تعليق: بينما السعودية "تستدرج" الحوثيين كانوا يستدرجونها !!

 

أعطى إعلان الخميس في صنعاء، بشأن الاتفاق السياسي، رسالة "خاصة" أفادت أن جميع الرهانات التي عقدتها والمحاولات التي قادتها السلطات السعودية، على مدى الأشهر الماضية، بصدد "شق تحالف صنعاء" في مواجهة تحالف العدوان، قد مُنيت بالفشل.

من ردود الفعل والتعليقات الأولية التي صدرت عن المعسكر السعودي تجاه الإعلان في صنعاء عن اتفاق سياسي ناجز أقر صيغة قيادة عليا/ مشتركة لإدارة البلاد والمرحلة، وتوحيد الجهد الوطني في "مواجهة العدوان" (وهو ما قد يفيد توطين الجبهة الداخلية على معركة ربما تكون طويلة)، يبدو واضحاً أثر "الصدمة" أو ربما "المفاجأة" بالنظر إلى إطلاق دعوات عبر قناة العربية السعودية في اللحظات الأولى وباسم مصادر خليجية تطالب مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي بالتدخل فوراً (..) إزاء توافق سياسي يتوجه بترتيبات داخلية بحتة.

كانت الإدارة أو الاستراتيجية السعودية للمناورات المتبعة، تعتمد على فاعلية الحيلة إلى كسر الإرادة المتماسكة في الجبهة المواجهة عبر استدراج أنصار الله إلى اتفاقات ثنائية جزئية وإصحابها بدوي وصخب إعلامي، بصدد بث الشكوك أولاً، واللعب على الخلافات الناشئة ثانياً؛ لتوسيع الهوة، ومباعدة المسافة بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي، والاشتغال على ذلك في مستوى القواعد الدنيا والوسطى والناشطين عبر مواقع التواصل بصفة خاصة ومرصودة.

للوهلة الأولى، بدا أن الحيلة تفلح نوعاً ما. لكن ما حدث كان دائماً ينطوي على حيلة مقابلة -ربما- ولم يفطن إليها السعوديون الذين لم يضعوا احتمالات جانبية بأن الطرف الآخر لا تنقصه الحيل لاستدراج الخصم إلى معركة جانبية تقدم له معطيات موهمة بالنجاح في مسعاه إلى الانفراد بطرف لإضعاف الطرفين في صنعاء.

ويكشف، في حديث جانبي مع وكالة خبر سياسي يمني (مخضرم)، أن "صنعاء ناورت عن دراية وقصد، وتجاوبت مع مناورات سعودية حاولت استدراج طرف لضرب تحالف الطرفين ما يسهل عليها ضربهما معاً". ويضيف: "كانت التحركات جميعها متفقة. وكانت صنعاء هي من تستدرج السعوديين لحساباتها الخاصة، وقد نجحت كثيراً في هذا".

في اللحظات الحاسمة ـ يقول المسئول السياسي اليمني ـ كانت القرارات التي انتظرها السعوديون انفرادية ومتعاكسة تؤخذ باتفاق وإجماع كموقف واحد لأنصار الله والمؤتمر. ظهر هذا، بصورة أوضح، في رفض محاولة السعودية استدراج المفاوضات إلى المملكة بدلاً من الكويت. وقبلها بقليل في إبطال "عبوة" استدراج ممثلي لجنة التنسيق والتهدئة إلى ظهران الجنوب.

من كل ذلك، انتهت المناورات إلى الحقيقة في مفاوضات الكويت لتأخذ السعودية جانب التصعيد العسكري والجوي، وتسعير الجبهات، وبالترافق أعطت حلفاءها في مفاوضات الكويت صيغة موقف متشدد ينسف متراكم المحادثات، ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر.

خلال ذلك كانت صنعاء تشهر اتفاقاً سياسياً خلف صدمة حقيقية استتبعت دعوات إلى تدخل دولي وموقف "فوري" من مجلس الأمن. في الوقت الذي لم يقل أحد في صنعاء أو الكويت أن الاتفاق الثنائي الداخلي ينهي المحادثات في الكويت أو يعلن الانسحاب منها. لكنه قد يكون حفزاً لها لاستدراك الوقت وإبراز الجدية نحو اتفاق سلام لا صيغة استسلام تنعدم شواهدها على أرض الواقع ميدانياً وعسكرياً.