خلافات أجنحة المليشيات تهدد بتصدع أجهزة القمع والتجسس الحوثية
تصاعدت الخلافات بصورة حادة بين أجهزة المخابرات التابعة لميليشيا الحوثي لدرجة وصلت للاختطافات والتصفيات وتصارع مراكز اتخاذ القرار بين قيادات ما يسمى بالأمن الوقائي من جهة، وقيادات المليشيا فيما يسمى جهاز الأمن والمخابرات من جهة أخرى، والصراع الخفي في إطار التبعية لأجنحة المليشيات وأجندة قياداتها.
وقالت مصادر أمنية لوكالة خبر، إن الخلافات تصاعدت بين قيادات جهاز الأمن والمخابرات، وجهاز الأمن الوقائي، التابع للمليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، على خلفية الصراع على المهام والصلاحيات الممنوحة لكل واحد منهم.
وأوضحت المصادر أن الخلافات المتصاعدة داخل الأجهزة المخابراتية الحوثية، تأتي في ظل تنامي صراع الأجنحة ومحاولة الاستقطاب الحادثة التي تشهدها تلك الأجهزة كباقي مؤسسات الدولة المختطفة بيد المليشيات.
وبحسب المصادر فإن كل جناح داخل المليشيات يسعى للحصول على النفوذ والقرار داخل الأجهزة الأمنية والتجسسية، من خلال تجنيد أشخاص وشراء ولاءات آخرين ودعمهم، وتقاسم النفوذ والمال معهم، مقابل تقديم خدمات معلوماتية، للإضرار بالجناح الآخر.
وأكدت المصادر لوكالة خبر أن الخلافات زادت حدتها بين قيادات الأمن الوقائي والأمن والمخابرات، حيث تم تغيير ضباط حماية القيادات الحوثية خشية التصفيات، في إطار اتهامات متبادلة بالخيانة ونهب للأموال.
وخلال الفترة الأخيرة ظهرت على السطح الخلافات بين الجهازين بعد قيام جهاز المخابرات الحوثية بتولي تأمين العروض العسكرية الأخيرة التي نظمتها المليشيات، حيث حاول كل من نائب رئيس جهاز المخابرات والوكيل المكلف بمهام الرئيس بتحديد وتكليف العناصر التي ستتولى مهام التأمين، وكذا الإشراف على عملية صرف الأموال المخصصة لها وهو ما تسبب في خلافات بينهما وصلت حد قيام نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات عبدالقادر الشامي بتحريض بعض العناصر الموالية له برفض أي توجيهات صادرة من أي شخص غيره.
وتشير المصادر إلى أن مكتب زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي تدخل لتهدئة الخلافات بين الطرفين، مبرراً ذلك بضرورة إنجاز مهمة تأمين العروض العسكرية والاحتفالات بذكرى الانقلاب الحوثي على أن يتم حل الخلافات بينهما لاحقاً، مؤكدة أن نائب رئيس الجهاز عبدالقادر الشامي قَبِل بمقترح مكتب زعيم المليشيات مشترطاً أن يتضمن الحل إما منحه صلاحيات إدارة الجهاز بشكل كامل طيلة فترة غياب الخيواني، أو إقالته من منصبه وتعيين بديل له.
وتحدثت المصادر عن توجه مليشيات الحوثي لإعادة تشكيل أجهزتها المخابراتية وهيكلتها من جديد بسبب تنازع الصلاحيات بين القيادات الحوثية داخل ما يسمى "جهاز الأمن والمخابرات"، وهو أحد الأجهزة التجسسية الأكثر التصاقاً بالحرس الثوري الإيراني.
وبحسب المصادر، فإن الجماعة الإرهابية تسعى لإنشاء 3 أجهزة تجسسية مستقلة عن بعضها، بحيث يكون مهام كل جهاز منفصلاً عن الآخر، كما تسعى لإعادة توزيع بعض القيادات الحالية على هذه الأجهزة وتعيين قيادات جديدة في مهام عليا على رأس الهياكل الثلاثة.
وقالت المصادر، إن مليشيا الحوثي ستعيد عمل جهاز الأمن السياسي بشكل مستقل تحت مسمى "جهاز الأمن الوطني"، إلى جانب جهاز الأمن القومي الذي سيعمل كذراع استخباراتية ذات "مهام سيادية وخارجية"، على حد قولها.
وكشفت المصادر أنه سيتم إنشاء جهاز تجسسي ثالث تحت مسمى "جهاز أمن الثورة" وستكون مهامه مقتصرة على الجانب العسكري والجبهات بقيادة نجل مؤسس المليشيات حسين الحوثي، وهو ما اعتبره مراقبون تهميشا يستهدف ما تعرف بـ"الاستخبارات العسكرية" التي يقودها القيادي الحوثي عبدلله يحيى أبو علي الحاكم الذي يتزعم جناحاً نافذاً داخل الهيكل الهرمي للمليشيات الإرهابية.
أجهزة التجسس الحوثية
ومنذ انقلابها في العام 2014م اتجهت مليشيات الحوثي إلى السيطرة على جهازي "الأمن السياسي" و"الأمن القومي" ومارست بحق ضباط الجهازين ومنتسبيه تنكيلا وحشيا وانتقاميا قبل السيطرة عليهما.
وفي 2019، عمدت مليشيات الحوثي لدمج أجهزة المخابرات في مناطق سيطرتها (الأمن السياسي والقومي) تحت مسمى "جهاز الأمن والمخابرات" وعينت عبدالحكيم الخيواني رئيساً له، وعبدالقادر أحمد قاسم الشامي نائباً له.
فيما أسست المليشيات جهازاً تحت اسم جهاز الأمن الوقائي ينصب عمله على رصد حركة الجماعة وقياداتها، واستعراض تقارير المشرفين الحوثيين، وملاحقة الفارين من الجبهات، وتولي الفصل بين عناصر الجماعة في حالة المواجهات البينية، واعتقال قادة الجماعة ومسؤوليها.
وظلت مليشيات الحوثي تعتمد على ما يسمى جهاز "الأمن الوقائي" للتجسس وللإشراف على يعرف ب"جهاز الأمن والمخابرات" التجسسي بقيادة الخيواني وحتى ما تعتبرها "وزارة الداخلية" بقيادة عبد الكريم الحوثي، فيما ظل أبو علي الحاكم يدير "الاستخبارات العسكرية" باستقلالية نسبية.
ورغم أن مليشيات الحوثي أبقت ما يسمى "الأمن الوقائي" بقيادة أحسن الحمران المرتبط مباشرة بزعيم مليشيات الحوثي للقيام بنفس الدور الأمني الذي یقوم به الأمن الوقائي في حزب الله اللبناني، إلا أنه لم يستطع الفصل بين صراعات ما يسمى "الأمن والمخابرات"، كذلك ظل التناحر قائماً بين قيادات "جهاز الأمن والمخابرات" لا سيما في الأشهر الأخيرة بعد اشتداد الصراع بين نائب رئيس الجهاز عبدالقادر الشامي وما يسمى وكيل الجهاز فواز نشوان.