وثائق تكشف فساد مافيا قطاع النقل في الحديدة بقيادة قيادي حوثي ونهب قرابة 100 مليار ريال
كشفت وثائق رسمية وتقارير صادرة عن جهات حكومية خاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، عن فساد ممنهج ونهب منظم تقوده ما تُعرف بـ"نقابة نقل البضائع" في محافظة الحديدة، التي يديرها مشرف حوثي نافذ ينتحل صفة رئيس النقابة منذ أكثر من عقد، والذي بلغ قرابة 100 مليار ريال.
وبحسب الوثائق، حصلت وكالة خبر على نسخة منها، فإن النقابة، التي تعمل خارج إطار القانون، تجبي مبالغ مالية طائلة من سائقي الشاحنات وشركات النقل والتجار، تتراوح بين 550 إلى 600 مليون ريال شهرياً، ما يعادل أكثر من 7 مليارات ريال سنوياً، وتُقدّر الجبايات التي حصدتها منذ تأسيسها قبل 14 عاماً بأكثر من 98 مليار ريال، دون أي رقابة مالية أو قانونية.
وتشير المعلومات إلى أن هذه المبالغ تُجمع من خلال نقاط تفتيش ونقاط مسلحة تنتشر في مداخل ومخارج مدينة الحديدة، تابعة بشكل مباشر لرئيس النقابة، وتفرض إتاوات باهظة على السائقين والشركات، بما في ذلك على المواد الأساسية مثل القمح والدقيق، ما تسبب في ارتفاع كبير في كلفة النقل، وانعكاسات مباشرة على أسعار السلع، التي يدفع ثمنها المواطنون.
أنشطة غير قانونية
ومن أبرز الوثائق المسربة، تقرير رسمي صادر عن مدير فرع مكتب النقل بالحديدة في مايو 2022، رفع إلى محافظ المحافظة، ويتهم فيه النقابة بممارسة أنشطة غير قانونية، والمساهمة في خلق بيئة نقل محتكرة ومضطربة.
وأكد التقرير أن النقابة تجمع مئات الملايين شهرياً دون مسوغ قانوني، وأن الجهات المعنية تتجاهل مصير تلك الأموال.
وأشار التقرير إلى أن النقابة تمارس الابتزاز بحق التجار والسائقين، وتمنع شركات استثمارية من نقل بضائعها إلى المحافظات، ما تسبب في شلل جزئي لبعض القطاعات التجارية، ما أدى إلى رفع أسعار هذه السلع وهو ما يتحمل عبئها المواطن.
تواطؤ وحماية من نافذين
في السياق، كشفت الوثائق والمراسلات الرسمية عن صراع داخلي في المؤسسات الخاضعة لمليشيا الحوثي، حيث جرى عزل وإقصاء عدد من مديري المكاتب التنفيذية والقيادات المحلية في الحديدة، بسبب مطالبتهم بإنهاء احتكار النقابة وتطبيق مبدأ التنافسية في سوق النقل، بما يخدم المصلحة العامة.
ورغم صدور عشرات الشكاوى والتقارير التي توثق هذا الفساد، لم يتم اتخاذ أي إجراءات رقابية أو قانونية، وسط اتهامات بوجود تواطؤ من قيادات نافذة في صنعاء والحديدة، تحمي رئيس النقابة وتشاركه عمليات النهب المستمرة.
إلى ذلك أكد مراقبون اقتصاديون، أن هذا الاحتكار والفساد لا يقتصر تأثيره على التجار وسائقي النقل فحسب، بل يكشف عن مدى المعاناة التي يتكبدها المواطنون إثر تحمل الزيادات الكبيرة في تكاليف السلع، نتيجة رفع أسعار النقل، ما يزيد من الأعباء المعيشية في ظل أوضاع اقتصادية متردية يعيشها اليمنيون.
وحذر الخبراء من استمرار مثل هكذا فساد ممنهج، واعتبروه أحد أبرز الأسباب التي أسهمت في اتساع رقعة الفقر وتدني المستوى الاقتصادي لدى الفرد الذي تعود آثار هذا الفساد عليه بدرجة مباشرة.