تحقيق انفجار مرفأ بيروت.. خطوة نحو العدالة وسط تحديات سياسية وقانونية
بعد توقف دام عامين، استأنف القاضي طارق البيطار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت المدمر، الذي وقع في أغسطس 2020 وأسفر عن مقتل 220 شخصًا وإصابة آلاف. جاءت هذه الخطوة في ظل تحولات سياسية لبنانية، منها انتخاب الرئيس جوزيف عون وتكليف نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة، ما يشير إلى تراجع النفوذ السياسي لحزب الله، الذي عرقل التحقيق سابقًا.
استأنف القاضي المكلف بملف انفجار مرفأ بيروت، طارق البيطار، الجمعة، استجوابات متهمين في القضية بعد توقف دام عامين، وذلك في ظل تغييرات سياسية شهدها لبنان مؤخراً، مع انتخاب رئيس جمهورية جديد وتشكيل حكومة مُكلفة.
واستجوب البيطار ربيع سرور (مسؤول أمن العنبر رقم 12 بالمرفأ) وسليم شبلي (صاحب شركة التلحيم المشتبه في تسبب أعمالها بالحريق الممهّد للانفجار)، بحضور محامي الدفاع.
لم يصدر البيطار أي قرارات بحقهما حتى الآن، مؤجلاً البت في الأمر لحين اكتمال التحقيقات.
وأرجأ استجواب ثلاثة متهمين آخرين؛ لغياب أحدهم دون عذر، وغياب الثاني بسبب السفر، والثالث لظروف صحية.
وتعطل التحقيق سابقاً بسبب 42 دعوى رد ومخاصمة قدمها مسؤولون مُتهمون ضد البيطار، بينهم ضباط ومسؤولون أمنيون وعسكريون، ما عطّل سير العدالة منذ ديسمبر/كانون الأول 2021. وجاء استئناف التحقيقات في 16 يناير/كانون الثاني 2024، بعد انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية وتكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة، وسط تراجع نفوذ حزب الله الذي قاد حملات سابقة لإبعاد البيطار.
جلسات مقبلة وتعهدات رسمية
وحدد البيطار جلسة ثانية الثلاثاء المقبل لاستجواب أربعة متهمين آخرين، بينهم ضباط جمارك حاليون وسابقون.
وتعهد الرئيس عون ورئيس الحكومة المُكلف سلام في خطاباتهما بدعم استقلالية القضاء، في خطوة تُعتبر استجابة لمطالب دولية وشعبية بمحاسبة المتورطين في الكارثة التي أودت بحياة 220 شخصاً وأصابت 6500 آخرين في أغسطس/آب 2020.
أشار مراقبون إلى أن استئناف التحقيق تزامن مع تحوّلات في موازين القوى الداخلية، خاصة بعد المواجهات الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، والتي أضعفت نفوذ الحزب داخل المشهد اللبناني. كما يُعتبر استئناف التحقيقات اختباراً لجدية السلطة الجديدة في مواجهة ثقافة الإفلات من العقاب التي طالما هيمنت على مؤسسات البلاد.
يُذكر أن الانفجار نجم عن تخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم بشكل غير آمن بالمرفأ، وسط تقصير مُوثق لمسؤولين على مدار سنوات. وتواصل عائلات الضحايا مطالباتها بالعدالة، فيما تُواجه بيروت تحديات إعادة الإعمار وسط أزمات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة.