مئات آلاف الموظفين والمتعاقدين يشكون ضياع رواتبهم بين مطرقة الحكومة وسندان الحوثي
شكا مئات آلاف الموظفين والمتعاقدين والخريجين الجامعيين من فقدان رواتبهم الحكومية ما بين مطرقة وسندان حكومتي صنعاء وعدن، جراء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، وما ترتب عليها من ولادة منظومات فساد تغولت في الحكومتين وجيّر نافذوها الوظيفة العامة لصالح عائلاتهم وأقاربهم والمحسوبين عليهم.
لأكثر من خمس سنوات تمتنع مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانياً عن صرف مرتبات مئات آلاف الموظفين الحكوميين "مدنيين وعسكريين"، في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأكد موظفون حكوميون لوكالة "خبر"، أن المليشيا الحوثية التي تسيطر على كامل مفاصل الدولة في صنعاء، تكتفي بصرف نصف راتب (30 ألف ريال) كل ستة أو ثمانية أشهر، "أي ما يعادل 50 دولاراً بسعر صرف 600 ريال في تلك المناطق"، وبواقع 100 دولار أمريكي في العام الواحد.
ومع أن ذلك المبلغ لا يغطي أجور مواصلات شهر واحد للموظف ذهابا وإيابا من وإلى مقر وظيفته، إلا أن المليشيا الحوثية تُلزم الموظفين بالدوام الرسمي أو إسقاط أسمائهم من كشوفات الخدمة المدنية، وهو نفس الحال بالنسبة للعسكريين، وفقا لموظفين مدنيين وعسكريين.
وتؤكد مصادر اقتصادية، أن المليشيا الحوثية سرحت عشرات الآلاف من الموظفين بعد أن عجزوا اقتصاديا عن توفير ما يغطي أجور المواصلات، واستبدلتهم بآخرين من عناصرها والموالين لها.
وقالت المصادر إن المليشيا المدعومة إيرانياً تجني مليارات الدولارات من إيرادات موانئ الحديدة والمنافذ الجمركية التي استحدثتها في العديد من المحافظات، وضرائب شركات الاتصالات للهاتف المحمول والشركات والبيوت التجارية، علاوة على فوارق أسعار المشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي.
كذلك عائدات الزكاة وضرائب المنشآت الصغيرة، وحملات جبايات واتاوات شبه أسبوعية ذات المسميات المتعددة لا تستثني منها أحداً.
وتتفاقم الأوضاع المعيشية لدى مختلف سكان تلك المناطق مع استمرار ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بعد أن قفز سعر كيس دقيق القمح 50 كجم إلى 20 ألفا، واسطوانة مادة الغاز المنزلي 20 لتراً إلى أكثر من 15 ألفا في مختلف مناطق سيطرتها، ومثلها أسعار الأرز والسكر وزيت الطبخ وغيره، في ارتفاع تخطى خمسة وستة أضعاف ما كانت عليه قبل انقلاب المليشيا الحوثية في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م.
فساد ومحسوبية
وتمتد ذات المعاناة إلى المناطق المحررة، مع فوارق بسيطة لم تنجح في تغيير الأوضاع المعيشية لملايين المواطنين إلى الأفضل في ظل تغول الفساد والمحسوبية في عمق الحكومة الشرعية.
فبحسب موظفين حكوميين، لم يشهد صرف المرتبات الحكومية أدنى درجات الانتظام، علاوة على فقدانها نحو 500 في المئة من قيمتها، وارتفاع لأكثر من 800 في المئة في أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية.
وفي الوقت الذي يرقب المواطن التماس تحسين الوضع وإعادة تطبيع الحياة في المناطق المحررة على أقل تقدير إلا أن الفشل وتغول الفساد في منظومة الحكومة الشرعية هو السائد، ذلك ما زاد من فقدان ثقة الملايين بها، بحسب سكان محليين.
وبحسب مصادر محلية في عدن والمناطق المحررة، لم تتوقف منظومة الفساد المتغولة في الحكومة عند الجانب الاقتصادي وما لحق به من انهيار مدمر، بقدر ما طال الجانب الإداري بعد أن خصخص نافذون عمليات التوظيف لصالح عائلاتهم وأقاربهم والمحسوبين عليهم، والاكتفاء بإدارة البلاد من خارجها.
وتضيف المصادر، إن آلاف الموظفين والمتعاقدين الحكوميين لفترة ما قبل الانقلاب الحوثي غير قادرين على الحصول على وظائفهم ومرتباهم لاعالة أنفسهم وعائلاتهم منذ نزوحهم إلى عدن وبقية المناطق المحررة في العام 2018، في حين فشل آلاف آخرون من خريجي الجامعات بالوصول إلى استحقاقاتهم القانونية في ظل إغلاق الحكومة أبوابها في وجوه المواطنين وعملها من خارج البلاد.
في سياق متصل، ناشد خريجو الدفعة الأولى لقسم العلوم السياسية في جامعة عدن، رئيس مجلس القيادة الرئاسي بإنصافهم وعدم تهميش الخريجين من أبناء المحافظة إنصافا لما قدموه من دور في خدمة الوطن، سيما خلال السنوات الأخيرة.
وطالبوا في مناشدة لهم، يوم الجمعة، منحهم أولوية التوظيف لكونهم أول دفعة في قسم العلوم السياسية تتخرج من جامعة عدن والمحافظات المحررة، ومنح الشباب من ذوي المؤهلات الجامعية بشكل عام فرص إثبات أنفسهم وخدمة وطنهم.
كما طالبوا بدعم الشباب الجامعي من التمكين بالمساهمة في إنعاش وإعادة تأهيل البنية التحتية في البلاد.
ومنذ بداية الحرب في البلاد استحوذ نافذون في حكومتي صنعاء وعدن على الوظيفة العامة وخصخصوها لأقاربهم والمحسوبين عليهم في حين حُرم آلاف الموظفين والمتعاقدين وكذلك الخريجين الجدد من فرصة العمل والرعاية الحكومية، كاستحقاق كفله قانون الخدمة المدنية والدستور اليمني.
وتفاقمت الأوضاع المعيشية في البلاد ككل وأصبح نحو 80 في المئة من إجمالي السكان البالغ 30 مليون نسمة تقريبا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفقا لتقارير أممية، وسط تحذيرات دولية من خطوة واحدة تفصل ملايين اليمنيين عن مجاعة مرتقبة.