تقـريـر| أزمة اللاجئين تتحول إلى أزمة "انقسام" أوروبي

انقسام حاد يسود في اوروبا إزاء أزمة اللاجئين/ المهاجرين، فشل دول الاتحاد في الاتفاق يوم الاثنين على آلية توزيع حصص عمق من الأزمة فيما يستمر غرق المزيد من الضحايا... قال رئيس الوزراء اليوناني السابق حيال ذلك إن الحضارة الأوروبية بكاملها تغرق.

على لسان وزير داخليتها توماس دو ميزيير، اقترحت ألمانيا ممارسة الضغط على الدول الأوروبية التي تعرقل مبدأ توزيع اللاجئين. الاثنين، اتفق وزراء الداخلية الأوربيون على مبدأ إعادة توزيع 120 ألف لاجئ، و أرجئت مسألة آلية التوزيع إلى اجتماع سيعقد الشهر القادم.

إثنان وعشرون مهاجرا على الأقل بينهم أربعة أطفال لقوا حتفهم صباح الثلاثاء 15 سبتمبر أيلول 2015 قبالة سواحل جنوب غرب تركيا عند غرق قاربهم خلال توجهه إلى جزيرة كوس اليونانية بحسب ما أورد تلفزيون يورونيوز.

وتمكن خفر السواحل من انقاذ مائتين وأحد عشر شخصا لم تحدد جنسياتهم كانوا على متن القارب الذي انطلق من منطقة داتشا بجنوب غرب تركيا.

المنظمة الدولية للهجرة ذكرت أن عدد من غرقوا في البحر خلال هذا الشهر أثناء محاولتهم التوجه من تركيا إلى اليونان يقترب من مستويات قياسية.
وتفيد التقارير بأن نحو خمسة وثمانين شخصا قد لقوا حتفهم منذ بداية شهر سبتمبر أيلول غرقا في بحر إيجه الذي يفصل بين البلدين. كما أعربت المنظمة عن مخاوفها من أن يكون أربعة وعشرون شخصا قد غرقوا في صباح يوم الثلاثاء قبالة الساحل التركي عندما انقلب قاربهم.

ولم تتمكن دول الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعها يوم الاثنين، من الاتفاق على كيفية تقاسم الأعباء ومساعدة الوافدين إلى الشواطئ الأوروبية. ونشبت تباينانات وانقسامات حادة بين الدول الأعضاء حول القضية التي تلبد القارة الأوروبية بخلافات عميقة إزاء التعامل مع الأعداد المتزايدة من اللاجئين والمهاجرين.

منظمة العفو الدولية أعربت عن أسفها من فشل ممثلي الاتحاد الأوربي مجددا في الاستجابة للأزمة، معتبرة أنه يتعين اعادة النظر بشكل كامل في التعامل مع اللجوء في الاتحاد الأوربي من دون اقامة حواجز جديدة أو الدخول في خصومات حول الحصص.

دول الاتحاد الأوربي المنقسمة في الاتفاق بشأن توزيع اللاجئين، اعاد العديد منها المراقبة على حدودها، وأغلقت المجر لأبرز منافذها نحو صربيا عشية تطبيق الاجراءات الجديدة المناهضة للهجرة التي اتخذتها سلطات بودابست. وجاء اجتماع بروكسل المخيب للامال وسط عودة عمليات المراقبة على الحدود الألمانية والنمساوية وهو ما يشكل عمليا تعليقا لحرية التنقل التي تضمنها اتفاقيات شنغن في أوربا.

دول مثل سلوفاكيا وتشيكيا، التي ترفض منذ أسابيع فكرة ألمانيا توزيع حصص لتقاسم عبء اللاجئين بين الدول الأعضاء الثماني والعشرين، سارعت إلى اتخاذ اجراءات مماثلة لتلك التي فرضتها ألمانيا والنمسا. كما أعلنت بولندا انها مستعدة لاعادة المراقبة على الحدود في حال وجود تهديد أمني. ووافقت ايطاليا واليونان على أن تقيما عند حدودهما الخارجية مراكز استقبال لتسجيل المهاجرين لدى وصولهم إلى أوربا، والتمييز بينهم كطالبي لجوء أو كمهاجرين غير شرعيين.

