذر، فلم يعلن التخلي عن الخارطة ولم يشر إلى المرجعيات الثلاث المعروفة، أما مسألة المفاوضات فإعلان مسقط نص على بدء الجولة المقبلة قبل نهاية نوفمبر الجاري، ولم يقل أحد إن إعلان مسقط هو اتفاق نهائي للسلام، ومن الطبيعي أن القوى اليمنية في الرياض هي الطرف الآخر في المفاوضات.

أما بالنسبة لمسألة الاعتذار عما فسر في وسائل الإعلام، وإخراج الخبر عن سياقه، فلم أتمالك نفسي من الضحك، فما دخل مساعد كيري في ذلك، إلا إذا اعتبرناه مسئولاً عن القنوات والمواقع الإخبارية حتى يعتذر نيابة عنهن (!!)

كان يمكن تمرير نكتة الاعتذار لو نشر كتصريح أو بيان رسمي أو حتى تغريدة في موقع الخارجية الأمريكية أو حتى في حساب كيري، أو كتصريح مسجل للفضائية اليمنية، ولو افترضنا، جدلاً، صحة الاعتذار، فإن محمد بن زايد، ومحمد بن سلمان، مطالبان أيضاً باعتذار مماثل؛ كون كيري لم يعلن عن الاتفاق إلا بعد أن حصل على موافقتهما عليه، ومن ثم فقد شاركا كيري في الكذب والتضليل، لكن لم يحصل أي مما سبق، كل ما في الأمر أن حكومة هادي بدأت تهيء أنصارها لتبرير قرار مشاركتها في الجولة المقبلة من المفاوضات ليس أكثر.

ما يحزن مشاركة النخبة المثقفة سواءً داخل أو خارج اليمن في تجهيل العامة والاستخفاف بعقول اليمنيين خدمة لمصالح أشخاص أو أحزاب بعينها، وهذا أحد الأسباب التي ساهمت في وصولنا إلى أزمتنا الراهنة ووضعنا البائس.


[email protected]

*عبدالعزيز ظافر معياد، كاتب وباحث من اليمن