في تقرير جديد لـ"هيومن رايتس": السعودية تقتل المدنيين اليمنيين بصواريخ عنقودية
قالت هيومن راتيس ووتش (الخميس 27 أغسطس 2015)، إن قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية استخدمت، على ما يبدو، صواريخ محملة بذخائر عنقودية، في ما لا يقل عن سبع هجمات على محافظة حجة شمالي اليمن، فقتلت وأصابت العشرات من المدنيين. ونفذت هذه الهجمات في الفترة ما بين أبريل/نيسان ومنتصف يوليو/تموز 2015.
وأوقعت الذخائر العنقودية خسائر في صفوف المدنيين سواءً أثناء هذه الهجمات، التي ربما كانت تستهدف مقاتلين حوثيين، وأيضاً فيما بعد؛ حين التقط المدنيون الذخائر التي لم تنفجر، فانفجرت فيهم. وقالت هيومن رايتس ووتش، إن على قوات التحالف أن تتوقف فوراً عن استخدام الذخائر العنقودية التي توقع أضراراً لا مفر منها في صفوف المدنيين. ويتعين على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن يشكل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة المزعومة لقوانين الحرب، التي ارتكبها جميع أطراف النزاع المسلح في اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014، بحسب بيان منظمة هيومن رايتس ووتش.
وقال أوليه سولفانغ، الباحث الأول بقسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "توضح الخسائر في أرواح المدنيين في حجة، السبب، الذي حدا بمعظم الدول أن تلتزم بأن لا تستخدم الذخائر العنقودية أبداً. إن هذه الأسلحة لا تتسبب في قتل أو إصابة الناس أثناء الهجوم فحسب، بل تستمر الذخائر الصغيرة التي لم تنفجر في القتل بعد مرور وقت طويل من وقوع الهجوم".
وفي يوليو/تموز الماضي، زارت هيومن رايتس ووتش 4 من مواقع الهجمات السبعة، والتي يقع جميعها في مديريتي حرض وحيران في محافظة حجة. وفي كل منها، وجدت هيومن رايتس ذخائر صغيرة، أو بقايا ذخائر عنقودية لم تنفجر. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى سكان في المنطقة ممن شهدوا وقوع الهجمات، واطلعت على صور فوتوغرافية لبقايا ذخائر عنقودية، بما فيها ذخائر لم تنفجر، قدمها هؤلاء السكان. وتبين الصور الفوتوغرافية ذخائر ثانوية لم تنفجر، في موقعين لم تزرهما هيومن رايتس ووتش.
ووقع العديد من هذه الهجمات في مناطق تمركز المدنيين أو بالقرب منها، ما يشير إلى أن هذه الهجمات الصاروخية ذاتها ربما تكون قد شُنت بطريقة عشوائية غير مشروعة في انتهاك لقوانين الحرب. وذكر سكان المنطقة أسماء 13 شخصاً، منهم 3 أطفال قتلوا، بالإضافة إلى أسماء 22 شخصاً آخرين أُصيبوا في الهجمات السبعة. كما تعرفوا على هوية 3 أشخاص أصيبوا حين انفجرت فيهم ذخائر صغيرة لم تكن قد انفجرت، وذلك بعد أن تعاملوا معها. وقال السكان إن هجمات عدة أوقعت عدداً أكبر من القتلى والمصابين، لكنهم لم يتعرفوا على أسماء الضحايا. ولم يتسن لـ هيومن رايتس ووتش معرفة إن كان مقاتلون حوثيون ضمن القتلى، أو المصابين، جراء هذه الهجمات.
ووجدت هيومن رايتس ووتش ذخائر ثانوية لم تنفجر متناثرة في حقول تستخدم عادة في الزراعة والرعي. وبسبب هذه الذخائر الثانوية التي لم تنفجر، أصبحت هذه المناطق شديدة الخطورة، مما يهدد سبل عيش المزارعين، ويفاقم من حال انعدام الأمن الغذائي.
وبناءً على فحص بقايا هذه الذخائر، حددت هيومن رايتس ووتش أن الأسلحة المستخدمة في جميع هذه الهجمات السبعة هي صواريخ عنقودية من طراز إم 26 أمريكية الصنع تطلق من الأرض. ويتم إطلاق الصواريخ العنقودية إم 26 عن طريق نظام الصواريخِ متعدّدِ الانطلاقِ (راجمة الصواريخ) إم 270، الذي يحمل 12 صاروخا، أو عن طريق نظام صواريخ المدفعية سريعة الحركة إم 142، الذي يحمل ستة صواريخ إلى مدى يتراوح من 10 إلى 32 كيلومترا.
