لبنان أمام فرصة تاريخية لاستعادة استقلاله مع تراجع نفوذ إيران وحزب الله
منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، تواجه إيران وحليفها الإقليمي الرئيسي، حزب الله، تحديات متصاعدة. فالصراعات المستمرة، والعقوبات الدولية، والاضطرابات الداخلية أثرت على قدرتهما في الحفاظ على النفوذ الإقليمي. هذا التراجع قد يفتح الباب أمام لبنان لتعزيز سيادته وإصلاح اقتصاده المنهك.
الضغوط على إيران: بين العقوبات والتمدد العسكري
تشهد إيران أزمات اقتصادية حادة مع انخفاض صادرات النفط وارتفاع التضخم إلى نحو 35%، وفق بيانات رسمية. كما تواجه عزلة دولية متزايدة بسبب سياساتها الإقليمية، ما أدى إلى انخفاض قيمة الريال إلى مستويات قياسية بلغت نحو 892,500 للدولار في السوق الموازية. عسكريًا، تبدو قدرات الحرس الثوري الإيراني مُرهَقة بعد انتشار قواته في دعم وكلائه بسوريا والعراق واليمن، بينما تستهدف الضربات الإسرائيلية والأمريكية البنى التحتية الإيرانية في المنطقة، مما يعيق تدفق الأسلحة إلى الحلفاء.
حزب الله: تراجع الدعم وتمرد داخلي
يواجه حزب الله، الحليف الأبرز لإيران في لبنان، تحديات غير مسبوقة. فتراجع الدعم المالي الإيراني، الذي كان يقدر بنحو 700 مليون دولار سنويًا وفق تقارير استخباراتية، بنسبة 30%، أضعف قدرته على تمويل عملياته. كما أدى انهيار الاقتصاد اللبناني إلى تقويض شبكته المالية، ما أعاق تقديم الخدمات الاجتماعية التي عززت شعبيته سابقًا.
من ناحية أخرى، أظهر استطلاع حديث لـ"الباروميتر العربي" أن 67% من اللبنانيين يرون في حزب الله قوة مُزعزِعة للاستقرار، مقارنة بـ48% في 2021، وهو ما تجسد في احتجاجات طالبت بنزع سلاحه.
مخاطر التورط الإقليمي
تفاقمت خسائر حزب الله العسكرية بعد تصعيد المواجهات مع إسرائيل، حيث تشير تقارير استخباراتية أمريكية إلى انخفاض شحنات الأسلحة الإيرانية إليه بنسبة 30% منذ أكتوبر، بسبب تعقيدات التوريد. كما أن سقوط النظام السوري، الحليف التقليدي لإيران، قلص من قدرة طهران على إمداد الحزب عبر الحدود السورية-اللبنانية.
فرصة لبنان: بين التعافي والتحديات
مع ضعف النفوذ الإيراني، تبرز فرصة لتعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية. يمكن للجيش والأجهزة الأمنية استعادة دورها كضامن وحيد للأمن، بينما قد تتيح الإصلاحات الاقتصادية، مثل مكافحة الفساد وجذب الاستثمارات، إنعاش الليرة اللبنانية.
لكن الطريق لا يخلو من عقبات، فأزمات لبنان الداخلية، بما فيها الانقسامات السياسية والديون العامة الهائلة، تتطلب حوارًا وطنيًا شاملًا. كما حذّرت نائبة المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، من أي مشاركة لحزب الله في الحكومة، مؤكدة أن واشنطن تعتبر ذلك "خطًا أحمر".
رغم أن إيران وحزب الله ما زالا فاعلين إقليميين، فإن تراجعهما يمنح لبنان هامشًا للتنفس. نجاح البلاد في استغلال هذه الفرصة يعتمد على إرادة النخب في تجاوز الخلافات ووضع مصلحة الوطن فوق التحالفات الخارجية. المستقبل غامض، لكن الأمل في انطلاقة جديدة لم يعد مستحيلًا.
لين خودوركوفسكي هو نائب مساعد سابق لوزير الخارجية الأمريكي، ومستشار كبير لمبعوث الولايات المتحدة إلى إيران، والمدير التسويقي الأول للدبلوماسية الاقتصادية الأمريكية. يشغل حاليًا منصب المستشار الأول لرئيس معهد كراش للدبلوماسية التكنولوجية في جامعة بوردو.