مجلة أمريكية: تصرفات الحوثيين الوحشية أدّت إلى زيادة اعتمادهم على إيران وتراجع أمل إنهاء حرب اليمن

عززت التصرفات الحوثية الوحشية، من تفاقم معاناة السكان، في بلد يوصف غالبا بأنه أكبر أزمة إنسانية من صنع الإنسان، من خلال جر اليمن إلى صراع إقليمي مع إسرائيل وتقريب البلاد من إيران، مما يجعل من الصعب على السعودية والأطراف اليمنية الأخرى إعادة عقد المفاوضات التي كانت قد بَدت على وشك إنهاء الصراع في سبتمبر 2023.

تساءل الكاتب آشر أوركابي: هو زميل باحث في دراسات الشرق الأدنى بجامعة هارفارد، هل احتجاز مليشيا الحوثي الإرهابية للعاملين في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وتصعيد الهجمات على الشحن العالمي، وإثارة غضب القوى الإقليمية والدولية، "سلوكيات دولة تتصرف بدافع اليأس أم هي مؤامرات من جهات غير حكومية تعزز القوة وتظهر القدرة العسكرية المحلية بدون رادع؟".

الكاتب، وحسب ما نشرت "مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية"، أفاد بأن "هذا هو السؤال الذي يناقشه المحللون على وجه التحديد فيما يتعلق بأفعال الحوثيين في اليمن".

وقال إنه "على مدار الشهر الماضي، زادت مليشيا الحوثي من هجماتها على سفن الشحن في البحر الأحمر، واحتجزت أكثر من خمسين موظفا وعاملا مع منظمات أجنبية".

وذكر بأن هذه "كانت ردود الفعل الفورية على الأزمة المالية الأخيرة الناجمة عن إغلاق البنك المركزي في صنعاء، مما وضع عقبات إضافية أمام تحويلات العملات ورواتب الموظفين المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال اليمن".

ويرى الكاتب آشر أوركابي، أن التمويل السعودي منذ اندلاع الحرب في 2015، "حافظ على سيولة البنك المركزي المنقسم، مع فرعه الآخر في عدن، مما منح المملكة درجة من النفوذ على حكومة الحوثيين في صنعاء".

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، من وجهة نظر "أوركابي"، بقدر ما ساهمت أيضاً "المدفوعات غير المنتظمة لرواتب القطاع العام في صنعاء، نتيجة للعقوبات الاقتصادية الدورية والقيود المستمرة، منذ فترة طويلة في تدهور الرعاية الصحية والصرف الصحي وغيرها من الخدمات في جميع أنحاء البلاد".

ويعتقد الكاتب، أن "قرار تصعيد أزمة البحر الأحمر (للمليشيا الحوثية) قد يكون بمثابة عمل انتقامي ضد الولايات المتحدة والسعودية لاستهدافهما للقدرات العسكرية والمالية للحوثيين. ومع ذلك، قد ينظر الحوثيون بدلاً من ذلك إلى إغلاق البنك المركزي في صنعاء على أنه تخلي السعودية عن آخر أشكال النفوذ على أراضي الحوثيين".

ورجّح أن الحوثيين تحولوا بالكامل تقريبا نحو المعسكر الإيراني، بعدما كانوا حذرين في البداية، على افتراض أن طهران وحلفائها يمكنهم ضمان المالية العامة لدولتهم في المستقبل. وبدلاً من سعيهم إلى المصالحة مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، سعت قيادة الحوثيين إلى عزل نفسها عن المنطقة بشكل أكبر.

وبينما وصف الكاتب مضيق باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، والمصدر التاريخي للتجارة العالمية والازدهار لدول جنوب شبه الجزيرة العربية، بـ"الكنز الإقليمي"، يقول إن المليشيا الحوثية "لم تهمله فحسب"، بل حولته إلى "باب الموت لشركات الشحن التي تجرؤ على عبور المياه القريبة من الأراضي اليمنية".

واضاف: "وفي 12 يونيو، أعلن الحوثيون عن أول هجوم ناجح لهم بقارب مسير ضد حاملة طائرات مملوكة لليونان على ساحل اليمن". مشيراً إلى أن ذلك "شجّعهم على زيادة حادة في عدد الهجمات، مما يهدد الشحن التجاري في منطقة البحر الأحمر".

وتطرق إلى أن "الأبواب اوصدت أمام المنظمات الدولية التي كانت تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين. واتُّهِمَ موظفون يمنيون تابعون لبرنامج الغذاء العالمي والمعهد الديمقراطي الوطني وغيرهما بالتجسس، وأُلقي القبض عليهم". الأمر الذي يعتقد الكاتب أنه أدّى فعلياً "إلى إغلاق إحدى النوافذ المتبقية الأخيرة في العالم على مجتمع معزول على نحو متزايد".

واشار إلى أن وسائل الإعلام الحوثية "صوّرت جمع الإحصاءات السكانية وتنسيق المساعدات الإنسانية الأجنبية على أنهما جمع استخبارات خبيث ومحاولات لتقويض سيطرة حكومتهم".

وشدد الكاتب بأن "هذه التوجهات الحوثية نموذجية لوكلاء إيران الآخرين في جميع أنحاء المنطقة"، مؤكدا أن طهران أعطت "الأولوية لتدمير المجتمع لتحقيق مصالحها الذاتية بدلاً من التركيز على التنمية طويلة الأجل".

ولفت إلى أن مليشيا الحوثي عززت سلطتها "على حساب تفاقم معاناة سكان البلاد، في بلد يوصف غالبا بأنه أكبر أزمة إنسانية من صنع الإنسان".

وأشار إلى أن المليشيا الحوثية المدعومة إيرانياً، فعلت ذلك "من خلال جر اليمن إلى صراع إقليمي مع إسرائيل وتقريب البلاد من إيران، مما يجعل من الصعب على السعودية والأطراف اليمنية الأخرى إعادة عقد المفاوضات التي بدت على وشك إنهاء الصراع في وقت متأخر من سبتمبر 2023".

وشدد على المجتمع الدولي، العمل على قطع الدعم الإيراني للمليشيا وإجبار قيادة الحوثيين على تحمل مسؤوليتها تجاه مواطنيها والتخلي عن الإيديولوجية المتطرف مقابل الدعم الدولي غير الإيراني.