استراتيجيات إيران المالية.. شبكات تحايل و"خرافة" لتبرير الفقر

تشير تقديرات رسمية حديثة إلى أن ثلث سكان إيران أضحوا فقراء، بينما تذهب تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من 80 في المئة منهم يعيشون في فقر مدقع، أي بأقل من دولارين في اليوم، وفق تعريف البنك الدولي.

"فقر، وفساد، وطغيان. الموت للديكتاتورية"، شعارات رددها إيرانيون في احتجاجات متوالية خلال السنوات الماضية، حيث تسببت الظروف الاقتصادية الصعبة في انزلاق ملايين الإيرانيين  إلى ما تحت خط الفقر.

وتُكبل الاقتصاد الإيراني سلسلة من العقوبات الدولية الرامية إلى إرغام إيران على التخلي عن برنامجها النووي، ووضع حد لأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

ولمواجهة الضغوط الدولية، دعا المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قبل سنوات إلى ما سماه "اقتصاد المقاومة"، للالتفاف على العقوبات وتمويل الجماعات المسلحة الموالية لطهران في عدد من دول المنطقة.
هل نجحت طهران في ذلك؟

تمكنت إيران، على مدار عقود، من التحايل على العقوبات باستخدام أنظمة تعاملات مالية سرية، عبر "شبكات معقدة" للبقاء بعيدا عن رادارات العقوبات الدولية، على ما أكد خبراء لموقع "الحرة".

10 استراتيجيات

وحدد الخبراء 10 استراتيجيات أساسية تمكن إيران من البقاء على قيد الحياة ماليا بعيدا عن النظام النقدي العالمي.

شركات تحويل الأموال والصرافة:

تمتلك طهران "شبكة وسطاء" يقومون بنقل الأموال من دولة إلى أخرى عبر شركات تحويل الأموال ومكاتب الصرافة.

لكن التحويل  لا يتم بصيغة رسمية، إنما عبر وسطاء منتشرين في دول متعددة، دون الكشف عن المصدر الأصلي للأموال أو هوية الذي يستلمها.

الشركات الوهمية:

تأسيس شركات الصرافة الإيرانية شركات - واجهة في الخارج لإجراء التعاملات، بعد تسجيلها في دول غير متشددة في التدقيق على مصادر الأموال، مثل الصين والإمارات وتركيا.

تهريب العملات:

تنقل طهران أحيانا كميات كبيرة إلى دول أخرى لتحويلها في مكاتب صرافة إلى عملات أخرى، من خلال معاملات بوثائق مزورة.

لهذا السبب، تعرضت شركات صرافة عديدة، كما حدث في العراق، لعقوبات في السنوات القليلة الماضية.

الطرف الثالث:

تجري الشركات الوهمية معاملات مالية لاستيراد أو تصدير بضائع لدولة "طرف ثالث"، ومن هناك تُصدر بطرق غير شرعية إلى إيران.

ومن أحدث الأمثلة على هذا السلوك، أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على، أحمد عبد الله، المدير التنفيذي لشركة "بورتكس تريد ليميتد" (Portex Trade Limited).

ولعب عبد الله دورا محوريا في شراء طائرات مسيرات إيرانية الصنع من شركة دفاع أذربيجانية، لصالح نظام الصناعات الدفاعية السوداني (DIS).

وتأتي هذه العمليات في إطار جهود DIS وإيران للتحايل على العقوبات الدولية عبر استخدام شركات خاصة تعمل بالنيابة عن هذه الأطراف لإتمام صفقات التسلح بشكل غير رسمي.

شركاء دوليون:

تعتمد إيران على شبكة من الشركاء الدوليين، لمساعدتها على التهرب من القيود، مثل الصين وروسيا، ودول أخرى تغض الطرف عن الممارسات الاقتصادية الإيرانية عبر اقتصادها.

المقايضة:

استراتيجية النفط مقابل البضائع، كما هو الحال في تعامل طهران مع مصافي النفط الصينية.

العملات المحلية:

تجنب الدولار الأميركي في المعاملات، واستخدام العملات المحلية. تتعامل إيران، مثلا، مع الصين بـ"عملة الشعب" الرنمينبي بدلا من الدولار.

