21 فبراير.. الذكرى الثانية عشرة لآخر يوم في عهد الديمقراطية اليمنية

في مثل هذا اليوم، وقبل 12 عاماً، كان آخر يوم في عهد الديمقراطية اليمنية، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع التي توافد إليها اليمنيون أفواجاً، تتويجاً لعقود من النضال والتضحية.

شهدت اليمن في الحادي والعشرين من فبراير 2012م، آخر يوم للديمقراطية توجّه فيه اليمنيون أفواجا إلى صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار المرشح الرئاسي التوافقي والوحيد عبدربه منصور هادي حاكما للبلاد، خلفا للرئيس علي عبدالله صالح الذي دعا عشية هذا العرس الديمقراطي جميع اليمنيين إلى التوجه نحو الصناديق لتثبيت مداميك الديمقراطية اليمنية.

الرئيس صالح، أكد في خطابه، وفق ما نقلته وكالة سبأ الرسمية -حينها- أن هذا "الحدث يأتي في إطار تنفيذ ما تبنيناه من أجل الانتقال السلمي والسلس للسلطة لإخراج بلادنا الطيبة وشعبنا الصامد الأبي من الأزمة الخانقة والمريرة التي استمرت عاماً كاملاً ونتج عنها توقف عجلة التنمية وتعطيل مشاريع البنية التحتية".

كان الرئيس صالح يدرك حجم المؤامرة على البلاد وما حققته من تقدم ديمقراطي واقتصادي وتنموي وعسكري.. بمحاولة إغراق البلاد في أتون احداث ما يسمى بالربيع العربي عام 2011، والقفز على نضالات وتضحيات ملايين اليمنيين منذ قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، جراء محاولة بعض الأحزاب السياسية في اللقاء المشترك ومليشيا الحوثي، سرقة السلطة بنفس طريقة سرقتها احلام الشباب المعتصم في شارع الدائري بصنعاء للمطالبة بتلبية طموحاتهم ومكافحة الفساد وغيره.

أدرك الرئيس صالح المؤامرة على الوطن والديمقراطية، فاستبقها باعلان تنازله عن السلطة وتسليم مقاليد الحكم عبر البوابة الديمقراطية للتداول السلمي للسلطة (صناديق الاقتراع)، وهو أحد أعظم المنجزات التي حققها حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح طيلة فترة حكمه، وفاءً لتضحيات الملايين في سبيل هذا المنجز.

يقول الرئيس صالح في ذلك الخطاب "إنني على ثقة من تفاعلكم الخلاق مع الانتخابات الرئاسية المبكرة للحفاظ على الشرعية الدستورية.."، في دعوة صريحة للتمسك بالاسس المشروعة للتداول السلمي للسلطة لا أكثر، لا سيما ونتيجة الانتخابات محسومة سلفاً لصالح المرشح الرئاسي الوحيد "هادي"، ولكن دلالات الدعوة تعكس النظرة البعيدة لمثل هكذا قائد، في مساع لمحاولة وأد المخطط التآمري الخبيث على الديمقراطية.

وفي 27 من الشهر نفسه، شهد قصر الرئاسة في العاصمة صنعاء، حفل مراسم تسليم الرئيس علي عبدالله صالح، مقاليد السلطة وعلم الجمهورية اليمنية، رسمياً إلى نائبه عبدربه منصور هادي (المرشح التوافقي)، مخاطباً إياه أمام شاشات التلفزة المحلية والدولية: "اسلم علم الثورة والجمهورية والحرية والأمن والاستقرار إلى يد امنة".

من جهته، اعتبر الرئيس اليمني الجديد أن هذه المناسبة تضع "قواعد جديدة لتبادل السلطة في اليمن".

القوى الظلامية التي أدركت أن جواد مؤامرتها تعثّر في هذه المرحلة، لم تثنها نواياها الخبيثة في معاودة الكرّة، رغم أنها باتت الحاكم الجديد، والسبب إدراكها بأنها لن تنجح في كسب الجماهير إلى صفها لتضارب مشاريعها مع المشاريع الوطنية، فما كان منها إلا أن عكفت على وأد هذا المنجز في مرات عديدة، حتى قررت أن تتناحر فيما بينها على سدة الحكم وتنسف كل ما تم إنجازه طيلة ثلاثة عقود مضت، لتعود بالبلاد إلى نقطة البداية.

اليوم وبعد 12 عاماً على هذا العرس الذي كان مقررا له أن يتكرر بعد عامين من إحيائه، وفق ما نصّت عليه المبادرة الخليجية، يندب اليمنيون حظهم العاثر، وهم يقفون على أنقاض وطنهم وأطلال ديمقراطيتهم.