وكل صاروخ عنقودي من طراز إم 26 يحتوي على 644 ذخيرة صغيرة من الذخائر التقليدية المحسنة مزدوجة الغرض إم 77 التي تغطي مساحة 200 متر في 100 متر. وإطلاق ستة صواريخ ينتج عنه 3864 ذخيرة ثانوية تنتشر على مساحة نصف قطرها كيلومتر واحد.
والذخائر الثانوية إم 77 ذات معدل إخفاق كبير، يصل إلى 23 في المائة، كما تبين التجارب التي يجريها الجيش الأمريكي، وهو ما يعني بقاء قنابل صغيرة لم تنفجر في مسرح العمليات، مما يشكل تهديدا خطيرا إلى حين رصد موقعها وإزالتها بأمان. ووصف العديد من السكان المحليين لـ هيومن راتيس ووتش، أو أطلعوها على، بقايا هذه الأسلحة، بما فيها زعانف التثبيت البيضاء المميزة المصنوعة من النايلون، التي غالبا ما تظل حتى بعد انفجار الذخيرة الثانوية.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه على الرغم من أن هذا الدليل ليس دامغا، إلا أن عوامل عدة تشير إلى أن قوات التحالف التي تقودها السعودية هي التي شنت الهجمات السبعة. وتمتلك كل من البحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة الأعضاء في التحالف صواريخ إم 26 وراجماتها، لكن لا تتوافر معلومات علنية صادرة من مصدر ذي حيثية تفيد أن أيا من المملكة العربية السعودية أو اليمن يمتلك هذا النوع من الصواريخ. وتتحدث تقارير إعلامية عن نشر قوات مصرية أو إماراتية في المملكة العربية السعودية، غير أنه لم يتسن لـ هيومن رايتس واتش التأكد من صدقية هذه التقارير.
وتقع مواقع الهجمات على مسافة تتراوح بين أربعة و19 كيلومترا من الحدود السعودية- اليمنية، وهي بذلك تقع ضمن مرمى نيران القوات المتمركزة في المملكة العربية السعودية. وقال مواطن يمني في قرية تبعد 20 كيلومترا عن الحدود مع السعودية إنه رأى الصواريخ تأتي من ناحية الحدود السعودية.
وسقطت الصواريخ في أراض خاضعة لسيطرة الحوثيين، وسقط منها ما لا يقل عن ثلاثة صواريخ في مناطق استخدمتها قوات الحوثيين كقواعد أو نقاط انطلاق لشن هجمات على الأراضي السعودية، ولذلك كانت أهدافا محتملة لقوات التحالف. ونشر صحفي سعودي صورة فوتوغرافية على مواقع التواصل الاجتماعي لصاروخ إم 26 لم ينفجر يحتوي على ذخائر ثانوية إم 77 قال إنه التقطها في منطقة جازان السعودية المتاخمة للحدود اليمنية، زاعما أن قوات الحوثيين هي من أطلقته. وبينت الصورة أن جزء الدفع في الصاروخ مفقود، ما يشير إلى أن الصاروخ أصابه العطب بعد أن أُطلق. ولهذا فمن غير الممكن تحديد هدف هذا الصاروخ اعتمادا على الموقع وحده.
ولم ترد السلطات السعودية على طلب مكتوب أُرسل إليها يوم 18 أغسطس/آب من هيومن رايتس ووتش لتوضيح مدى مسؤوليتها عن هذه الهجمات.
وقال سكان يمنيون في المنطقة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سمعوا بهجمات صواريخ عنقودية مماثلة في مواقع أخرى في شمالي اليمن، لكن لم يتسن لـ هيومن رايتس ووتش التحقق من صحة هذه الأنباء بسبب استمرار القتال. ونُشرت صورة فوتوغرافية على "تويتر" يوم 2 يوليو/تموز يصاحبها تعليق يقول إنها التُقطت في مديرية رازح في محافظة صعدة، تبين طفلا يحمل ذخيرتين إم 77 لم تنفجرا. وتشير الصورة إلى أنه ربما تم إطلاق صاروخ عنقودي إم 26 على هذه المنطقة.