"أباريق الشاي":

تستخدم إيران ناقلات ترفع أعلام دول أخرى، لنقل نفطها، بعد تعطيل أجهزة التتبع" إلى عرض البحر، ومن هناك تأخذه سفن نقل صغيرة إلى مصافي تكرير نفط صينية، يُطلق عليها اسم "أباريق الشاي".

العملات المشفرة:

تنبهت إيران قبل سنوات لأهمية العملات المشفرة، وشرع البرلمان الإيراني استخدام المدفوعات الرقمية في التعاملات المالية.

وتشير تقديرات، تعود إلى العام 2021، إلى أن 4.5 في المئة من إجمالي عمليات تعدين العملات المشفرة تجري في إيران.

البعثات الدبلوماسية:

تستغل طهران حصانة البعثات الدبلوماسية، وتستخدم سفاراتها ودبلوماسييها لنقل الأموال بطريقة غير مشروعة.

"أباريق الشاي"

واصلت إيران تبني "حلول بديلة" في مواجهة العقوبات، يقول لموقع"الحرة" باتريك كلاوسون، كبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لشؤون إيران والسياسة الأميركية.

"لكن بتكاليف مرتفعة"، يضيف، لهذا رغم استمرارها بالحصول على الأموال ازدادت فقرا.

تحت ضغط العقوبات الدولية، تبيع إيران نفطها في السوق الصينية بأثمان زهيدة مقارنة بالأسعار في أسواق النفط العالمية.

"وهذا ما يجعل البلاد أكثر فقرا مما كانت عليه".

كلاوسون الذي يعد خبيرا اقتصاديا وله مؤلفات عديدة في الشأن الإيراني والسياسة الخارجية يشرح آليات بيع النفط الإيراني.

تبدأ رحلة النفط الإيراني في "أسطول الظل" (بعد تعطيل أجهزة التتبع) انطلاقا من موانئ إيران إلى "أباريق الشاي،" وهي مصافي تكرير صينية قديمة، تستقبل نحو 90 في المئة من صادرات النفط الإيراني منذ أن توقفت المصافي الصينية المملوكة للدولة عن التعامل مع إيران بشكل رسمي بعد أن أعاد ترامب فرض العقوبات على إيران عام 2018.

لكن "العامل الأساسي في هذه العملية هو كيفية عودة الأموال إلى إيران"، يقول كلاوسون.

تتلقى إيران أثمان نفطها بالعملة الصينية "الرنمينبي" عبر بنوك صينية صغيرة، بعضها خاضع لعقوبات أميركية مثل بنك كونلون.

هذه الآلية تسمح لبكين في النهاية تجنب تعريض بنوكها الدولية لخطر العقوبات الأميركية، وفق ما كشفت ورقة بحثية نشرها "أتلانتك كاونسل" في مارس من 2024.

بمجرد حصول إيران على مستحقاتها بالعملة الصينية يكون لديها خياران: إما شراء البضائع الصينية، أو الاحتفاظ بالأصول في بنك صيني.

اشترت المصافي الصينية من النفط الإيراني، منذ يناير 2021، ما كلفته نحو 140 مليار دولار، وفق جيسون برودسكي، مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية".

وكان لهذه المليارات "تأثير حقيقي في العالم، إذ إنها مولت هجمات قاتلة نفذتها شبكة وكلاء طهران، واستهدفت إسرائيل والمصالح الأميركية".

الشركات الوهمية

الشركات الوهمية جزء هام في "استراتيجيات إيران للتهرب من العقوبات"، إلى جانب استخدامها "لأسطول الناقلات الشبحية"، ونقل البضائع من سفن إلى أخرى، والتلاعب في مسارات الناقلات للتمويه على وجهتها.

ويشير برودسكي إلى أن مسؤولية هذه الشركات الوهمية أو الشركات الواجهة، لا تقتصر على تسهيل العمليات التجارية بعيدا عن العقوبات، بل تتضمن القيام بأعمال خلط المنتجات والبضائع وحتى النفط داخل الشحنات.

وتنقل إيران خامها بالناقلات الشبحية إلى ناقلات أخرى تحمل خاما من منشئ آخر، للتضليل في ما يخص أوراق اعتماد المنشأ الأصلي.

