وزير الدفاع الأمريكي يعلن إنشاء قيادة "قتال حرب" في اليابان لـ"ردع الصين"
وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث ونظيره الياباني جين ناكاتاني يستعرضان حرس الشرف، طوكيو. 30 مارس 2025 - X/SecDef
قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث الأحد، إن الولايات المتحدة بدأت في تحديث قواتها العسكرية في اليابان لإنشاء مقر قيادة "قتال حرب"، فيما يعزز الحلفاء جهود بناء "ردع قوي"، ضد الصين، وفق ما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وذكر هيجسيث الذي يزور اليابان حالياً ضمن جولة آسيوية، أن هذا التحديث، هو "المرحلة الأولى من إعادة هيكلة القوات الأميركية في اليابان"، والتي أعلنتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، مضيفاً أنها ستحسن قدرة الولايات المتحدة على تنسيق العمليات مع قوات الدفاع الذاتي اليابانية، وستُبقي "العدو في حالة ارتياب"، عبر إنشاء ما قال إنها "معضلات استراتيجية في المنطقة".
وأضاف: "لقد عاد السلام من خلال القوة، بقيادة أميركا".
وجاءت تصريحات هيجسيث في طوكيو في ختام زيارته إلى اليابان، والتي تضمنت حضور مراسم تذكارية في جزيرة إيو جيما النائية في المحيط الهادئ، حيث دارت معركة دامية بين الولايات المتحدة واليابان خلال الحرب العالمية الثانية، أسفرت عن خسائر فادحة من الجانبين.
ولكن هيحسيث أشار إلى أنه في العقود التي أعقبت هذه المعركة أصبحت اليابان "حليفاً نموذجياً" للولايات المتحدة، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الياباني جين ناكاتاني.
ويتواجد نحو 55 ألف جندي أميركي في قواعد جوية وبحرية ومشاة البحرية في مختلف أنحاء اليابان.
تهدئة مخاوف طوكيو
وفيما بدا أنها تصريحات تهدف لتهدئة المخاوف في طوكيو بشأن متانة واستمرارية الشراكة الثنائية في ظل رئاسة دونالد ترمب، قال هيجسيث، إن التحالف العسكري بين الولايات المتحدة واليابان "لا يزال يشكل حجر الأساس للسلام والأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وقال: "لقد أوضح الرئيس ترمب تماماً أننا سنضع أميركا أولاً، لكن أميركا أولاً لا تعني أميركا وحدها"، مضيفاً أن "محاربي أميركا يقفون جنباً إلى جنب يومياً مع نظرائهم في قوات الدفاع الذاتي اليابانية".
وأدلى هيجسيث بتصريحات مماثلة خلال زيارته إلى الفلبين الجمعة، حيث جدّد تأكيده على "التحالف الراسخ" بين واشنطن ومانيلا لتعزيز الردع في المحيط الهادئ.
وأثارت تصريحات ترمب الأخيرة تساؤلات بشأن تحالفات واشنطن الراسخة، مما أقلق دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأثار تداعيات في آسيا.
وتعتمد اليابان، التي تعتبر نفسها الحليف الأقرب لواشنطن في المنطقة، بشكل كبير على المظلة الأمنية الأميركية.
"صفقة مثير للاهتمام"
وفي وقت سابق من مارس، وصف ترمب معاهدة الدفاع بين الولايات المتحدة واليابان بأنها "صفقة مثيرة للاهتمام، حيث يتوجب علينا حمايتهم، لكنهم غير ملزمين بحمايتنا".
وأثارت هذه التصريحات مخاوف بين المسؤولين اليابانيين من أن هيجسيث سيستخدم زيارته للضغط على طوكيو لزيادة إنفاقها الدفاعي، ربما من خلال تهديدات اقتصادية مثل فرض تعريفات جمركية على صادرات السيارات اليابانية.
وكان إلبريدج كولبي، مرشح ترمب لمنصب وكيل وزارة الدفاع قد قال في وقت سابق من مارس، إن على اليابان زيادة إنفاقها الدفاعي إلى ما يتجاوز الهدف الحالي البالغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027.
لكن ناكاتاني وهيجسيث أكدا أن لقاءهما الذي استمر 85 دقيقة، لم يتضمن مناقشة أهداف الإنفاق العسكري لليابان.
قال ناكاتاني إن اليابان "تبذل جهوداً لتعزيز قدراتها الدفاعية بشكل جذري"، لكنه شدد على أنه أوضح لوزير الدفاع الأميركي، أهمية أن تمضي اليابان قدماً "وفقاً لتقديرها الخاص".
ومع ذلك، أكد هيجسيث أن الولايات المتحدة واليابان "يجب أن يدركا ضرورة بذل المزيد من الجهود لتقديم ردع ذي مصداقية ضد الصين".
وقال هيجسيث: "مهمتنا في وزارة الدفاع، مع أصدقائنا في الجانب العسكري، هي بناء تحالف قوي جداً بحيث يكون واقع الردع والإحساس به حقيقي ومستمر، لمنع الشيوعيين الصينيين من اتخاذ الإجراءات العدائية التي يرى البعض أنهم يفكرون فيها"، في إشارة ربما إلى هجوم صيني محتمل على تايوان، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من الصين الواحدة.
معضلة تايوان
ويأتي تصريح هيجسيث الأخير، بعدما أعاد توجيه أولويات الجيش الأميركي لتركز على "ردع محاولة الصين للاستيلاء على تايوان"، وتعزيز الدفاع الوطني، وذلك من خلال "تحمُّل المخاطر" في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم، وفق مذكرة توجيهية داخلية سرية نشرت محتواها صحيفة "واشنطن بوست".
ووفقاً للصحيفة، فإنه تم توزيع المذكرة المعروفة باسم "التوجيه الاستراتيجي المؤقت للدفاع الوطني"، والتي تحمل تصنيف "سري/غير مخصص للأجانب" في معظم أجزائها، منتصف مارس الجاري، على وزارة الدفاع ووقّعها هيجسيث. وتوضح المذكرة بشكل عام، وأحياناً بلغة وصفتها "واشنطن بوست"، بأنها حزبية، كيفية تنفيذ رؤية الرئيس دونالد ترمب للاستعداد لحرب محتملة مع الصين، والدفاع عن الولايات المتحدة من التهديدات القادمة من "الجوار القريب"، بما في ذلك جرينلاند وقناة بنما.
وتضع الوثيقة إطاراً لتحديد الأولويات لكبار مسؤولي الدفاع، وتوجههم لاتخاذ موقف أكثر مباشرة في مواجهة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات.
وبينما وصفت إدارة ترمب الأولى وإدارة بايدن الصين بأنها التهديد الأكبر للولايات المتحدة، فإن توجيه هيجسيث يُعتبر "استثنائياً"، بوصفه غزواً صينياً لتايوان باعتباره السيناريو الوحيد الذي يجب إعطاؤه الأولوية، ما يعيد توجيه البنية التحتية العسكرية الأميركية نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، متجاوزاً مهمة الدفاع الوطني.