علماء: الأحوال الجوية "الأكثر فتكاً" تفاقمت بسبب تغير المناخ

تسببت الفيضانات في أوتارانتشال في الهند عام 2013 في مقتل أكثر من 6000 شخص. Getty Images

أدى تغير المناخ الذي يسببه الإنسان إلى أن تصبح عَشر ظواهر مناخية من التي شهدها العالم خلال العقدين الماضيين "أكثر حدة وفتكاً"، وفق دراسة تحليلية جديدة.

وتسببت العواصف وموجات الحر والفيضانات المميتة، التي ضربت أوروبا وأفريقيا وآسيا، في مقتل أكثر من 570 ألف شخص.

وتسلط الدراسة الضوء على الكيفية التي يمكن بها للعلماء الآن تمييز بصمة تغير المناخ في الأحداث الجوية المعقدة.

وتتضمن الدراسة إعادة تحليل بيانات لأحداث جوية قاسية قام بها علماء من مبادرة إسناد الطقس العالمي أو "the World Weather Attribution (WWA)" في كلية لندن الإمبراطورية.

ورأت مؤسسة ومديرة المبادرة، فريدريكا أوتو، أن هذه الدراسة "يجب أن توعّي القادة السياسيين المتمسكين باستخدام الوقود الأحفوري الذي يتسبب في رفع حرارة الكوكب وقتل الأرواح".

"إذا واصلنا حرق الوقود والغاز والفحم فإن المعاناة ستستمر"، وفق ما قالت أوتو التي ترأس المبادرة أيضاً.

ركز الباحثون، في الدراسة، على أكثر 10 أحداث مناخية مميتة مسجلة في قاعدة بيانات الكوارث الدولية منذ عام 2004. وكان ذلك عندما نشرت الدراسة الأولى التي ربطت موجة حر ضربت أوروبا بالتغير المناخي.

ويعتبر الجفاف الذي شهده الصومال في عام 2011 والذي يعتقد أنه تسبب في مقتل أكثر من 250 ألف شخص، أكثر الأحداث المناخية المميتة في الـ20 عاماً الماضية. ووجد الباحثون أن انخفاض معدل هطول الأمطار الذي أدى إلى الجفاف أصبح أكثر احتمالاً للحدوث وأكثر فتكاً بسبب تغير المناخ.

وتتضمن القائمة موجة الحر التي ضربت فرنسا في عام 2015 مما أسفر عن مقتل أكثر من 3 آلاف شخص في البلاد، حيث يقول الباحثون إن درجات الحرارة المرتفعة تضاعفت بسبب تغير المناخ.

كما تشمل القائمة موجات حر شهدتها أوروبا في العامين الماضيين، إذ قتل 53 ألف شخص في 2022، وقُتل 37 ألف شخص في 2023. وخلصت الدراسة إلى استحالة حدوث هذا الأخير بدون تغير المناخ.

وتقول الدراسة إن الأعاصير المدارية القاتلة التي ضربت بنغلاديش في 2007 وميانمار في 2008 والفلبين في 2013 أصبحت أكثر احتمالية للحدوث وشدة بسبب تغير المناخ. كما حصل في الهند التي ضربتها الفيضانات في 2013.

ويرجح الباحثون أن العدد الحقيقي للقتلى جرّاء هذه الظروف الجوية أعلى من المعلن. ويقولون إن الوفيات المرتبطة بموجات الحر لا تسجل على هذا النحو في معظم أنحاء العالم، خاصة في الدول الفقيرة الأكثر ضعفاً.

وأجريت الدراسة قبل أن تؤدي العواصف، التي ضربت إسبانيا، إلى مقتل العشرات هذا الأسبوع.

الصلة بين تغير المناخ والظروف الجوية ممكن فقط لأن العالِمَينِ اللذَينِ أسسا مبادرة (WWA)، أوتو وعالم المناخ الهولندي جيرت جان فان أولدنبورغ، كانا رائدين في تتبع الاحترار العالمي في الظواهر الجوية الكارثية.

وكانا يعلمان أن سجلات المناخ أظهرت أن الظروف الجوية القاسية أصبحت أكثر حدة. إضافة إلى ذلك، فإن هناك العديد من الأبحاث العلمية التي تمت مراجعتها توضح كيف يمكن للاحتباس الحراري أن يزيد من شدة الظواهر الجوية القاسية. لكن ما كان مفقوداً هو الصلة بين حدث واحد وارتفاع درجات الحرارة العالمية.

استخدم المتنبئون لسنوات نماذج الغلاف الجوي للتنبؤ بأنماط الطقس المستقبلية. إلا أن أوتو وأولدنبورغ أعادا استخدام النماذج لتشغيل عمليات محاكاة متكررة لمعرفة مدى احتمالية حدوث حدث جوي في المناخ الحالي.

كما أنشأ العالمان محاكاة متوازية استكشفت مدى احتمالية حدوث نفس الحدث في عالم لم تحدث فيه الثورة الصناعية أبداً. جردت نماذج الكمبيوتر هذه آثار مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون التي ضخها البشر في الغلاف الجوي.

وتعني الحسابات أنه يمكنهم مقارنة مدى احتمالية حدوث الحدث نفسه مع وبدون 1.2 درجة مئوية من الاحتباس الحراري الذي شهده العالم منذ الثورة الصناعية.

وقالت روب سينغ من مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي يدعم مبادرة "WWA"، إن "عدد القتلى الهائل الذي نراه باستمرار في الطقس القاسي تظهر أننا غير مستعدين جيداً لدرجة حرارة 1.3 درجة مئوية، ناهيك عن 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية".

وقالت إن دراسة اليوم أظهرت حاجة جميع البلدان لبناء قدرتها في مواجهة تغير المناخ وحذرت: "مع كل جزء من درجة الاحترار، سنشهد مزيداً من الأحداث القياسية التي تدفع البلدان إلى حافة الهاوية، بغض النظر عن مدى استعدادها".