وبالطريقة ذاتها، تُخلط المنتجات الأخرى، أكانت خارجة من إيران أو قادمة إليها.

ويشير برودسكي، بدوره، إلى أساليب طهران في التحايل على النظام المالي العالمي.

إلى جانب مبيعات النفط غير الشرعية خاصة إلى الصين، تستخدم إيران شبكة من "الوسطاء والوكلاء" وشركات وهمية، لتسهيل المعاملات المالية.

تمارس إيران أيضا ما يسميه رودسكي "التمويل بالوكالة". إذ يسهل البنك المركزي الإيراني تحويل مليارات الدولارات إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الذي يمول بدوره وكلاء طهران في المنطقة.

ويعتقد كلاوسون، الذي أدلى بشهادته أمام لجان الكونغرس عشرات المرات بشأن إيران واقتصادها والعقوبات، أن الشركات الوهمية تؤدي دورا هاما في استراتيجية إيران للتحايل على العقوبات.

ويشير إلى أن كثيرا من البضائع التي تصل إلى إيران مرت عبر الإمارات التي أصبحت حاضنة تجارية تستقبل ملايين الحاويات القادمة من الصين والعالم، والتي يُعاد تصديرها.

وينقل بعضها في نهاية المطاف إلى إيران.

وخلال السنوات الأخيرة فرضت واشنطن عقوبات على عشرات الكيانات في الإمارات وهونغ كونغ، لدورها في تسهيل وصول إيران إلى النظام المالي العالمي.

في فبراير 2024، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شركة تابعة للبنك المركزي الإيراني وكيانين مقرهما الإمارات، وكيان مقره تركيا وثلاثة أفراد للتورط في تهريب تكنولوجيا أميركية.

العملات المشفرة

"بكل تأكيد تستفيد إيران من صناعة العملات المشفرة والتعامل بها"، يقول أليكس فاتانكا، مدير برنامج أبحاث الشؤون الإيرانية في معهد الشرق الأوسط.

ويضيف، ردا على أسئلة موقع "الحرة"، أن هناك تقديرات لتبادلات أجرتها طهران باستخدام العملات المشفرة خلال السنوات الماضية بمليارات الدولارات، فضلا عن تعدين هذا النوع من العملات في إيران.

وخلال السنوات الماضية حذرت الشركة الوطنية لتوزيع الكهرباء في إيران أكثر من مرة، من تسبب نشاطات تعدين العملات المشفرة بانقطاعات إضافية في التيار.

ووفق تقرير لمجلس الشورى الإيراني، يعود إلى عام 2021، يتبادل الإيرانيون بطريقة غير رسمية نحو 700 "بتكوين" يوميا.

وأكد التقرير "تعدين" 19500 بتكوين في إيران، من أصل 324 ألف وحدة يتم "تعدينها" سنويا في العالم.

وتسمح العملات المشفرة للمستخدمين بتجاوز البنوك من خلال نقل الرموز فقط بين المحافظ الرقمية، ما قد يسمح لدول أو مجموعات إرهابية إساءة استخدامها، وهو ما أشارت إليه وزارة الخزانة الأميركية في تصريحات نشرتها أواخر ديسمبر الماضي.

وتستخدم هذه العملات الأصول الرقمية القائمة على تقنية "بلوكتشين" وهو سجل افتراضي لا مركزي، ويمكن تحويلها بسهولة وتتبعها أصعب من متابعة تحويل الأموال من حساب مصرفي تقليدي.

قالت شركة باينانس في 2022، إن أموالا "مشفرة" مملوكة أو موجهة لإيرانيين، حُولت عبر منصتها.

وقال مسؤول قسم العقوبات في باينانس، شغري بويراز، في تصريح وقتها: "اكتشفنا في وقت سابق هذا الأسبوع أن باينانس تفاعلت" مع "جهات سيئة" باستخدام عمليات تبادل للعملات الإيرانية المشفرة.

وبحسب رويترز، مر ما مجموعه 7.8 مليار دولار تقريبا عبر منصة باينانس، وتتصل تلك الأموال بحسابات على نوبيتكس، أكثر المنصات الإيرانية استخداما.

