مجلة أمريكية: سقوط مأرب بيد الحوثيين سيمثل أسوأ سيناريو

كشفت مجلة أمريكية، عن النوايا السعودية خلال السنوات الأخيرة حول مستقبل اليمن، وكيف يتربص له العدو الإيراني عبر أذرعه "الحوثية"، مشيرة إلى أن سقوط مأرب سيمثل أسوأ سيناريو، وسيظل الوضع الإنساني حرجاً، مؤكدة أنه ما يزال ممكنا توحد الحكومة مع الفصائل المعارضة للحوثيين لشن هجوم مضاد.
 
وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إنه "في السنوات الأخيرة، انخرط السعوديون فيما كانت، بكل المقاييس، محادثات حسنة النية حول مستقبل اليمن، بما في ذلك مع العدو اللدود إيران، لكن في الواقع ليس لدى الحوثيين حافز كبير للجلوس على طاولة المفاوضات عندما تكون حكومة هادي وحلفائها المحليين منقسمة وغير مسلحة بشكل كافٍ، وكثيراً ما تقاتل بعضها البعض".

وأكدت المجلة، في تقرير صحفي، "أن ميل الحوثيين نحو الحل العسكري بدلاً من حل تفاوضي يؤتي ثماره، بعد عامين من حملتهم العسكرية في مأرب، وإذا ما حققوا انتصارا فسيكون بالتأكيد باهظ الثمن - فقد أفادت الأنباء أن الحوثيين فقدوا آلاف الجنود، والعديد منهم أطفال، في هذا الجهد - لكنه سيمثل نقطة تحول".

وعن السيناريو المحتمل في محافظة مأرب التي تتعرض لهجوم عسكري واسع من مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا، وما تفرضه من حصار خانق على سكان قراها مصحوب بقصف المسيرات والصواريخ، سيما ومأرب تمثل أحد أهم المعاقل التي تبقت تحت سيطرة الحكومة الشرعية، قالت المجلة إنه "في حال هزموا (الحوثيون) القوات اليمنية في أحد معاقلها الرئيسة الأخيرة في الشمال وسيطروا على مراكز الطاقة في اليمن، سيكون الحوثيون قد انتصروا في الحرب".

وفي تحذير لها من كارثية الوضع الإنساني حال سقوط مأرب بيد المليشيا الإيرانية، قالت، "بالنسبة للشعب اليمني والرياض وواشنطن، فإن سقوط مأرب سيمثل أسوأ سيناريو، فحتى لو انتهت الحرب، سيظل الوضع الإنساني حرجا، حيث لا يزال ثلثا سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليونا يواجهون المجاعة ويعتمدون على برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة للحصول على القوت اليومي".

وأضافت، وفي الوقت نفسه، سيستولي وكلاء إيران على دولة عربية أخرى، وستظل السعودية عرضة لهجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار من جارتها الجنوبية.

وفي الوقت الذي وقعت إدارة بايدن في وحل الحرب الأفغانية بعد فشل الحكومة المدعومة من لديها، مما دفعها إلى المغادرة، تخشى الإدارة نفسها من تكرار السيناريو في حرب اليمن، سيما مع الفشل الذريع للحكومة واستمرار انهيار العملة الوطنية بصورة يومية، وتركها أثرا سلبيا بين ملايين المواطنين.

وأكد تقرير المجلة، أن اليمن يعد "جحيماً آخر بالنسبة لإدارة بايدن، فكما هو الحال مع أفغانستان، من المرجح أن تواجه الحكومة الأمريكية قريبا تحدي دولة فاشلة أخرى تقودها منظمة إسلامية متشددة بأوهام الألفية، حتى لو كان الحوثيون شيعة اسميا".

ويتوقع أن تكون "العواقب المحتملة كبيرة"، وانه "ليست فقط إمكانية أن يستمر الحوثيون في استهداف حلفاء الولايات المتحدة في الخليج عسكريا، ولكن إذا خسر التحالف السعودي المتأرجح مدينة الحديدة اليمنية وبقية ساحل البحر الأحمر، يمكن للحوثيين بسهولة أيضا تعطيل أكثر من 6 ملايين من براميل النفط والمنتجات البترولية التي تمر يوميا عبر أحد الممرات الرئيسية في العالم، وهو مضيق باب المندب".

وكشف التقرير عن احتمالات تدخل إدارة بايدن في انتصار الحوثيين بمأرب وزحفهم على المحافظة النفطية. وقال، "مهما كانت الظروف أو النتائج، تنعدم احتمالات أن تحاول إدارة بايدن إحباط انتصار كامل للحوثيين، إما من خلال العمل مع السعوديين لتسليح وتنظيم حكومة هادي وحلفائها المحليين بشكل أفضل أو عن طريق إصدار أمر للجيش الأمريكي بالتدخل المباشر".

ولم تستبعد المجلة في تقريرها تدخل إدارة بايدن في حماية خطوط الملاحة، "بعد النهاية المحتملة للحرب"، بحسب قولها، حيث "سيكون من واجب الولايات المتحدة احتواء الأذى الإيراني في اليمن الخاضع لسيطرة الحوثيين، والحفاظ على سلامة الشحن في البحر الأحمر، وتقويض طموحات الحوثيين الإقليمية".

وأشارت الصحيفة أنه "على الرغم من الكراهية الواضحة للرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه ولي العهد السعودي، فإن أول عمل تجاري سيكون تعزيز القدرات الدفاعية للمملكة. فعلى مدى العامين الماضيين، حسنت السعودية بشكل ملحوظ قدرتها على مواجهة تهديد الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار".

مضيفة، "لكن للاستمرار في القيام بذلك، ستطلب الرياض التزاما أمريكيا بتجديد ترسانتها الدفاعية، بما في ذلك بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ والصواريخ المضادة للطائرات المستخدمة لاستهداف الطائرات بدون طيار".

وترى المجلة أن قرار إدارة بايدن بإلغاء قرار إدارة سلفه دونالد ترامب بتصنيف الولايات المتحدة لمليشيا الحوثي الإرهابية "منظمة إرهابية"، احجم من فرص الحلول مع المليشيا.

تقول المجلة، إن "ثمة خطوة أخرى تتمثل في قيام بايدن بإعادة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وهو التصنيف الذي ألغاه عند توليه منصبه".

وتضيف في معرض تقريرها الصحفي، "في الواقع، كان وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو محقا عندما وصفهم رسميا بالإرهابيين. فالجماعة تقصف عمدا المستشفيات وتجند وتنشر جنودا أطفالًا، وفي 30 ديسمبر 2020، حاولت قتل جميع أعضاء الحكومة اليمنية".

وترى أنه "إلى جانب المساعدة الدفاعية الثنائية للسعوديين، يجب على إدارة بايدن أن تسرع - بدءاً من الآن، تحسباً لنهاية الحرب - بإنشاء آلية أمنية متعددة الأطراف في البحر الأحمر لاعتراض شحنات الأسلحة غير المشروعة، ووقف الاتجار بالبشر وغيره، ومنع مضايقة الشحن، بما في ذلك زرع الألغام، في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر".

واستطرد، "لمنع إيران من استكمال مشروعها بالكامل لإعادة إنشاء كيان شبيه بحزب الله على الجبهة الجنوبية للمملكة بمجرد سيطرة الحوثيين، ستحتاج إدارة بايدن إلى إعادة تنشيط حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2015 على اليمن".

ولفتت إلى أهمية الحظر الجوي على المليشيا مضافا إليه حزمة إجراءات تشديدية للحد من عمليات تهريب المليشيا للأسلحة، حيث ترى المجلة أنه "سيتطلب ذلك جهودا مستمرة وإضافية للحظر البحري بالإضافة إلى إنفاذ الحظر المفروض على الحركة الجوية لمنع تهريب المعدات العسكرية الإيرانية المتقدمة".

ولفت إلى أنه "في حال فشل إدارة بايدن، فإن الخطر ليس فقط أن المزيد من الأسلحة الإيرانية سيتم توجيهها اليمن، بل إن الأسلحة الإيرانية ستصل إلى الرياض".

وأشارت إلى أنه "لا يزال من الممكن أن تتحد حكومة هادي مع الفصائل اليمنية المعارضة للحوثيين لشن هجوم مضاد، على أن يبدأ السعوديون بقوة في تسليح اليمنيين في مأرب لمنحهم فرصة للفوز، وإلا ستنعكس المغانم بشكل كبير".