وتعرفت هيومن رايتس ووتش من قبل على ثلاثة أنواع أخرى من الذخائر العنقودية التي استُخدمت في هجمات شنتها على ما يبدو قوات التحالف في اليمن في العام 2015. وهذه الأنواع هي: أسلحة استشعار من طراز فازد "سي بي يو- 105" أمريكية الصنع، وصواريخ أو قذائف تحتوي على ذخائر ثانوية "زد بي- 39"، وقنابل عنقودية "سي بي يو- 87" تحتوي على ذخائر ثانوية طراز "بي إل يو- 97". ونسبت صحيفة يو إس نيوز آند ورلد ريبورت إلى مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية، طلب عدم نشر اسمه، قوله، "إن الولايات المتحدة تدرك أن المملكة العربية السعودية تستخدم الذخائر العنقودية في اليمن".
ولم يوقع لا اليمن ولا السعودية ولا أي من الدول الأخرى الأعضاء في التحالف على اتفاقية حظر استخدام الذخائر العنقودية لعام 2008. ويبلغ إجمالي عدد الدول الأطراف في اتفاقية الذخائر العنقودية 94 دولة، وقد وقعت 23 دولة أخرى على الاتفاقية، لكنها لم تصادق عليها حتى الآن. وشاركت هيومن رايتس ووتش في تأسيس ائتلاف الذخائر العنقودية وتترأسه.
وقال أوليه سولفانغ: "تفاقم الذخائر العنقودية من حصيلة الضحايا المدنيين المفزعة في النزاع اليمني. وعلى قوات التحالف أن تتوقف على الفور عن استخدام هذه الأسلحة، وأن تنضم إلى الاتفاقية التي تحظر استخدامها".
قرية القُفل في مديرية حرض
في صباح يوم 14 أو 15 يوليو/تموز كان أفراد قبيلة آل هياش يسوقون أبقارهم وأغنامهم للرعي في الحقول المحيطة بقرية القُفل حين شهدوا هجوما بذخيرة عنقودية. وتبعد القُفل نحو 13 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من حرض وهي مدينة في مديرية بالاسم ذاته، تبعد أربعة كيلومترات فقط عن حدود اليمن مع المملكة العربية السعودية. وقال عزيز هادي مطير هياش، 15 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش: "كنا لا نزال قريبين من المنزل حين انفجر صاروخ في الجو... وسقطت ذخائر (ثانوية) من حوله. وسقط اثنتان بالقرب من منزلنا في حين سقطت الذخائر الأخرى في جميع أنحاء القرية. إحدى الذخائر انفجرت وما زالت الأخرى في مكانها لم تنفجر".
وأدت الذخيرة الثانوية التي انفجرت بالقرب من منزل الأسرة إلى إصابة خالد، 18 عاما، شقيق عزيز بإصابات في الرقبة أفضت إلى وفاته، وأصيب عزيز وثلاثة من أبناء عمومته. وقابلت هيومن رايتس ووتش عزيز وأبناء عمومته الثلاثة في مستشفى مدينة حجة يوم 24 يوليو/تموز، حيث كانوا يتلقون العلاج لإصاباتهم. وقال عزيز إنه قتل في الهجوم أيضا 30 رأس غنم وكذلك أبقارهم.
وقال سريع محمد هياش، 24 عاما، ابن عم عزيز إن الذخيرة الثانوية التي لم تنفجر في حجم زجاجة دواء صغيرة وبها شريط أبيض، وهو وصف يتماشى مع وصف الذخيرة الثانوية إم77. وقال إنه شاهد نحو عشرة ذخائر من هذا النوع لم تنفجر في المنطقة.
وقال أحد سكان قرية مجاورة إن خمسة أشخاص قُتلوا في هجوم على قرية القُفل. ولعله كان يشير إلى هجوم الذخيرة العنقودية نفسه لأنه ذكر من ضمن الضحايا أسماء أفراد أسرة مطير، وهو اسم منتشر في آل هياش، لكنه لم يستطع تذكر التاريخ.
