من هم المقاتلون الأجانب في سوريا وكم عددهم.. وما التهديد الذي يشكلونه على استقرار المنطقة؟
عادت قضية المقاتلين الأجانب في سوريا إلى الواجهة على خلفية تقارير عن دورهم في الأحداث الأخيرة بالساحل السوري، والتي شهدت عمليات قتل واسعة النطاق لمدنيين من الطائفة العلوية على يد عناصر تُتهم بالارتباط بالحكومة الجديدة. فمن هم هؤلاء المقاتلون وكم عددهم، وما هو مصيرهم، وما التهديد من وجودهم؟
من هم المقاتلون الأجانب؟
يقول الصحفي السوري زياد الريس، المقيم في عمان لقناة الحرة، إن وجود المقاتلين الأجانب في سوريا يشكل "مشكلة كبيرة" يرفضها جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم. وأضاف أن المعلومات المتوفرة حول أعدادهم "شحيحة للغاية"، مشيرًا إلى أن العدد الإجمالي للمقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا بين عامي 2015 و2017 لا يتجاوز الألفين، مع تركيز معظمهم في مناطق جبلية في اللاذقية.
وتحدث الريس عن فصائل أجنبية بارزة مثل "حراس الدين"، التي وصفها بأنها فصيل مستقل "مستهدف من قبل الجميع". وأشار إلى أن هذه الفصائل لا تختلط عادةً مع الفصائل المسلحة السورية الأخرى، ولا تقاتل جنبًا إلى جنب معها.
التنوع الجغرافي للمقاتلين الأجانب
بحسب مركز جسور للدراسات، ينحدر المقاتلون الأجانب من 18 دولة ومنطقة، تشمل تونس والجزائر والأردن والمغرب ومصر والسودان وكوسوفو وألبانيا والشيشان والسعودية والجبل الأسود وصربيا ومقدونيا الشمالية وتركستان الشرقية وفرنسا وأوزبكستان وطاجكستان وأذربيجان.
وتنوعت مشاركات هؤلاء المقاتلين في عدة جبهات، حيث لعبوا أدوارًا بارزة في المعارك الأخيرة لإسقاط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي. ومن أبرز الفصائل الأجنبية "كتيبة المجاهدين الغرباء"، التي تضم مقاتلين من الإيغور والطاجيك والأوزبك، بالإضافة إلى فصائل مثل "عصائب الإيغور الحمراء" و"حراس الدين".
التهديد والرد الإسرائيلي
من جانبه، قال ألون أفيتار، المستشار السابق للشؤون العربية في وزارة الأمن الإسرائيلي، إن وجود المقاتلين الأجانب في سوريا يشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلي بسبب "غياب الدولة السورية" وحالة عدم الاستقرار التي يعاني منها البلد. وأوضح أن سوريا اليوم "مقسمة إلى العديد من الأجزاء"، حيث تخضع كل منطقة لسيطرة ميليشيا أو مجموعة مسلحة.
وأضاف أفيتار أن رئيس الإدارة السورية الانتقالية أحمد الشرع يستفيد من وجود هذه الفصائل لتعزيز موقفه السياسي، محذرًا من أن بقاءها قد يتحول إلى "تهديد عسكري جدي" لسوريا والمنطقة. وأكد أن إسرائيل لن تسمح لهذه الميليشيات بتعزيز قوتها، وأنها ستستخدم جميع الوسائل المتاحة لمنع أي هجمات قد تستهدف الأراضي الإسرائيلية.
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أكد أن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ غارات جوية على مجموعات إرهابية في دمشق، مشددًا على أن إسرائيل لن تسمح بأن تتحول سوريا إلى تهديد. وقال كاتس: "في أي مكان يتم فيه التخطيط لأنشطة إرهابية ضد إسرائيل، سيجد زعيم الإسلام المتطرف طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تحلق فوقه وتستهدف مواقع الإرهاب".
مستقبل المقاتلين الأجانب
أشار زياد الريس إلى أن حل مشكلة المقاتلين الأجانب مرهون بـ"بناء دولة قادرة على اتخاذ قرارات قانونية تخص مصير هؤلاء المقاتلين". وفي الوقت الحالي، لا تزال أعدادهم تتراوح بين 3 إلى 5 آلاف مقاتل، بالإضافة إلى عائلاتهم، مما يجعلهم عاملًا مؤثرًا في المشهد السوري المعقد.
يُذكر أن هذه القضية تبقى واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه سوريا والمنطقة، حيث يُشكل وجود المقاتلين الأجانب تهديدًا مستمرًا للاستقرار والأمن، خاصة في ظل التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة.