"مواجهة مسلحة محتملة" تحتدم.. تايوان تشعل الصراع بين القوى الدولية

بلغ التوتر مستوى مرتفعا جديدا بين تايوان والصين التي تكثف الضغوط العسكرية والسياسية لإجبار تايبه، المتمتعة بحكم ديمقراطي، على قبول السيادة الصينية، الأمر الذي يرفضه أغلب سكان الجزيرة البالغ عددهم حوالى 23 مليون نسمة.

والخميس، أكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن الولايات المتحدة ستدافع عسكريا عن تايوان إذا ما شنت الصين هجوما على هذه الجزيرة التي تعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيها.

وردا على تصريحات بايدن، طالبت الصين، الجمعة، من واشنطن التصرف بحذر بشأن تايوان، وقالت وزارة الخارجية الصينية: "لا مجال للمساومة".

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والصين، الدولتين النوويتين والقوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، تخوضان حربا باردة في عدد من الملفات الخلافية بينهما، حسبما تقول فرانس برس، فإن خلافهما بشأن تايوان يُعد القضية الوحيدة التي يُحتمل أن تثير "مواجهة مسلحة" بينهما.

"جمهورية الصين"

وتقول تايوان إنها دولة مستقلة تسمى جمهورية الصين، وهو اسمها الرسمي. 

وتأسست جمهورية الصين في 1912، وفرت حكومتها إلى تايوان في 1949 بعد هزيمتها في حرب أهلية مع الشيوعيين الذين أسسوا جمهورية الصين الشعبية المعروفة حاليا.

ومنذ 75 عاما، يدير تايوان نظام لجأ إلى الجزيرة بعد سيطرة الشيوعيين على الحكم في الصين القارية إبان الحرب الأهلية الصينية.

وتحتفل تايوان بالعاشر من أكتوبر، وهو اليوم الذي يوافق بدء الثورة المناهضة للإمبراطورية في الصين، باعتباره عيدا وطنيا لها.

لكن بكين تنظر إلى تايوان باعتبارها إقليما تابع لها، مؤكدة أنها عاجلا أم آجلا ستستعيد الجزيرة، وبالقوة إذا لزم الأمر.

وتعرض الصين على تايوان نموذج الحكم الذاتي "دولة واحدة ونظامان"، وهو يشبه إلى حد كبير النموذج الذي تستخدمه مع هونغ كونغ، لكن جميع الأحزاب التايوانية الرئيسية ترفض ذلك، خاصة بعد الحملة الأمنية التي شنتها الصين في المستعمرة البريطانية السابقة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تمنع الصين الجزيرة من المشاركة في أغلب الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة، قائلة إنها يجب ألا تحظى بمعاملة دولة.  وبسبب الضغوط الصينية تعزف الكثير من البلدان عن استضافة وزراء تايوانيين.

وتمثل الصين تايوان دوليا، لكن حكومتها المنتخبة ديمقراطيا تقول إن شعبها وحده له الحق في التحدث باسمها في المحافل الدولية، وإنها ستدافع عن حرياتها وديمقراطيتها، وتلقي باللوم على الصين في التوتر.

حليف أميركي

ورغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وتايبه في 1979 بعدما اعترفت الأخيرة ببكين ممثلا رسميا ووحيدا للصين، لا تزال الولايات المتحدة أقوى حليف لتايوان ومزدها الأول بالأسلحة.

ويلزم الكونغرس الإدارة الأميركية ببيع الجزيرة أسلحة لتمكينها من الدفاع عن نفسها. 

ومؤخرا أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ رغبته بأن يعاد "سلميا" توحيد الجزيرة مع البر الصيني، ورغم ذلك تحاول بكين بين الحين والآخر استعراض قوتها العسكرية على جانبي مضيق تايوان.

وفي سبتمبر الماضي، اخترقت أجواء تايوان 19 طائرة صينية، من بينها 12 مقاتلة من طراز جيه-16 وقاذفتي قنابل بقدرات نووية من طراز إتش-6. وبعد عدة أيام، كررت بكين نفس الواقعة لكن بتوغل أضخم احتفالا بعيدها الوطني.

وبعد تحليق هذه الأعداد القياسية من الطائرات الصينية في منطقة الدفاع الجوي للجزيرة، قال وزير الدفاع في تايوان، تشيو كو-تشنغ، إن التوتر العسكري مع الصين عند أسوأ مستوياته في أكثر من 40 عاما.

وقال تشيو إن الصين لديها القدرة بالفعل على غزو تايوان، وستكون قادرة على القيام بغزو "شامل" بحلول 2025، مضيفا "تمتلك القدرة الآن، لكنها لن تبدأ حربا بسهولة، حيث سيتعين أن تضع في الحسبان أشياء أخرى كثيرة".

ومنذ عام أو أكثر، تشكو تايوان من مهام متكررة للقوات الجوية الصينية بالقرب منها، وخاصة في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة الدفاع الجوي الخاصة بها، بالقرب من جزر براتاس الواقعة تحت سيطرة تايوان.

وقال وزير الدفاع التايواني إن تايبه بحاجة لامتلاك أسلحة دقيقة بعيدة المدى لردع الصين التي تطور منظوماتها سريعا لمهاجمة الجزيرة.

واقترحت تايوان، في سبتمبر الماشي، إضافة تسعة مليارات دولار للإنفاق الدفاعي، على مدى السنوات الخمس المقبلة، بما يشمل شراء صواريخ جديدة، ونبهت إلى الحاجة الملحة لتحديث أسلحتها في مواجهة "تهديد شديد" من جارتها العملاقة الصين.

وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، سيتم توجيه معظم الإنفاق العسكري الخاص في تايوان لامتلاك أسلحة بحرية منها أسلحة مضادة للسفن، تشمل أنظمة صواريخ يتم نشرها على البر.

وبشكل شبه شهري، تعبر السفن الحربية الأميركية مضيق تايوان، رغم معارضة الصين.

وفي الفترة الأخيرة، انضم حلفاء الولايات المتحدة إلى هذه العادة، حيث أبحرت الشهر الماضي فرقاطة بريطانية في مضيق تايوان خلال طريقها إلى فيتنام، كما عبرت فرقاطة كندية المضيق، منذ أسبوعين، الأمر الذي ندد به الجيش الصيني.

يذكر أنه في مارس الماضي، حذر قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، الأدميرال فيليب ديفيدسون، من أن الصين قد تغزو تايوان، في غضون ست سنوات، لتحقيق هدفها المعلن بالحلول محل الولايات المتحدة كأكبر قوة عسكرية في المنطقة.