باكستان والهند توافقان على "وقف إطلاق نار فوري" بعد تصعيد عسكري خطير بين البلدين
مركبات متضررة في أحد الأحياء، في أعقاب العملية العسكرية الباكستانية ضد الهند، في ريهاري، جامو، في 10 مايو 2025. © رويترز
بعد تصعيد عسكري خطير بين البلدين الجارين، أعلن السبت وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار أن إسلام آباد ونيودلهي قد وافقتا على "وقف إطلاق نار بمفعول فوري". يأتي ذلك بوساطة أمريكية وفق ما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منشور عبر منصته تروث سوشيال. وفي وقت لاحق، أعلنت هيئة الطيران الباكستانية إعادة فتح مجالها الجوي "أمام جميع الرحلات".
قال وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار عبر منصة إكس السبت إن إسلام آباد ونيودلهي وافقتا على "وقف إطلاق نار بمفعول فوري"، عقب إعلان بهذا الشأن من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لاحقا، أعلنت باكستان إعادة فتح مجالها الجوي بالكامل، بعد أن كانت قد أغلقته جزئيا إثر التصعيد العسكري مع الهند.
وتتبادل القوتان النوويتان القصف منذ الأربعاء عندما نفذت الهند ضربات جوية على مواقع داخل باكستان على خلفية هجوم دموي استهدف سياحا في الشطر الذي تديره الهند من إقليم كشمير أواخر نيسان/أبريل.
وقال ترامب في منشور عبر منصته تروث سوشيال "بعد ليلة طويلة من المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة، يسعدني أن أُعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار شامل وفوري"، مشيدا بالبلدين "للجوئهما الى المنطق السليم والذكاء العظيم".
وأكد وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار عبر إكس أن إسلام آباد ونيودلهي وافقتا على "وقف إطلاق نار بمفعول فوري". من جهته، أفاد مصدر حكومي هندي بأن وقف النار أبرم عبر "تفاوض مباشر" بين الطرفين.
وشنّت باكستان السبت هجمات مضادة على الهند عقب تعرض ثلاث من قواعدها الجوية إلى ضربات خلال الليل، ما أثار المزيد من المخاوف من تحول النزاع بين القوتين إلى حرب شاملة.
وأفاد الضابط الكبير في سلاح الجو الهندي فيوميكا سينغ في إيجاز صحفي السبت بوقوع "عدة هجمات بصواريخ فائقة السرعة" على قواعد جوية ألحقت "أضرارا محدودة" بمعدات كما قال.
وكانت باكستان قد اتهمت الهند باستهداف ثلاث من قواعدها الجوية بقصف صاروخي، إحداها في روالبندي على بعد 10 كيلومترات من إسلام آباد. وسُمع صوت الهجوم على روالبندي ليلا من العاصمة.
وتُستخدم القاعدة لاستقبال كبار المسؤولين الأجانب. وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير غادر البلاد منها قبل ساعات فقط.
والمواجهات التي استخدمت فيها الصواريخ والمسيرات وتبادل النيران على طول الحدود القائمة بحكم الأمر الواقع في إقليم كشمير المتنازع عليه، هي الأسوأ منذ عقود وأودت بحياة أكثر من 60 مدنيا.
اتفاق على وقف النار حصرا
وأوضح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثفة أجراها هو ونائب الرئيس جاي دي فانس مع رئيسي الوزراء الهندي ناريندرا مودي والباكستاني شهباز شريف ومسؤولين كبار آخرين.
ونشر عبر إكس "يسعدني أن أعلن أن حكومتي الهند وباكستان اتفقتا على وقف فوري لإطلاق النار وبدء محادثات بشأن مجموعة واسعة من القضايا في موقع محايد".
في حين أفاد مصدر في الحكومة الهندية بأن الدولتَين لا تعتزمان حاليا البحث في أي من المواضيع الخلافية بينهما باستثناء وقف إطلاق النار.
وكان روبيو حضّ في سلسلة اتصالات كبار المسؤولين في البلدين على استئناف الاتصالات "تجنبا لأي سوء تقدير".
وأطلق شرارة القتال هجوم على الشطر الذي تديره الهند من كشمير أودى بحياة 26 سائحا، معظمهم رجال من الهندوس، حمّلت نيودلهي إسلام آباد مسؤوليته.
واتّهمت الهند جماعة "عسكر طيبة"، المنظمة التي تصنّفها الأمم المتحدة على أنها إرهابية وتتخذ من باكستان مقرا، بتنفيذ الهجوم. لكن إسلام آباد نفت أي علاقة لها به ودعت إلى تحقيق مستقل.
وبينما وصل التصعيد على مستوى غير مسبوق بين البلدين في الأيام الماضية، دعا قادة العالم بمن فيهم الصين وبلدان مجموعة السبع إلى ضبط النفس.
الأهالي يغادرون
ميدانيا، وقبل إعلان وقف إطلاق النار، كانت المعارك تثير حركة نزوح كبيرة.
في جامو، ثاني كبرى مدن الشطر الهندي من كشمير، سارع عدد كبير من الأشخاص للمغادرة على متن قطار خاص أرسل لإجلائهم.
وقال أحدهم كاران فارما (41 عاما) "نسمع دوي انفجارات طيلة الليل" مضيفا "لا خيار أمامنا سوى الرحيل".
والغالبية الساحقة من الركاب عمال فقراء من مناطق أخرى في الهند، يريدون العودة إلى ديارهم.
والجمعة، قال الجيش الهندي إنه "تصدى" لسلسلة هجمات باكستانية خلال الليل، وواجهها بـ"رد مناسب". ونفى المتحدث باسم الجيش الباكستاني تنفيذ إسلام آباد مثل هذه الهجمات.
في المقابل، قال الجيش الباكستاني السبت إن القوات الهندية قصفت أراضيه في أمريتسار من دون تقديم أدلة على ذلك.
وكثّفت مجموعات مسلحة عملياتها في كشمير منذ العام 2019 عندما ألغت حكومة ناريندرا مودي القومية الهندية السيادة الذاتية المحدودة التي كان يتمتع بها الإقليم لتخضعه لسلطة نيودلهي المباشرة.
خاض البلدان عدة حروب من أجل السيطرة على كشمير ذي الغالبية المسلمة الذي يطالب به البلدان بالكامل. وتدير كل من الدولتين جزءا منفصلا من الإقليم منذ استقلتا عن الحكم البريطاني عام 1947.
وأحدث النزاع اضطرابات كبيرة في حركة الطيران الدولية إذ اضطرت شركات طيران لإلغاء رحلات أو اللجوء إلى مسارات أطول تجنّبا للتحليق فوق الحدود الهندية-الباكستانية.