في خلفيات الانقسام، الخلاف الرئيسي هو حول ما إذا كان أغلب الوافدين من اللاجئين السياسيين أو ببساطة مهاجرين بسبب الأزمة الاقتصادية ممن يبحثون عن حياة أفضل.

رئيس الوزراء اليوناني السابق ألكسيس تسيبراس دعا الاتحاد الأوربي إلى تحمل مسؤولياتها: “عندما يغرق أطفال في الثالثة من العمر على شواطئنا، فكل الحضارة الأوربية تغرق. علينا تحمل المسؤولية الجماعية كأسرة أوربية وإيجاد حل لهذه المشكلة. لا يجب التفكير بأنّ الأمر يتعلق ببلد جار
فقط. لذلك، نحن بحاجة إلى الأموال، وإلى تعزيز بنيتنا التحتية، ونحن بحاجة إلى سياسة أخرى، سياسة للأسف لم تعد أوربا تمتلكها اليوم”.

ودعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دول الاتحاد الأوربي إلى تحمل مسؤولياتها تجاه أزمة المهاجرين التي تضرب أوربا.
مجددة القول أن حل الأزمة يتطلب المزيد من التنسيق والحلول المشتركة للتغلب على جميع مشاكل الهجرة.

ويقول رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الأكثرية الساحقة من المهاجرين ليسوا لاجئين.

لكن منظمة العفو الدولية تقول: إن حوالي 244 ألف شخص وصلوا إلى الجزر اليونانية بحرا في العام 2015. تسعون بالمئة ينحدرون من سورية، أفغانستان والعراق، البلدان التي تعاني من الحروب ويحتاج مواطنوها إلى اللجوء.

غالبية طالبي اللجوء يأتون إلى أوروبا للاستفادة من المساعدات، برأي رئيس الوزراء الصربي الكسندر فوسيتش الذي قال إن الفوائد المدفوعة لطالبي اللجوء هي السبب في اتجاه المهاجرين إلى بلده. ويتم منح طالبي اللجوء بدلات الإقامة أثناء النظر في طلباتهم.

ايفرنا مكغوان، من منظمة العفو الدولية: لقد رأينا أن الغالبية العظمى من الناس يفرون بسبب الحرب والفقر. اذا نظرتم الى مدى صعوبة هذه الرحلات هي وعدد القتلى وانعدام الكرامة في رحلاتهمن سترون مرة أخرى العوامل التي دفعت بهم للهجرة. هذا ليس بالضبط بالأمر السهل في أوروبا، بل هي رحلة مروعة للغاية يجب وقفها من قبل ما يتيح الوصول الآمن والقانوني لأولئك الذين يحتاجون إلى الحماية.

وبين مدينة بودروم التركية وجزيرة كوس اليونانية يدفع كل مهاجر أكثر من ألف يورو لقاء العبور في هذا الممر البحري الذي يعتبر الأقصر بين تركيا وأوربا. السلطات التركية أكدت أنها ساعدت أكثر من اثنين وأربعين ألف مهاجر قبالة سواحلها منذ مطلع العام الحالي.

ومنذ عدة أشهر يجازف عدد متزايد من المهاجرين واللاجئين غالبيتهم من السوريين والافغان والأفارقة بعبور بحر ايجه انطلاقا من سواحل جنوب غرب تركيا لبلوغ الجزر اليونانية نقطة الدخول إلى الاتحاد الأوربي. غالبية حوادث الغرق تقع في هذا القسم من بحر ايجه.

وقال ليونارد دويل المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة إن المنظمة أقامت خطا هاتفيا ساخنا للركاب اليائسين الذين يتعرضون لمشاكل على قوارب غير صالحة للإبحار.

مبينا: "قد يكون القارب المطاطي الصغير جيدا لبحيرة صغيرة، قد يتمكن من الإبحار لمسافة عشرة كيلومترات، ولكن القليل من الرياح سيجعل الوضع خطيرا للغاية وخاصة عندما تكون تلك القوارب مكتظة بالركاب ويتسرب منها هواء طوال الرحلة القصيرة. لذا يتصل الركاب بالخط الساخن لأنهم يواجهون خطر الغرق."