اليمنيون يحيون ذكرى 26 سبتمبر مبكراً إيماناً بقدسيتها وعظمة منجزاتها

يحتفي اليمنيون منذ وقت مبكر بالذكرى الـ62 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، في تأكيد على عظمة المناسبة وقدسيتها، وتمسكا بأهدافها العظيمة الستة، في ظل مساعي الإماميين الجُدد إلى شيطنتها وتكريس مبدأ الولاء للسلالة.

عقب سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، على العاصمة صنعاء إبان انقلاب 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وبدء زحفها نحو بقية المحافظات بدعم عسكري ولوجستي إيراني، وباسناد ودعم غير مباشر من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة (بريطانيا) قبل أن تدخل في الوسط مؤخرا أطراف عربية وغربية، بدأ يتكشّف لليمنيين خطورة وأبعاد المشروع الإيراني الشيعي.

وخلال عشر سنوات من عمر الانقلاب (الحوثي- الإيراني) سعت طهران وذراعها في اليمن (الحوثيون) إلى طمس وتجريف ممنهج للهوية والفكر اليمني، وإزاحة كل من يعارض مشروعها أو فكرها أو توجهها من الوظيفة العامة والخاصة، وقوضتها لصالح قياداتها وعناصرها، قبل أن تطيح مؤخراً بمن تخادموا معها إثر وقوعهم في شراك شعاراتها التضليلية والكاذبة.

ومن عام إلى آخر، ومع فشل الحسم وتحرير العاصمة صنعاء، واستعادة النظام الجمهوري، ظهرت المشاريع الطائفية وبرزت انشطتها أكثر، فبعد أن كانت تحتفي بها على استحياء أصبحت اليوم تُلزم بها أبناء الشعب كافة وفوق ذلك وتمويلهم إياها، حد استغلالها المناسبات الدينية وتوظيفها سياسياً لتكريس مبدأ الولاء لسلالتها.

كما قامت مليشيا الحوثي، بإجراء تعديلات على أهداف الثورة التي أطاحت بالنظام الإمامي الكهنوتي في 26 سبتمبر 1962، بإزالة أجزاء منها من المناهج الدراسية للتعليم الأساسي، ومنها إزالة فقرة (وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات) من أول الأهداف الذي نصّه (التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتها وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات).

وحينما استدرك اليمنيون حجم هذا الخطر السلالي، سيما والمليشيا تجرّم باطنيا الاحتفال بثورة 26 سبتمبر، وتشن حملات اعتقالات سنوية ضد المحتفين بها، بما في ذلك العام الجاري والذين كان أغلبهم من محافظة إب، ومديرية السدّة معقل الشهيد علي عبدالمغني (أحد قادة ثورة سبتمبر)، تعاظم الالتفاف الشعبي حول الثورة، وأخذ يتزايد عاماً بعد آخر.

استنساخ النظام الكهنوتي

قال عضو المكتب السياسي في حزب الشعب الديمقراطي "حشد" ناجي بابكر: من محاسن انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر، تكريس مبدأ الولاء للسلالة، في استنساخ للنظام الكهنوتي لاسلافهم السلاليين قبل ثورة 26 سبتمبر، وإظهار حقدهم على الثورة بوصفها في جلساتهم الخاصة بـ"انقلاب" أطاح بنظام أجدادهم.

وأضاف بابكر لوكالة خبر: لماذا لم يتساءل الحوثيون عن سر الاحتفال الشعبي الواسع والمبكّر بذكرى سبتمبر في وقت مبكر بدلا من التباكي على أن ذلك يهدف إلى إفشال إحياء (المولد النبوي)، متجاهلين أن أجدادنا اليمنيين اعلنوا إسلامهم بمجرد وصول رسالة من النبي محمد عليه السلام تدعوهم للدخول فيه؟!

وأكد، أن الحوثيين، مارسوا التجريف للهوية والانتقام من مكتسبات ومنجزات الثورة وأنظمتها الجمهورية المتعاقبة، وفوقه يتهمون اليمنيين بكراهية النبي أو عدم الرغبة بإحياء مولده، مع أنهم (اليمنيون وخكوماتهم السابقة) أحيوا المناسبة (حكومة وشعبا) منذ أول أيام اسقاطهم النظام الكهنوتي.

وطالب مليشيا الحوثي بعدم المزايدة على اليمنيين سواءً في حب رسول الله أو حب الوطن، معتبراً التمسك بأهداف ثورة 26 سبتمبر والاحتفاء بذكراها السنوية مبكراً، استدراكا شعبيا لعظمة المناسبة وقدسيتها.

وتعج مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكتروني، بالاحتفاء الشعبي المبكر بالمناسبة، ونشر وتداول سير وقصائد ومذكرات لنخب من ثوراها وشعرائها ومؤرخي تلك المرحلة، وسط تفاعل متزايد من عام إلى آخر.

ويجمع مراقبون، أن هذا الاحتفاء الشعبي الواسع والمُبكّر، يقلق الحوثيين من جوانب عدّة، أبرزها إدراكهم بأن اليمنيين لن يقبلوا بالعبودية والولاء لجماعات سلالية، وإن فرض عليهم الواقع القبول بالتعايش معها كأمر واقع لمرحلة معيّنة، مثلما قبلوا سابقاً، وكان لهم حركات ثورية عديدة في ذلك الحين، حتى نجحوا صبيحة 26 سبتمبر.

وذكر المراقبون، أن مزيداً من القمع الحوثي ومحاولة تهميش وطمس ثورة 26 سبتمبر، يحرز نتائج عكسية، فذاكرة الشعوب ليست مثقوبة في ظل إحياء نماذج من الأنظمة الديكتاتورية وإن كانت بطريقة حداثية.