موسكو تستبق وصول أسلحة أمريكية إلى كييف بقصف عنيف على المنشآت النفطية الأوكرانية

استهدفت هجمات صاروخية روسية منشآت للطاقة في وسط أوكرانيا وغربها السبت لتزيد الضغط على نظام الطاقة المتعثر في الوقت الذي تواجه فيه البلاد نقصا في الدفاعات الجوية، وفي الإرباك الذي يصيب الموقف الغربي.

ويمكن أن يكون التصعيد هادفا لتحقيق مكاسب نوعية قبل وصول الأسلحة الأميركية التي تأخذ وقتا أكبر في ظل الجدل الداخلي.

واستخدمت روسيا في الضربات صواريخ باليستية وصواريخ كروز أطلقتها القاذفات الإستراتيجية المتمركزة في الدائرة القطبية الشمالية فيما يعد رابع هجوم جوي واسع النطاق يستهدف نظام الطاقة منذ 22 مارس.

وقالت “دي.تي.إي.كيه”، وهي أكبر شركة خاصة للطاقة في أوكرانيا، “قصف العدو مرة أخرى منشآت الطاقة الأوكرانية بكثافة”. وأضافت أن أضرارا جديدة لحقت بمحطاتها الأربع التي تعمل بالطاقة الحرارية الليلة الماضية.

وذكر مسؤولون أن رجال الإنقاذ يحاولون إخماد حرائق هائلة في عدد من منشآت الطاقة في منطقتي لفيف وإيفانو – فرانكيفسك غرب البلاد، وهما متاخمتان لبولندا ورومانيا العضوين في حلف شمال الأطلسي.

وبحسب مسؤولين، تعطلت إمدادات المياه في مدينة كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس فولوديمير زيلينسكي، بعد الهجمات على منشآت الطاقة في منطقة دنيبروبتروفسك بوسط البلاد.

وأطلق زيلينسكي نداء جديدا لتزويد بلاده بدفاعات جوية وتسلميها أسلحة بسرعة بعد الهجوم الروسي على قطاع الطاقة.

وقال إن كييف في حاجة إلى كميات كافية من الدفاعات الجوية والأسلحة الأخرى لحماية مدنها والانتصار على خط المواجهة.

وأضاف “يجب أن يخسر الإرهاب دائما، وأيّ شخص يساعدنا في الوقوف ضد الإرهاب الروسي هو مدافع حقيقي عن الحياة”.

وقال سيرهي ليساك حاكم منطقة دنيبروبتروفسك “للأسف، لم نتمكن من تجنب العواقب. تضررت منشآت للطاقة في منطقتي دنيبروبتروفسك وكريفي ريه، واندلعت حرائق”.

وذكر قائد القوات الجوية الأوكرانية في بيان أن الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط 21 من أصل 34 صاروخا.

ولم تعلن السلطات أسماء المنشآت المتضررة في إطار ما تقول إنه إجراء أمني أساسي لمنع روسيا من تقييم تأثير ضرباتها بسرعة.

وتنفي روسيا استهداف المدنيين خلال هجماتها الجوية لكنها تقول إن نظام الطاقة الأوكراني هدف عسكري مشروع. وصدرت تقارير من السلطات الأوكرانية عن إصابة أحد العاملين في مجال الطاقة.

وقال حاكم خاركيف بشمال شرق البلاد إن صاروخا أصاب مستشفى به 60 مريضا الليلة قبل الماضية مما أدى إلى إصابة امرأة وإلحاق أضرار بالمبنى وأنابيب المياه وخطوط الكهرباء القريبة. وتعرضت مدينة خاركيف لقصف شديد في الأسابيع القليلة الماضية.

وقال مصدر بالمخابرات الأوكرانية إن البلاد هاجمت مصفاتي النفط إلسكي وسلافيانسك في منطقة كراسنودار الروسية خلال الليل.

وأفاد بأن هجوما بطائرات مسيرة نفّذه جهاز الأمن الأوكراني تسبب في نشوب حرائق في المنشأتين. وأضاف أن مسيرات أوكرانية هاجمت أيضا مطار كوشيفسك العسكري الروسي في المنطقة ذاتها الواقعة في الجنوب.

ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن مسؤول تنفيذي يشرف على مصفاة سلافيانسك قوله إن المصفاة اضطرت إلى تعليق بعض العمليات بعد تعرضها لأضرار في الهجوم.

وفقدت أوكرانيا نحو 80 في المئة من قدرات الطاقة الحرارية ونحو 35 في المئة من قدرات الطاقة الكهرومائية، حسبما أفاد مسؤولون.

