اليمن وإرث الثورة المأزوم: الحوثيون يعيدون إنتاج تجربة إيران؟
مصطفى محمود
حين أصدرت محكمة تابعة للحوثيين حكمًا بالإعدام على أحمد علي عبدالله صالح، بدا الأمر للوهلة الأولى وكأنه فصل جديد في صراع داخلي بين سلطة صاعدة ووريث لنظام سابق. لكن هذه اللحظة تتجاوز مجرد إجراء قانوني؛ إنها مرآة تعكس أزمة أعمق، أزمة تتكرر في المجتمعات التي مرت بتحولات ثورية، كما حدث في إيران بعد ثورة 1979.
في إيران، رفعت الثورة الإسلامية شعار إسقاط الطغيان وبناء مجتمع عادل، لكنها سرعان ما تحولت إلى نظام مغلق، يستمد شرعيته من العداء المستمر للخصوم، داخليًا وخارجيًا. القضاء، الذي يفترض أن يكون أداة لتحقيق العدالة، أصبح وسيلة لتصفية الخصوم وإعادة تشكيل المجتمع وفق رؤية أيديولوجية ضيقة. واليوم، يبدو أن الحوثيين يسيرون على نفس الطريق: سلطة دينية سلاليه تعيد إنتاج أدوات القمع التي تمارسها ايران التي أطاحت بنظام الشاة
حكم الإعدام على أحمد علي لا يمكن قراءته فقط من زاوية الخصومة مع نظام والده، بل يجب فهمه ضمن مشروع الحوثيين لبناء شرعية تقوم على فكرة "العدو الدائم". في ظل غياب مؤسسات دولة محايدة، يصبح وجود الخصم ضرورة لتبرير استمرار التعبئة والسيطرة. هكذا تحولت إيران إلى نظام يعيش على قمع داخلي مستمر، ويبدو أن الحوثيين يسلكون المسار ذاته، حيث يتحول القضاء من أداة للعدالة إلى أداة لتكريس الهيمنة الأيديولوجية.
المفكر فرانسيس فوكوياما أشار إلى أن السلطات العرقيه الخارجة من كيس اى همجيه تنزلق نحو نمط خيار سلطوي يقوم على الإقصاء واحتكار الشرعية. والحوثي اليوم يبدو أقرب إلى النموذج الإيراني، حيث ؤقدّم القرارات الثأرية على أي مشروع وطني جامع.
تجربة إيران تقدم درسًا واضحًا: لاذرعها التي تبني شرعيتها على العداء المستمر غالبًا ما تنتهي إلى عزلة داخلية وجمود سياسي. و استمر الحوثيون في هذا النهج، فقد اصبحوا نسخة يمنية من تجربة طهران: سلطة تبدو متماسكة من الخارج، لكنها متآكلة من الداخل، وتعيش على العنف والعداء كوسيلة للبقاء.