قرية مالوس في مديرية حرض
قال سكان في مالوس، إحدى قرى عزلة الفج بمديرية حرض، لـ هيومن رايتس ووتش إنه قبيل منتصف ليل السابع من يونيو/حزيران، استخدمت الذخيرة العنقودية في هجوم على القرية. وتقع مالوس على بعد 30 كيلومترا إلى الشرق من بلدة حرض وخمسة كيلومترات إلى الجنوب من حدود اليمن مع المملكة العربية السعودية.
وقابلت هيومن رايتس ووتش 11 شخصا من سكان مالوس، منهم خمسة أصيبوا في الهجوم، في مخيم للنازحين في مديرية حيران. وذكر سكان مالوس أسماء سبعة من سكان القرية، منهم ثلاثة أطفال، قتلوا في الهجوم، وأسماء 17 آخرين أصيبوا في الهجوم.
وقال محمد المرزوقي، 30 عاما، الذي يبيع القات في مالوس إنه نظر من النافذة بعد أن سمع أصوات انفجارات في القرية:
"رأيت قنبلة تنفجر في الجو وتنثر الكثير من القنابل الصغيرة، ثم طرحني الانفجار أرضا. فقدت الوعي ونقلني شخص ما إلى المستشفى مصابا بحروق وإصابات في كعبي قدمي، وإصابة بشظية في الجانب الأيسر من جسدي".
كما أصيب اثنان من أطفاله في الهجوم. وأطلع ابنه إسماعيل، 13 عاما، هيومن رايتس ووتش على ندبة في أعلى فخذه اليسرى نجمت عن عملية جراحية لإزالة شظايا. أما سارية، تسع سنوات، فكشفت عن ندبة في ركبتها اليمنى ما زالت قاسية جراء الإصابة.
وقال محمد ربيع إن إصابة ابنه، 13 عاما، أفضت إلى وفاته جراء الهجوم:
"نقلته إلى المستشفى، لكنه مات فور أن وصلنا إلى هناك. بقيت مع جثمانه حتى الصباح، ثم دفنته في حيران، ولم أرجع حتى بجثمانه إلى البيت. جميع سكان القرية فروا. ولن تجد أحدا منهم هناك الآن".
كما قابلت هيومن رايتس ووتش فاطمة إبراهيم المرزوقي، التي أصيبت في ساقيها جراء الهجوم. وعلى الرغم من إجراء عمليات عديدة لها إلا أنها لا تستطيع المشى، وكان يحملها شقيقها يحيى إبراهيم المرزوقي، 22 عاما، الذي أصيب هو، أيضا، في الهجوم.
وقال محمد سويد المرزوقي، 70 عاما:
"كنت نائما على بعد أمتار قليلة من محل البقالة المملوك لابني حين سمعت أصوات انفجارات. نهضت ورأيت المحل يحترق، ثم رأيت نيرانا مشتعلة ودخانا في مواقع عدة في القرية، وفهمت أن القرية كلها تعرضت للهجوم".
وقال سكان القرية إن ذخيرتين ثانويتين اثنتين على الأقل لم تنفجرا، عُثر على إحداهما على إحدى الطرق، والأخرى معلقة في فرع شجرة. وعرض أحد القرويين صورا فوتوغرافية قال إنه التقطها في القرية وبالقرب منها. وتبين الصور ذخيرة ثانوية إم 77 لم تنفجر، متدلية من شجرة، كما تبين بقايا صواريخ إم 26. وفي مخيم مخصص للنازحين في بني حسن، أطلع أحد سكان مالوس، هيومن رايتس ووتش على قطعة شريط أبيض من ذخيرة ثانوية إم 77 وجدها في القرية بعد الهجوم.
قرية دُغيج في مديرية حيران
قال سكان محليون لـ هيومن رايتس ووتش: إن الصواريخ العنقودية استُخدمت في هجوم على قرية دُغيج، في مديرية حيران التي تبعد 20 كيلومترا من الشريط الحدودي مع السعودية، في أواخر يونيو/حزيران أو أوائل يوليو/تموز.
وقال عادل حسن، 15 عاما، وهو من سكان دغيج لباحثي هيومن رايتس ووتش الذين زاروا القرية يوم 27 من يوليو/تموز إن الهجوم وقع في الساعة الواحدة ظهرا، قبل أقل من شهر من تاريخ الزيارة. وقال إن عشرة أشخاص قتلوا جراء الهجوم وجميعهم من المدنيين، وأصيب 30 آخرون. وذكر أسماء خمسة من القتلى، منهم ثلاث سيدات، لكنه قال إنه لا يستطيع أن يحدد هوية الضحايا الآخرين، ومعظمهم جاء إلى دُغيج نازحا من مناطق أخرى جراء الصراع.
وقال حسن إنه رأى عشرة ذخائر ثانوية لم تنفجر بعد الهجوم، وإن ابن عمه دمر قذائف أخرى. وقال سكان القرية إن قوات الحوثيين أزالت الذخائر الثانوية التي لم تنفجر من القرية. وعلى الرغم من ذلك، وجدت هيومن رايتس ووتش خلال زيارتها للقرية يوم 27 يوليو/تموز ذخيرة من نوع إم 77 لم تنفجر.
وأكد سكان محليون آخرون وقوع الهجوم وقال ساكن من مديرية حرض المجاورة إن قرويا من دُغيج أحضر له، بعد الهجوم، ذخيرة ثانوية لم تنفجر.
قرية الحزن في مديرية حرض
في أواخر مايو/آيار أو أوائل يونيو/حزيران، سقطت صواريخ عنقودية في أراض زراعية بالقرب من قرية الحزن، في مديرية حيران التي تبعد 20 كيلومترا من الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية.
وقال أحد سكان القرية إنه في ليلة الهجوم رأى ومضات صواريخ قادمة، على ما يبدو، من ناحية حدود اليمن مع السعودية. وبعدها بوقت قصير، رأى ومضات عديدة في الفضاء فوق القرية تلاها عشرات الانفجارات التي "تشبه صوت إفراغ حمولة شاحنة من الصخور".
وسقطت الذخائر الثانوية في أراض زراعية تقع في زمام ثلاث قرى، يبلغ إجمالي تعداد سكانها نحو ثلاثة آلاف نسمة.
وقال سكان من القرية إنه أصيب في الهجوم رجل واحد، جاء نازحا من قرية أخرى بسبب الحرب، في صدره وظهره. وانفجرت، في وقت لاحق، الذخائر العنقودية التي لم تنفجر، وأصابت ثلاثة مزارعين، في حوادث منفصلة. فقد أصيب شاب، 17 عاما، في بطنه، وأصيب رجل، 70 عاما، في ساقيه ويده، وأصيب شاب، 31 عاما، في ساقه.
وأطلع أحد المزارعين هيومن رايتس ووتش على الحقول التي سقطت فيها الذخائر الثانوية، حيث ما زال بالإمكان رؤية عشرات من الحفر في الأرض اللينة. ووجدت هيومن رايتس ووتش ثلاثة ذخائر إم 77 لم تنفجر، علاوة على أجزاء من أشرطة التثبيت البيضاء للذخائر الثانوية التي انفجرت. وإحدى هذه الذخائر كانت شبه مدفونة تماما في الرمال ولا يرى منها إلا جزء من الشريط. وكانت ذخيرة أخرى تقع على طريق بين حقلين، ومربوط حبل في شريطها الأبيض، في محاولة على ما يبدو من جانب شخص ما لتفجيرها،عن طريق جذب الشريط بقوة.
وقال سكان محليون إن وجود الذخائر التي لم تنفجر في الحقول له تأثير سلبي على معيشة المزارعين. وقال علي محمد، 52 عاما: "لا نستطيع العمل في الحقول بعد الآن بسبب الذخائر الثانوية".
وقال عدد من سكان القرية إن قوات الحوثيين كانت تستعمل منزلا قريبا وقت وقوع الهجوم، ربما كان هدفا له.
قرية بني كلادة في مديرية حرض
استعملت صواريخ عنقودية في هجمات على قرية بني كلادة في مديرية حرض التي تبعد خمسة كيلومترات إلى الغرب من مدينة حرض وسبعة كيلومترات من الحدود السعودية اليمنية، في أواخر إبريل/نيسان أو أوائل مايو/آيار.
وقال أحد سكان القرية إن أخاه وجد 12 ذخيرة ثانوية لم تنفجر بالقرب من منزل الأسرة، حين عاد إلى القرية يوم 13 من مايو/آيار. وقال الساكن إن الذخيرة سقطت في الحقول، وأحدثت تلفيات في ما لا يقل عن عشرة مزارع.