ولا تخضع أي من المنصات الإيرانية للعملات الرقمية حتى الآن لعقوبات. غير أن قيودا تفرضها الولايات المتحدة تحظر على كيانات أميركية أو أفراد بيع سلع وخدمات إلى مواطنين إيرانيين أو شركات أو مؤسسات إيرانية، ويشمل الحظر الخدمات المالية.

وشرعت إيران في تعدين البتكوين وسائر العملات المشفرة في سبتمبر 2018، وتعتبر من أوائل دول العالم التي اتخذت هذا الإجراء.

ودعا غلام رضا مرحبا، المتحدث باسم لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الإيراني، في عام 2021 إلى "تحويل الأموال بواسطة العملات المشفرة ليكون وسيلة للالتفاف على العقوبات وتخفيف آثارها" على الاقتصاد.

الرئيس التنفيذي لشركة "إنكا ديجيتال"، آدم زارازينسكي، استعرض في شهادة قدمها أمام لجان الكونغرس الأميركي كيفية استغلال جماعات إرهابية أو بعض الدول للعملات المشفرة.

ويكون ذلك بطريقتين، وفق قوله: طلب التبرعات أو شراء السلع والخدمات.

وأشار إلى أن كلا الاستخدامين مثيران للقلق، ولكن الميل الأكثر هو إلى جمع التبرعات عن طريق العملات المشفرة، والتي قد يكون في بعض الآحيان من المستحيل تتبع مصدرها.

وفي أواخر ديسمبر الماضي، أعلنت إسرائيل فرض عقوبات اقتصادية على حملة تبرعات نظمها حزب الله لدعم عناصره المتضررين من تفجيرات أجهز النداء "البيجر"، التي نفذتها إسرائيل.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان، وقتها، إن حملة التبرعات تجري عبر منصات تمويل جماعية، وتعتمد على بطاقات ائتمان وتحويلات بنكية، وخدمات مالية مثل "باي بال" (PayPal).

وتمكنت الحملة من جمع عشرات آلاف الدولارات، وفقا للوزارة.

وفي عام 2020 حظرت وزارة العدل الأميركية مواقع إلكترونية كان وكلاء لإيران يستخدمونها لجمع التبرعات.

لكن مواقع إلكترونية جديد كانت تظهر باستمرار، تتيح مثل هذه التبرعات، عبر مجموعات في تطبيقات تواصل اجتماعي مثل تلغرام، بحسب تقرير لشركة "إنكا ديجيتال".

وتشير تقديرات إلى أن حلفاء إيران في لبنان وغزة تلقوا تحويلات بالعملات المشفرة تقدر بـ 135 مليون دولار خلال بين عامي 2021 و2023، بحسب تقديرات "إليبتك" و"بيتوك"، وفقا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

من جانبه يعتقد كلاوسون أن العملات المشفرة تشكل جزءا "صغيرا جدا" من منظومة إيران التي تعمل من دون المرور بالنظام المالي العالمي.

ويرى زارازينسكي أن بعض الجهات تشبه "الكواكب الجاذبة للأموال غير المشروعة، وتحاول الوصول إليها من خلال الحوالات أو التحويلات المصرفية، أو بنقلها في حقائب تحمل على الظهر".

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية في أواخر 2024 تفكيك شبكة تجسس تضم 7 إسرائيليين كانوا "يجمعون معلومات عن القواعد العسكرية في الدولة والبنية التحتية للطاقة لصالح الاستخبارات الإيرانية".

وبحسب بيان للشرطة، تلقت الشبكة مئات الآلاف من الدولارات مقابل التجسس وغالبا من خلال العملات الرقمية المشفرة.
تكلفة "اقتصاد المقاومة"

وقال أليكس فاتانكا، الخبير في الشأن الإيراني،  إن السلطات الإيرانية تتغنى أمام شعبها بما تمسيه "اقتصاد المقاومة" أو "الصمود"، ولكنها تتناسى التكلفة الاقتصادية العالية التي تدفعها مقابل الأموال التي تحصل عليها.

وقال إن هذه التكلفة يمكن أن نراها بشكل جلي باتساع رقعة الفقر في البلاد.

ووصف إيران بأنها "دولة غنية، باقتصاد فقير". فمواردها تؤهلها لتكون من بين أقوى 20 دولة اقتصاديا، ولكنها تركز على ابتكار أساليب للتحايل على العقوبات.