واضطرت السلطات إلى قطع الكهرباء بشكل متكرّر في عدة مناطق لكن التأثير الكامل للهجمات لم يشعر به المواطنون لانخفاض الاستهلاك بفضل الطقس المعتدل.

ووافقت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي على حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا بعد جمود أصاب هذا المسعى في الكونغرس لستة أشهر
استنفدت خلالها كييف مخزونها من الأسلحة.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الجمعة حزمة جديدة من المساعدات لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار، فيما تسعى واشنطن إلى الإسراع في تسليم المساعدات إلى كييف بعد شهور على تعطل إقرارها في الكونغرس.

وقال المسؤول الأميركي في مؤتمر صحفي “هذه أكبر حزمة مساعدات عسكريّة أعلنّاها حتى الآن”.

وأضاف “إنهم (الأوكرانيون) في حاجة إلى دفاع جوي اعتراضي، وأنظمة مدفعية وذخائر. إنهم في حاجة إلى مركبات مدرعة، ويحتاجون إلى الصيانة. لذا فإن كل هذه الأنواع من الأشياء مشمولة” في الحزمة.

ويشمل برنامج المساعدة هذا الدفاع الجوي وأنظمة مكافحة الطائرات بلا طيار فضلا عن ذخيرة المدفعية.

وإذا كان استئناف المساعدات الأميركية سيسمح للجيش الأوكراني باستعادة زمام المبادرة ضد قوات روسيا، فإن الاستعداد لهجوم مضاد سيستغرق وقتا أطول بكثير، حسب ما قدرت مسؤولة عسكرية أميركية الخميس.

وقالت المسؤولة العسكرية الأميركية للصحافيين طالبة عدم كشف هويتها، “لقد قام الأوكرانيون بتقنين ذخيرتهم لفترة من الوقت (…)، لذلك استعاد الروس زمام المبادرة”.

وأضافت أن المساعدات العسكرية من الحلفاء “ستسمح للأوكرانيين بالبدء في استعادة زمام المبادرة”، لكنها “لن تكون عملية سريعة”.

وأوضحت أن استلام الدفعات الجديدة وبدء استعمالها سيستغرق وقتا “لذلك لا أتوقع أي هجوم واسع النطاق قريبا”.

ورحب الرئيس الأوكراني بالخطوة، معتبرا أن ذلك سيسمح لكييف “بتحقيق استقرار على خط المواجهة”.

وفي حديثه في افتتاح اجتماع افتراضي، أشار زيلينسكي إلى أن تأخير الولايات المتحدة في الموافقة على المساعدة الجديدة كان مكلفًا لكييف. وقال “بينما كنا ننتظر قرارا بشأن الدعم الأميركي، تمكن الجيش الروسي من أخذ زمام المبادرة في ساحة المعركة”.

وأضاف “لا يزال بإمكاننا الآن ليس تحقيق الاستقرار في الجبهة فحسب، لكن أيضًا المضي قدمًا وتحقيق أهدافنا الأوكرانية في الحرب”، مشيرًا إلى أن “المدافعين الأوكرانيين في حاجة إلى دعمكم الكافي وفي الوقت المناسب”.

وهذه ثاني حزمة يُعلن عنها هذا الأسبوع، بعد الكشف عن مساعدات بقيمة مليار دولار لكييف الأربعاء. وهما جزء من ميزانية المساعدة البالغة قيمتها 61 مليار دولار لكييف والتي أقرها الكونغرس هذا الأسبوع ووقع عليها لاحقا الرئيس جو بايدن.

وستأتي المساعدات البالغة قيمتها مليار دولار التي أُعلن عنها الأربعاء من مخزونات الجيش الأميركي، أما المعلن عنها الجمعة فستأتي من عقود مع شركات الأسلحة أو من الشركاء، ما يعني أن وصولها إلى ساحة القتال سيستغرق وقتا أطول.

وبعد إصداره الأربعاء القانون الذي ينص على تقديم مساعدات عسكرية واقتصادية لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار، وعد بايدن بإرسال كميات كبيرة من العتاد وبسرعة.

والولايات المتحدة هي الداعم العسكري الرئيسي لكييف، لكن ميزانية الدعم الضخمة تعطلت في الكونغرس لنحو عام ونصف عام، ويرجع ذلك أساسا إلى خلافات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بالإضافة إلى تركيز البيت الأبيض على دعم إسرائيل كأولوية.

وأعلنت واشنطن عن مساعدات لأوكرانيا في حزمة بقيمة 300 مليون دولار في مارس جاءت من ميزانية وزارة الدفاع.

ولاعتماد خطة المساعدة وقع إيجابي لدى الجيش الأوكراني الذي يعاني نقصا في العديد والذخائر في مواجهة الضغط المستمر من القوات الروسية في الشرق.