وأرسل الساكن صورا فوتوغرافية لـ هيومن رايتس ووتش قال إن صديقا له التقطها في الحقول القريبة من منزله. وتبين الصور بقايا صاروخ إم 26 واحدا على الأقل، وذخيرة إم 77 لم تنفجر.
وفي 27 من يوليو/تموز، ذهبت هيومن رايتس ووتش لتطلع على منزل القروي حيث قيل إنه تم العثور على 12 ذخيرة ثانوية، لكن المنزل كان قد سُوى بالأرض، جراء قنبلة أو أكثر، على ما يبدو، ما جعله في وضع غير آمن للبحث عن ذخائر لم تنفجر. ووجدت هيومن رايتس ووتش بقايا صاروخ إم 26 على بعد كيلومتر واحد إلى الشمال من المنزل. وقال أحد السكان المحليين، إن قوات الحوثيين طهرت المنطقة من الذخائر التي لم تنفجر، بعد انتهاء الهجوم.
وقال أحد السكان إن قوات الحوثيين كانت تستخدم طرقات القرية والبيوت المهجورة والمزارع لشن هجمات على القوات السعودية، وطلبت من السكان إخلاء المنطقة، في الخامس من إبريل/نيسان. وقال إن المجلس المحلي وقع اتفاقا مع الحوثيين لإعلان المنطقة منطقة عسكرية، ومع ذلك، ظل بعض المدنيين مقيمين في القرية.
مدينة حرض في مديرية حرض
قالت عاملة خدمات طبية في مستشفى مدينة حرض إن الذخائر العنقودية استخدمت في هجوم على الجزء الغربي من المدينة في 25 من يوليو/تموز، وأطلعت هيومن رايتس ووتش على صور فوتوغرافية لاثنين من ذخائر إم 77 التي لم تنفجر، قالت إنهما وجدتا في المنطقة التي تعرضت للهجوم. وقالت العاملة الطبية إن الذخائر سقطت على جزء كبير من المنطقة التي تحيط بالطريق المؤدي إلى مدينة ميدي الساحلية.
وتفقدت هيومن رايتس ووتش الموقع في 27 من يوليو/تموز ووجدت أن بعض الذخائر سقطت قريبا، على ما يبدو، من نقطة تفتيش عسكرية تابعة للحوثيين. قال مقاتل حوثي كان يقوم بحراسة الطريق في المنطقة وقت وقوع الهجوم لـ هيومن رايتس ووتش إن الهجوم بالذخيرة العنقودية حصل نحو الساعة الخامسة من بعد الظهر يوم 25 يوليو/تموز:
"سمعت صوت انفجار ضخم في الجو، ورأيت وميضا أحمر اللون تلاه سلسلة من الانفجارات على الأرض. وسقط العديد من الذخائر الثانوية في البيوت، لكنها كانت خاوية، لأن معظم سكان حرض كانوا قد غادروها بالفعل".
وأطلع المقاتل الحوثي هيومن رايتس ووتش على دلو يحتوي على خمس ذخائر إم 77 لم تنفجر، قال إنه جمعها من المنطقة المحيطة بنقطة التفتيش.
قرية الفج في مديرية حرض
قال أحد السكان إن صواريخ عنقودية أصابت مزرعة والدة في قرية الفج قبل نحو شهر من لقاء هيومن رايتس ووتش به في منطقة للنازحين في مديرية حيران في 25 من يوليو/تموز. وتقع الفج على بعد خمسة كيلومترات إلى الشمال الشرقي من حرض، وعلى بعد عشرة كيلومترات إلى الجنوب من الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية.
وقال إن الهجوم بالصاروخ العنقودي قتل امرأة واحدة على الأقل، وأصاب زوجها.
وأضاف الساكن إنه رأى ذخائر ثانوية لم تنفجر في مزرعة والده، كما في مزارع أخرى، وكذلك في الجبال القريبة. ولفت إلى أن الذخائر الثانوية كان بها أشرطة بيضاء، وكان قعرها مجوفا وذا لون يميل للحمرة، وهو وصف يتماشى مع الذخائر الثانوية إم 77. وقال إنه دمر إحدى الذخائر عن طريق قذفها في حائط ما تسبب في انفجارها.
ونشر أحد معارفه صورتين قال إنهما التُقطتا في الفج، وتعرفت هيومن رايتس ووتش عليهما بأنهما لذخيرتين اثنتين من نوع إم 77 لم تنفجرا.