وأضاف فاتانكا في رد على استفسارات موقع "الحرة"، أن تكلفة تعطيل النظام المصرفي في إيران باهظة، حتى أن السفارات الإيرانية لم تعد قادرة على فتح حسابات لها في البنوك حول العالم، ناهيك عما يعانيه تجار إيران.

وأشار إلى الإيرادات التي تحققها طهران من بيع النفط، مكلفة أيضا، إذ هناك تكاليف النقل في "أسطول الظل أو الأسطول الشبحي"، وبالبيع بأسعار منخفضة مقارنة بأسعار السوق العالمي، وحتى الأموال التي تتقاضاها من المصافي الصينية تبقى في بنوك الصين، إذ لم تستخدمها إيران لشراء بضائع من الصين.

وقال فاتانكا إن نجاح إيران في الإبقاء على النظام، يكلف الشعب الإيراني غاليا.

ومنذ سنوات، يثرى الوسطاء، أكانوا إيرانيين أم أجانب، بالاستثمار في استرتيجيات التحايل الإيراني على العقوبات، وتزداد غالبية الإيرانيين فقرا.

دولة غنية وشعب فقير

منذ عام 1979 تخضع إيران لعقوبات اقتصادية شديدة تسببت بتباطؤ النشاط الصناعي وتراجع الاستثمارات الأجنبية وتضخم متزايد وبطالة متصاعدة.

تستهدف العقوبات قطاع الطاقة الإيراني، وأي شركة أجنبية قد تستثمر فيه، أو تشتري أو تبيع أو تنقل الخام الإيراني.

ويقع تحت طائلة العقوبات القطاع المالي الإيراني، بما في ذلك البنك المركزي، وقطاعات الشحن والبناء والتعدين والمنسوجات والسيارات والتصنيع، ناهيك عن العقوبات التي تهدد أي كيانات أو أفراد يجرون تعاملات مع هذه القطاعات أو يقدمون الدعم لها بأي طريقة.

وتلاحق العقوبات تجارة الأسلحة من وإلى إيران، والعديد من الأفراد على أعلى المستويات السياسية والعسكرية، ومؤسسات رسمية سياسية وعسكرية واقتصادية.

وكانت العقوبات، بحسب تقييمات واشنطن، متسقة في تأثيرها على النظام الإيراني.

إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، وصفت الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية لعام 2015 بأنه كان نتيجة حتمية للعقوبات السابقة، بينما أكدت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأولى بأن إعادة فرض العقوبات واستراتيجية "الضغط الأقصى" كانت فعالة في التأثير على الاقتصاد الإيراني وتجفيف مصادر تمويله، وفقا لورقة سياسات أعدتها خدمة الأبحاث في الكونغرس "CRS".

وفي تقييم للبنك الدولي، يعاني الاقتصاد الإيراني من انكماش كبير في صادرات النفط سببت ضغوطا كبيرة على المالية الحكومية، ودفعت التضخم للارتفاع لسنوات متتالية.

وأدى استمرار ارتفاع التضخم إلى انخفاض كبير في القوة الشرائية للأسر الإيرانية، وفي ذات الوقت، لم تكن فرص العمل كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب والمتعلمين الذي يحاولون الالتحاق بسوق العمل.

وتحت العقوبات، زاد توجه التجارة نحو البلدان المجاورة والصين، ويتزايد استخدام العملات الثنائية والمقايضة وقنوات الدفع غير المباشرة الأخرى لتسوية المعاملات الدولية، إذ يتعذر على طهران الوصول إلى معظم الأصول في الخارج بسبب العقوبات.

تتربع إيران على ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وتعد سابع أكبر منتج للنفط الخام في العالم، ولديها ثالث أكبر احتياطات النفط بعد فنزويلا والسعودية.

رغم هذه الموارد، تضطر الدولة إلى "تقنين الكهرباء" وفق قطع مبرمج للتيار جراء نقص الوقود.

هذا الأمر، وحده، دليل على أن "اقتصاد المقاومة" لم ينجح، وهو خرافة  لتبرير الفقر والعوز الذي يعانيه الإيرانيون.